ترحال صناعات أوروبية .. فرصة لتنويع اقتصاد المملكة


ما يدور على الأرض الأوكرانية، ساعد أوروبا لكي تستفيق على حقيقة أهمية مصادر الطاقة الأحفوري لمنظومة صناعاتها، ولتنتشر عدوى القلق من احتمالات عدم استقرار واستدامة إمدادات النفط والغاز لها مستقبلا، مما جعل البعض في مختلف قطاعات الصناعة في أوروبا يفكرون جديا في البحث عن مناطق تتمتع بوفرة مصادر طاقة آمنة في إمداداتها، لنقل إنتاجهم أو أجزاء منه لتستوطن هناك، بغية التخفيف من عامل المخاطرة التجاري الذي يلوح براياته في وجه القارة العجوز.

يدعم هذا التوجه عوامل مقلقة أخرى مثل العقوبات التي فرضتها العديد من دول الاتحاد الأوروبي على بعض من لهم مصالح في روسيا (والخوف من توسعها)، مما قوض من مصداقية بيئة الاستثمار في الغرب بسبب اهتزاز موثوقية ضمانات الأموال والممتلكات الخاصة والتي رهنت قسرا بالنزاعات السياسية، وارتفاع كلفة المعيشة في أوروبا، واحتمالية مواجهة أوروبا لأزمة أخرى قادمة بسبب النزاع الأمريكي مع الصين.

من الجانب الآخر، توجد عوامل محفزة تدخل ضمن دائرة تشجيع الانتقال لمناطق عدة كمواقع آمنة للعديد من الأعمال التجارية والصناعية الأوروبية، ولكن أهمها تتواجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كخيار هو الأكثر جاذبية، ففيها أسواق مالية متفوقة العوائد على نظيراتها عالميا، وموقع متوسط ووفرة مصادر طاقة وثراء في الموارد الطبيعية، مما يدعم جدوى نقل بعض قطاعات الصناعات الأوروبية للمنطقة من المعتمدة في تصنيعها على مثل هذه العوامل.

الانتقال للمنطقة حاصل منذ فترة وإن سيتسارع مستقبلا، فهناك صناعات أوروبية ولأسباب عديدة قد انتقلت – أو توسعت أعمالها – في دول في المنطقة مثل مصر والإمارات، فالمسببات مشجعة لمثل هذه الخطوة، كمرونة التشريعات في الإمارات أو وفرة العمالة الماهرة الفنية والإدارية في مصر، وأيضا موقعهما الجغرافي المفتوح للتصدير، وكلها عوامل جذب مشجعة لا تقاوم، خاصة أن رأس المال دائما يبحث عن المواقع التي تدعم أرباحه واستقراره واستدامته.

حاليا وفي هذا المضمار، تظهر المملكة كالمنافس الأقوى في المنطقة لجذب العديد من الفرص الصناعية في أوروبا، وفي مجالات تتناغم مع متطلبات واحتياجات الطرفين في الصناعات الأوليّة، فعلى سبيل المثال توجد الصناعات الاستخراجية للمعادن، والإنتاج المرتبط بالثروة الحيوانيّة والسمكية والزراعية، وأيضا الصناعة التحويلية المعنية بتحويل المواد الخام إلى مواد استهلاكية أو مواد تستعمل في صناعات أخرى، ومن أهمها صناعة المنتجات الكيميائية العضوية وغير العضوية، والمواد الكيميائية الدقيقة، والأدوية، وغيرها من مواد التي تحتاج تأمين إمدادات مواد بتروكيميائية أساسية، وصناعة المعدات الطبية، والسلع الصيدلانية وهما من ضمن أكبر الصادرات على مستوى العالم، وصناعة السيارات أو أجزائها، ومواد البناء، والصناعات الخفيفة التي لا تتطلب مهارات يدوية، مثل صناعة الملابس والنسيج التقني.

المملكة لا تنقصها الحوافز لتنويع مسارات اقتصادها وزيادة قدراتها التنافسية، فدعم نموها الاقتصادي وتنميتها الاجتماعية من خلال فتح أبوابها للصناعات الأوروبية الراغبة في الانتقال سيساهم في عملية الازدهار المشترك مع دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما أن رؤية المملكة 2030 لا تؤمن بريع البيع المفرط للموارد الطبيعية الخام في الخارج الذي لا يحفز على تطوير اقتصاد محلي منتج وقوي، وعليه فقد ألغت نهج الاقتصاد الريعي الخالص ولا رجعة للماضي.

الفرصة اليوم سانحة لجذب العديد من الصناعات الأوروبية للمملكة، وهذا بالطبع يحتاج لمبادرة نوعية، استباقية وجريئة من الجهات ذات العلاقة، والتي وبكل تأكيد تعي حقيقة أن لا أحد يأتي قبل أن يُؤتى له بخطاب فيه وضوح مشاركة المنفعة، وتشريعات مرنة وحديثة، و بسلوك لا يعرف البيروقراطية، فالاختيارات أمام الصناعات الأوروبية الراغبة في الانتقال للمنطقة متوفرة وعديدة أمامها.

* نقلاً عن صحيفة "مال".

تاريخ الخبر: 2022-03-31 12:16:33
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 94%
الأهمية: 96%

آخر الأخبار حول العالم

هكذا كانت ردة فعل عائلة الدكتور التازي بعد النطق بالحكم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:03
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

فرحة عارمة لابن الطبيب التازي بعد الإعلان عن مغادرة والده للسجن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:00
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

هكذا كانت ردة فعل عائلة الدكتور التازي بعد النطق بالحكم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:08
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

فرحة عارمة لابن الطبيب التازي بعد الإعلان عن مغادرة والده للسجن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية