أهازيج، يمتد تاريخها لأكثر من 100 عام، يرددها أطفال المدينة المنورة بصفة خاصة، والحجاز عامة، في النصف الثاني من شعبان من كل عام، حيث اعتاد الصبيان التجول بين الأحياء والحواري في جماعات، وترديدها فرحا بقرب رمضان، ويقول مطلعها:

سيدي شاهن يا شربيت

خرقه مرقه يا أهل البيت

أما جواب ولا تواب

ولا نكسر هذا الباب

لولا خواجه.. ماجينا

ولا انطاحت.. كوافينا

يحل الكيس ويعطينا


تقليد عريق

يتجول الأطفال في الأحياء ومعهم «القف»، وهو أشبه بالإناء، ليحملوا فيه الهدايا والحلوى والنقود التي يحصلون عليها من البيوت التي يجوبونها. وأمام هذا التقليد العريق الذي توارثته الأجيال، لا يجد الأهالي بدا من توفير ما يمكن من الحلوى والنقود، سعيا إلى إدخال الفرحة والبهجة في نفوس الأطفال، وتخليدا لهذا الموروث العريق.

ويعود هذا التقليد، الذي يرجح أن عمره أكثر من 100 عام بكثير، إلى رجل من أصول تركية، اعتاد قبيل حلول رمضان توزيع الحلوى والهدايا على الأطفال، ابتهاجا بقرب حلول الشهر المبارك، واستمر على ذلك لسنين، لتتحول هذه العادة إلى تقليد استقر في وجدان أهالي المدينة المنورة، ينتقل معها من جيل إلى آخر.

الشعبنة

هذا التقليد امتزج مع غيره من التقاليد الاجتماعية الأخرى التي دأب أهالي المدينة المنورة على إحيائها في النصف الثاني من شعبان، والتي تعرف مجازا بـ«الشعبنة» -نسبة إلى الشهر- إذ يحرص الأهالي على الزيارات فيما بين الأسر، وإقامة المناسبات الاجتماعية التي تكون غايتها تأصيل الروابط الأسرية، وتعميق أواصر القربى، حيث تقام الولائم والأطباق الشعبية الدارجة في المجتمع المديني، ومن ذلك المنقوش والفشار والسمبوسة والفرموزة والبلية والهريسة، إلى جانب الحلويات مثل المشبك واللدو وغيرها.

موروث متجذر

يبدو أن «الشعبنة» فرضت نفسها كمورث متجذر في المجتمع المديني، ويتجلى ذلك في الاستعداد المبكر للمتاجر والأسواق التي تحرص في منتصف شعبان على توفير وعرض المنتجات التي تلاقي رواجا بين المستهلكين في هذا الشهر خصوصا. وسعيا إلى تحقيق أرباح وعوائد مالية، تحرص المتاجر ومحلات الحلوى على إطلاق حزمة من التخفيضات الدعائية، غايتها استقطاب العملاء.