«محمد بن سعد» مدرب تقني وتأهيلي لفاقدي البصر، نظم دورات كثيرة للمكفوفين منذ 11 عاما حتى اليوم أغلبها تقنية، كذلك هو ناشط في الجانب التوعوي بالمكفوفين، وقال: لدي قناعة بأن جميع المشكلات التي نواجهها نحن كمكفوفين يكون لعدم الوعي جانب فيها، فهناك مفاهيم مغلوطة لدى عامة الناس أسعى إلى تصحيحها، بجانب السعي إلى نشر الوعي بفاقدي البصر، فأود أن أريهم أنه إذا غاب البصر فبدائله موجودة، وأن العمى ليس النهاية، وهذه رسالة للجميع من بينهم بعض الأهالي الذين قد يرزقون يوما بطفل كفيف.
وعن بداية فقدانه للبصر، أضاف: بدأ الأمر بخطأ طبي بعد الولادة بفترة بسيطة جدا، بسببه فقدت بصري، عشت طفولة أعدها سعيدة ولا أتذكر أن هناك أمرا يقوم به الطفل المبصر لم أقم به، فقد كان أهلي دوما يحضرون لي القصص المصورة، وإما أن يلصقوا عليها صور الشخصيات كي أتحسسها، أو يقومون بقص الشخصية من نفس القصة لكي أتلمس أبعادها قدر الإمكان، حتى ألعاب الفيديو علموني كيف ألعبها، وكنت حقا قادرا على اللعب.
وتابع: كنت أحاول قدر الاستطاعة أن أتحصل على بدائل تغنيني عن فقد البصر، الذي طبعا لم أشعر بفقده، فهذه إحدى الأفكار المغلوطة، أن الكفيف حزين أو محبط، لكن الحقيقة أنه لا يعرف عن البصر إلا أنه كلمة من ثلاثة أحرف، وفي الأعوام العشرة الأخيرة، كانت هناك قفزة كبيرة لصالح المكفوفين، وأصبح هناك العديد من البدائل التي تغنيهم عن أمور لم يتمكنوا من فعلها لأنهم فاقدو البصر، فالتقنيات والذكاء الاصطناعي أخذا مكانا كبيرا في حياة المكفوفين.
وأشار إلى أن للمجتمع الدور الأساسي في تشجيع ذوي الإعاقة، قائلا: التشجيع موجود ولكن المجتمع -من وجهة نظري- بحاجة إلى أن يرى عينات من المكفوفين في وسائل التواصل الاجتماعي يسهمون في نشر الوعي، ولا أستطيع إلقاء اللوم هنا على الشخص المبصر، فقد يكون لم ير في حياته سابقا شخصا كفيفا، وقد يكون شاهدهم فقط المسلسلات التي قد تصورنا بشكل خاطئ، فقد أصبحوا عندما يرغبون في جلب شخصية كوميدية في المسلسلات العربية يجلبون كفيفا لباسه غريب، ويتكلم بطريقة غريبة أحيانا.
وأردف قائلا: نحن بحاجة اليوم إلى وجود أشخاص من المكفوفين يقومون بتوعية بقية الناس والمطالبة باحتياجاتهم، فليس هناك قصور بالمكفوفين، ولدي قناعة بأن المجتمع متى ما رأى موهبة حقيقية سوف يغير رأيه، والدليل على كلامي أنني موظف في أحد المستشفيات، وأعمل في الهندسة الصوتية للبودكاست، وجميع أعمالهم الصوتية التي يحتاج الناس إليها، أنا أقوم بالمونتاج والميكساج كذلك، وهم لم يوظفوني لأني لا أرى، بل لأني أجدت أعمالي في المجال الذي أعمل به وهو هندسة الصوت.
وعن الهوايات التي يمارسها، قال: أنا عازف بيانو، أحب هدوء هذه الآلة، بدأت العزف منذ أن كنت طفلا ببيانو الأطفال اللعبة، وكلما كنت أكبر كانت الآلة تكبر معي.
واختتم بقوله: حياتك غالية لا تتعامل معها كأيام تتلوها أيام، بل استمتع واستشعر بأنك سوف تعيش مرة واحدة فقط، كما أني متأكد وكلي ثقة أن للمعاقين أماكنهم برؤية المملكة.
