في أدبيّات جماعة «الإخوان المسلمين» منذ نشأتها على يد المؤسس حسن البنا (1906- 1949) لم يكن الدين غاية في أي ظرف تاريخي أو سياسي، كان دائمًا وسيلة لغاية واحدة هي «الحكم»، ومن ذلك سعي الرئيس محمد مرسي في 2013 للحصول على شهادة تثبت نسبه للرسول، صلى الله عليه وسلم، في محاولة لكسب قلوب المصريين.

في الوقت الذي كانت الأزمات الطاحنة تضرب المصريين منذ تولي الإخوان مقاليد الحكم، واحتدام الصراع بين أنصار الجماعة ومؤسسات الدولة كانت هناك خطة إخوانية خبيثة لتهدئة الأجواء المتوترة.

سعى رجال الرئيس محمد مرسي في قصر الاتحادية لسرقة نسب الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، وجرت اتصالات بين عدد من مساعدي الرئيس في القصر ونقيب الأشراف السيد الشريف، أمرت بالبحث في نسب الرئيس محمد مرسى تمهيدًا لإصدار شهادة تجعله من آل البيت.

كان هدف رجال مرسي في تنسيبه هو مغازلة فئة كبيرة من الأشراف في مصر ورجال الطرق الصوفية الذين يعتزون بآل البيت ويقدسونهم، ثم إن هذه الشهادة يمكن أن يكون لها مفعول السحر مع المصريين جميعا الذين يكنون محبة لآل البيت.

الواقع كان يقول إنه إذا نجح مرسى في أن يحصل على هذه الشهادة بشكل رسمي، فإنه يمكن أن يتواصل مع الشعب المصري الذي أصبح يرفضه بشكل كبير على أرضية جديدة ومختلفة. 

أصول وقواعد استخراج شهادات النسب

رجال الرئيس عرضوا على السيد الشريف منحة مالية كبيرة فى مقابل شهادة مرسي، وهو الأمر الذى لم يحسمه السيد الشريف، حيث إن استخراج شهادات النسب له قواعد وأصول، ومن الصعب أن يتم تجاوزها من أجل الرئيس أو غيره، ورغم أن هناك محاولة لإرهاب السيد الشريف على اعتبار أنه كان من بين أعضاء الحزب الوطني المرموقين والمقربين من الرئيس مبارك شخصيًا، فإنه في الغالب سيتعامل مع الأمر بشفافية كبيرة، بمعنى إذا كان نسب محمد مرسي إلى الرسول حقيقيًا فلن يتردد في منحه الشهادة، أما إذا كان لا يمت إلى الرسول بصلة فلن تصدر له الشهادة مهما كانت درجة التهديد أو الإرهاب.

وفي مقال بصحيفة الفجر في عام 2013، دعا الدكتور محمد الباز للتحقيق في هذه الواقعة، مطالبًا أبناء نقابة الأشراف، الذين تُباع أنساب جدهم دون أن يدروا عنها شيئًا، بالوقوف أمام هذه الجريمة.

إخواني أم شريف؟

يقول الكاتب الصحفي محمد الباز إن «محمد مرسى ظل طويلًا يتفاخر بأصله المتواضع، وبوالده المزارع، ثم بانتمائه الإخوانى الواضح، الذي غلب على انتمائه الوطني، فلماذا بعد هذا الاعتزاز يحاول هو ورجاله أن يبحثوا له عن  شهاده نسب؟».
نموذج جديد للتدين
وأجاب: «ببساطة أننا أمام حالة سرقة واضحة لكنها هذه المرة ليست سرقة انتخابات- فهم سرقوا وسيسرقون الانتخابات بخداع الناس باسم الله واسم الرسول- وقد سرقوا وطنًا هو مصر، ويسرقون الآن أقوات الناس وأرزاقهم، والآن يسرقون نسب الرسول».

وتابع: "محمد مرسي يعرف جيدًا أن نموذج تدينه الذى حاول أن يفرضه من خلال حرصه على الصلوات فى المساجد بشكل علنى، ومن خلال تقديم نموذج التدين الإخواني على أنه الإسلام الذي يجب أن يتبعه المصريون- أصبح غير ذي جدوى لدى المصريين، أدرك البسطاء الذين انخدعوا طويلًا باسم الدين أن تدين الإخوان زائف وبلا قيمة.. ولذلك كان طبيعيًا جدًا أن يبحث مرسى عن نموذج تدين آخر، يقدم نفسه به إلى المصريين ربما يقبلونه من خلاله، ودون أن يُتعب نفسه ذهب إلى الجهة المضمونة، الجهة التي لا يجادل فيها المصريون على الإطلاق، جهة الرسول، فهم يسلمون له دون مناقشة ويسيرون خلف من ينتمون إليه دون جدل، وقد يكون محمد مرسي اعتقد أنه بإعلان نسبه في آل البيت يمكن أن يغير في صورته لدى المصريين بعض الشيء".

وفي كتابه «صائد الأفاعي: المفاتيح السبعة لشخصية عبدالفتاح السيسي» الصادر عن دار كنوز في 2014، كشف الكاتب الصحفي الدكتور محمد الباز عن أن واقعة اللعب بنقابة الأشراف ليست جديدة فقد كانت هناك محاولات لاختراق النقابة من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ومن بعض السياسيين أيضًا في عهد محمد حسني مبارك، مشيرًا إلى أنه هناك حالة من عدم الوضوح في هذه القصة، فرغم نفي السيد الشريف استكمال أوراق القذافي عرض الشريف مصطفى صبحي الهواري نسخة من الشهادة التي حصل عليها القذافي، متسائلًا هل تم استخراج شهادة للعقيد مقابل ملايين الدولارات، ومؤكدًا أن معنى ذلك أن هناك مَن يتاجر بنسب الرسول.