وتعتبر تونس منطقة حمراء جراء ارتفاع المخاطر الناتجة عن التدخين والمصنّفة من قبل الجمعيّة الأوروبيّة لأمراض القلب.
نظّمت منصّة «ماد.ت ان» مائدة مستديرة مساء يوم الخميس للحديث عن مضار التدخين وسبل التقليل من مخاطره، بحضور كل من الدكتور الأخصائي في أمراض القلب والشرايين، ذاكر لهيذب، والدكتورة المختصّة في الاضطرابات النفسية والجنسية وعلاج الإدمان، يسرى الجملي والدكتور الأخصّائي في الأمراض النفسيّة والجنسيّة، أنس العويني.
وقد أكّد الدكتور، ذاكر لهيذب على مخاطر التدخين الذي أصبح العامل الأوّل والمتسبّب في الجلطات وأمراض القلب والشرايين، وفي أغلب الأحيان لا تسبّب الأمراض الناتجة عن التدخين الموت المباشر بل تؤثّر على الحالة الصحيّة للمدخّن وتبقيه في حالة خطرة على الأقلّ بين 20 و25 سنة من عمره. كما أشار إلى أن نسبة عدد المرضى بالقلب جرّاء التدخين، أصبحت 66% أي ثلثي المرضى وقد تغيّر معدّل أعمار المدخّنين في أواخر السنوات، إذ أصبح العديد مدمنين على التدخين في عمر مبكّر بين العشرينات والثلاثينات وهذا ما يسبّب ارتفاع حالات الإدمان خاصّة حالات التدخين الثقيل أي بمعدّل أكثر من 20 سيجارة في اليوم، ويسبّب التدخين المبكّر تقليص الشرايين وارتفاع نسبة التعرّض إلى التجلّطات والقصور القلبي في سن مبكرة وتصبح حالة جسم الشاب المدخّن قريبة من حالة جسم الكهل. ووفق قول لهيذب، فإنّ الجمعيّة الاوروبيّة لأمراض القلب صنّفت تونس منطقة حمراء نسبة لارتفاع عوامل الاختطار مقارنة بارتفاع استهلاك السجائر.
وحسب المرضى الذين يفحصهم الدكتور لهيذب، أكّد انّ 2 على 10 أشخاص يمتنعون عن التدخين بعد عمليّة تسريح الشرايين، بينما يواصل البقية استهلاك السّجائر. وأفاد أيضا بعد عمليّة الإقلاع عن التدخين يتحسّن الفرد كليّا على الأقلّ بعد عشر سنوات، في المقابل يتحسّن ضغط الدم بعد أسبوعين وتنقص مخاطر إصابة القلب بعد خمس سنوات. وأوضحت الدكتورة، يسرى الجملي العلاقة الشرطيّة بين التدخين والحالة للنفسيّة، الذي أصبح بمثابة المتنفّس الوحيد للفرد للهروب من الحالة النفسيّة التي يعيشها. وقد أكّدت على استحالة الإقلاع عن التدخين بطريقة مباشرة أو عبر تقديم وصفة طبيّة، فعمليّة الإقلاع عن التدخين قد تدوم طويلا خاصّة عبر تشخيص المريض كليّا لفهم حالته الاجتماعيّة والنفسيّة لتعزيز سلوكيّاته الاجتماعيّة وتكوين العلاقات والعمل على تطوير الذات وتبعا لذلك يتم علاج الإدمان. ورغم معرفة المدخّن بمخاطر التدخين إلاّ أنّ العديد يواجهون صعوبة في الإقلاع خاصّة وأنّ الإدمان يشمل السلوك وما يفرزه التدخين من تأثير على النفسيّة ومع طول الوقت تصبح الحالة النفسيّة مقتصرة فقط على عمليّة التدخين وهذا ما يؤثّر سلبا عن المدخّن.
وتبدأ عمليّة الإدمان عن طريق استهلاك أوّل سيجارة والتي بدورها تفرز مادة الدوبامين التي تنشّط الجسم وتعطيه متعة ولذّة وبذلك يتعوّد الجسم على تلك الأحاسيس ويبدأ الفرد بالتعوّد على التدخين، إلاّ أنّ تلك المتعة مع طول المدّة تنقص من نسبتها وتدخل تغييرات في الدماغ مثل العوامل المتحكّمة في الفهم والتركيز الموجودة في المخ، ومع طول المدّة يصبح الفرد مدمنا على التدخين.
وأشارت الجملي إلى انّ علاج المدمن الذي يعاني من اضطرابات نفسيّة تختلف كليّا عن علاج المدخّن العادي بحجّة أنّ الذي يعاني من امراض نفسيّة يصعب عليه الإقلاع خاصّة وأنّ التدخين يعتبر المتنفس الوحيد له للتعبير عن حالته النفسيّة.
ومن جهته، شدّد الدكتور أنس العويني على العلاقة الترابطيّة بين التدخين والحالة النفسيّة ففي أغلب الأحيان يتعرّض المدخّنون إلى الاكتئاب في صورة إلزامهم بالإقلاع. وأشار إلى اهميّة العمل على الحالة النفسيّة للمدمن. وتنجح عمليّة الإقلاع عبر إيجاد بدائل من شأنها تعويض استهلاك السجائر على غرار الرياضة وتكوين علاقات اجتماعيّة والتكثيف من الأنشطة الثقافيّة واستهلاك المأكولات الصحيّة.
و أجمع الحاضرون على ضرورة تكاثف المجهودات من جميع المجالات، فعلاج الإدمان يشمل الأخصّائيّين في الأمراض النفسيّة والعضويّة. وأكّدوا على ضرورة انتداب أخصّائيّين نفسيّين في العديد من المناطق لتأطير الأطفال وتجنّب تعرّضهم لآفة التدخين.
