البيان الأخير


البيان الأخير

أمل محمد الحسن

قال رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان في بيانه الذي تلاه على الشعب السوداني صباح انقلابه على الشرعية الدستورية بالبلاد في الـ25 من اكتوبر الماضي؛ إنه اتخذ تلك الإجراءات حرصاً منه على ثورة ديسمبر، وأكد على أن الشعب السوداني يستحق أن يطبِّق شعارات ثورته.

وأشار البرهان إلى أن ما وصفه بـ(الإجراءات التصحيحية) جاءت بسبب “تشاكس” القوى السياسية وتكالُبها على السلطة ودعوتها للعُنف والاصطفاف القبلي والجهوي.

ومنذ صباح الانقلاب؛ خرجت جماهير الشعب السوداني ذاتها رافضةً للانقلاب ومطالبةً بعودة الحكم المدني الديمقراطي. واستمرت الجماهير طوال 5 أشهر كاملة؛ في الخروج والتظاهر السلمي يوماً تلو الآخر بلا كللٍ ولا ملل حتى مليونية 24 مارس.

واجه البرهان تلك التظاهرات بالقمع المفرط، واستخدام الرصاص الحي حتى سقط 90 شهيداً وشهيدة، آخرهم شاب في العقد الثاني من عمره بمدينة ود مدني.

ممارسات السلطة الانقلابية أعادت إلى الأذهان ذات العنف الذي واجه به النظام السابق المواطنين السودانيين الشرفاء في جميع ربوع البلاد؛ قتلاً وسحلاً واغتصاباً حتى صار له سجل أسود في تاريخ السودان، جعل الشعب يهتف (الجوع ولا الكيزان)!

طوال عامين من حكم الفترة الانتقالية؛ لم يشعر الشعب السوداني بالرضا التام عن عمل حكومتي رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك. وخرج في مواكب مطالباً بالعدالة وتحسين الأوضاع المعيشية. لكنه كان يخرج وفي قلبه “بذور” الأمل منثورة بأنه وضع أقدامه في بداية الطريق الصحيح، وأن خيرات البلاد ستعود إليه حتماً، وأن الأجيال المقبلة ستحيا حياةً أفضل من تلك التي عاشها آباؤهم.

نزع البرهان تلك البذور قبل الإنبات من جذورها، وأهدانا بدلاً عن الزهر والتمر رصاصاً وقنابل وترويعاً أمنياً وتدهوراً معيشياً وشظفاً ومكابدة.

ما تفعله القوات النظامية اليوم؛ في قلب العاصمة الخرطوم من اغتصاب واعتداءات جنسية على النساء والرجال، ومن نهب المواطنين وضربهم وإهانتهم ومن ترويع الآمنين في بيوتهم وطرقاتهم، تحت عيون الكاميرات التي توثق وتسجِّل دون مساءلة وعقاب، لهو كابوسٌ مرير يُنذر بقادمٍ أشد حلكةً من الليل البهيم!

كل ما يحدث من خراب وتقهقهر على كافة المستويات يجعل من مبرِّرات البرهان التي ساقها خيوط عنكبوت واهية تؤكد عزمه إعادة الأمور إلى عهد الإنقاذ الأسود خاصةً مع توليته لكافة منسوبي ذلك النظام لكراسي السلطة ولا ينقص المشهد الآن سوى رقصة هازئة من سادن الإنقاذ البشير على جماجم الشهداء!

ماذا يريد البرهان؟ سلطة مطلقة وكرسي يحقِّق حلم والده؟

إن الشعب السوداني الذي هزم خوفه من السلطة الأمنية التي اغتصبت وقتلت مربي الأجيال أحمد الخير، وحرقت بيوت أهل دارفور وقتلت الآلاف منهم؛ لن يخاف اليوم من شراكة البرهان والدعم السريع، وسيواصل الخروج والرفض والهتاف ملء جوفه حتى تعود السلطة إليه و(السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد يتحل).

على البرهان الإسراع بالاعتذار لشعب السودان العظيم، وتلاوة بيانه الأخير الذي ينهي كافة الانقلابات العسكرية في البلاد، قبل أن تنفلت الخيوط المتراخية بين يديه وتتحوّل البلاد لساحة حرب ويغرق الناس في برك الدماء ويصعد بدلاً عن البشير لأعلى قائمة الديكتاتوريين الدمويين الذين مرّوا على البلاد. وينقلب حلم والده إلى كابوس!

تاريخ الخبر: 2022-03-25 00:23:28
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:24:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

هذه أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق هدنة في غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:25:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية