لن نكرر عبارة انتهى عصر «القلم» وبدأ عصر «القدم» للمفكر والأديب الراحل توفيق الحكيم، في تعليقه على خبر مفاده أن أحد لاعبي كرة القدم وهو دون الـ 20 عاما، استلم ملايين الجنيهات نظير لعبه لكرة القدم، لأننا نعتبر أن الأدب وكرة القدم فنان يسيران معا، وهذا ما يجسده الشاعر الإيطالي بير باولو بازوليني متعدد الأوجه، حيث قدم أفضل تعريف يمكن أن يقدمه الأدب عن كرة القدم: «كرة القدم منظومة من العلامات، وبالتالي فهي لغة. ثمة لحظات شعرية بشكل صاف، إنها لحظات إحراز هدف. كل هدف دائما يمثل اختراعا، دائما تمرد على الكود: الهدف إبهار، لهب، لمعان. مثل الكلمة الشعرية. هداف البطولة هو دائما أفضل شعراء العالم. والمباريات التي تحقق أهدافا أكثر تحقق شعرية أعلى». فيما يلي نسرد لكم حكايات مدربين ولاعبين برعوا بالقلم والقدم معا.
يتحدث اللاعب الإسباني ومدرب برشلونة السابق ومانشستر سيتي الحالي بيب جوارديولا، عن تجربته والعلاقة بين الشعر وكرة القدم في إقليم «كاتالونيا»، وأنهما وجهان لعملة واحدة في إثارتهما للفكر والوجدان، كما أن هناك الكثير من اللاعبين في كاتالونيا يقرؤون الكتب وخاصة الأدبية، ومنهم زميله لويس إنريكي الذي أصبح شاعرا فيما بعد إلى جانب تدريب كرة القدم، وتحدث عن تجربته مع الشاعر الكاتالوني ميكيل مارتي إي بول الذي شاركه عام 1997 في كتابة ديوان «المواقف»، وكيف استفاد كل منهما من الآخر، ورصد ما تتوافق حوله كرة القدم والشعر من أحاسيس وأفكار.
غوارديولا.. أول مدرب مثقف في دوري «البوندسليغا»
اعتبرت الصحافة الألمانية أن المدير الفني السابق لبايرن ميونخ بيب غوارديولا هو «أول مدرب مثقف في دوري البوندسليغا»، بعد أن قرأ أشعارا للكاتب الكتالوني ميكيل مارتي إي بول في دار الأدب بمدينة ميونخ.
وحظي هذا اللقاء الأدبي باهتمام إعلامي غير معتاد بعد أن قدم المدرب الإسباني، الثلاثاء، إلقاء شعريا في دار الأدب بمدينة ميونخ بحضور 300 شخص استنفدوا بطاقات الدخول إلى هذا المركز الثقافي.
وذكر مدرب الفريق المتوج كبطل دوري الدرجة الأولى الألماني، أنه ومارتي إي بول كانت تربطهما صداقة وطيدة حتى وفاة الأخير عام 2003.
وكانت هذه المرة الأولى التي يوجه فيها هذا المركز الثقافي المرموق في ميونخ دعوة لـ«مدرب كرة قدم في البوندسليغا»، بحسب ما ذكرته صحيفة «دير شبيغل»، مضيفة أن غوارديولا ناوب بين قراءته للشعر مع الإجابة عن أسئلة مرتبطة بعمله مع الفريق البافاري.
وأوضح المدرب أن «الشعر أمر يتسم بالخصوصية»، مذكرا من ناحية بعلاقته الشخصية بالشاعر الراحل، معربا عن امتنانه من ناحية أخرى لبايرن الذي يدربه وخاصة لاعبيه.
دخل بيب غوارديولا مجال الفن من أوسع أبوابه، بعد مشاركته لمارتي في أسطوانة غنائية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الفنانين الكتالونيين، مما يمنح هذا العمل تميزا وبريقا من نوع خاص.
وكان جوارديولا قد اتجه قبل هذا إلى كتابة وتلحين الأغاني، ما جعل البعض يؤكد أن المدرب الإسباني سيتجه إلى المجال الفني بعد انتهاء مشواره مع كرة القدم.
غوارديولا «نقطة سوداء» في مسيرة أشهر طبيب ألماني
بعد اعتزاله العمل، يتحدث طبيب بايرن ميونيخ الشهير عن تجربته مع بيب غوارديولا حين كان مدربا لبايرن ميونيخ.
أقر هانز فيلهلم مولر - فولفارت، طبيب نادي بايرن ميونيخ والمنتخب الألماني لكرة القدم، بعد 5 سنوات على استقالته من البافاري، أن أسوأ فترة مرت عليه في مسيرته كانت فترة تولي الإسباني بيب غوارديولا مهمة تدريب البافاري (2013-2016). وكان الطبيب الشهير قد أعلن في 6 أبريل 2015 استقالته من رئاسة الطاقم الطبي في بايرن ميونيخ، معللا ذلك بـ«انعدام الثقة بينه وبين المدرب» آنذاك، غوارديولا.
اليوم يتحدث مولر - فولفارت عن «نقطة سوداء» في مسيرته الطويلة، موضحا: «لم يرقني أن مدربا شابا وناجحا جدا، وربما كان من الكبار والكبار الحقيقيين، (أنه) أقحم نفسه في الأمور الطبية ويعرف أكثر مما أعرف أنا»، يقول الدكتور مولر فولفارت في حوار مع موقع «بي أر 24» الألماني: لكن العلاقة تحسنت اليوم، حسب قول الطبيب الشهير، موضحا أنه التقى مدرب مانشستر سيتي الحالي، وتحدثا بكل صراحة عما فات، وبهذا «انتهى الأمر بالنسبة لنا»، يقول مولر - فولفارت مضيفا: «نحن نحترم بعضنا البعض. هو يقدر عملي، ولم يقلل من أهميته قط»، لكن الانتقاد المبطن لبيب يبقى أن «الأخير يتدخل في كل شيء».
يذكر أن أول فريق أشرف عليه الطبيب المختص في العظام والطب الرياضي، كان فريق العاصمة هرتا برلين، مسقط رأسه، وكان ذلك عام 1975. بعدها بسنتين انتقل مولر- فولفارت إلى نادي بايرن ميونيخ، قاطعا عهدا على زوجته بأن انتقالهما إلى ميونيخ لن يستمر أكثر من ثلاث إلى أربع سنوات. بيد أنه مكث هناك أزيد من أربعة عقود. وقد أنشأ في ميونيخ مركزا طبيا ضخما موله ديتمر هوب، ديناصور البوندسليغا ومالك فريق هوفنهايم. وقصد هذه العيادة عدد كبير من الرياضيين العالميين بما في ذلك مشاهير الفن والغناء.
لويس إنريكي شخصية مثيرة للجدل أحيانا
يعتبر لويس إنريكي قارئا نهما للكتب وخاصة الأدبية، وهذا ما مكنه أن يكون شاعرا يشار إليه بالإبداع. وبدأ إنريكي مسيرته مع نادي ريال سبورتنغ خيخون في عام 1989، وفي عام 1991 انتقل إلى نادي ريال مدريد، وظل معهم حتى عام 1996، وبعدها انتقل إلى الخصم اللدود نادي برشلونة، وذلك بسبب بعض الإزعاجات من قبل مشجعي النادي الملكي، وكانت جماهير برشلونة مستغربة في بداية الأمر من التعاقد مع لاعب سابق في نادي ريال مدريد، إلا أنه كسب قلوب الجماهير بعد فترة قصيرة، وقد اعتزل كرة القدم في عام 2004.
لويس إنريكي، مدرب منتخب إسبانيا الحالي وبرشلونة السابق، هو شخصية مثيرة للجدل أحيانا، ولكن مثيرة للاهتمام بشكل أكبر. لعب لريال مدريد وحصل على عداوة عشاقه بعد انتقاله إلى برشلونة، والبعض يرى أن الأمر أثر على اختياراته كمدرب لإسبانيا.
شاعر في الجهاز الفني لناد إسكتلندي
فاجأ نادي «سيلكيرك» الإسكتلندي جمهوره والمجتمع الكروي بتعيين شاعر في الجهاز الفني للفريق الأول لكرة القدم بالنادي، ووقع اختيارهم على توماس كلارك وهو لاعب سابق بالفريق، وما اعتبره بعض النقاد الصفقة الجديدة والأهم رغم أنه ليس مهاجما أو مدافعا، وأهم ما يميزه هو إتقانه اللغة الإسكتلندية التي يرغب الفريق في تعزيزها. وراء هذا الاختيار بعض الأسباب التي جاءت في عدة بيانات أصدرها النادي، منها أن الشعر يؤدي وظيفة فكرية وثقافية داخل الفريق وفي اتجاه الجمهور، سيقوم الشاعر بإعداد قصائد لاحتفال النادي بالعيد القومي لولاية «لوولاند» التي ينتمي إليها، كما يعد ويلقي كلارك قصائد وقصصا ستلقى وتنشر أيضا خلال المباريات، كما يعد عددا آخر من القصائد للاحتفال بالمئوية الثانية لملعب كرة اليد الإسكتلندي.
يورجن يوف لاعب دولي ومحرر وروائي
النرويجي يورجن يوف (1906 – 1983) الذي لعب لنادي لين النرويجي، ومثل منتخب بلاده في الألعاب الأولمبية عام 1936، ثم اتجه إلى الصحافة بعد اعتزاله، ورغم بدايته كمحرر رياضي، لكنه عمل على رصد القضايا الاجتماعية المختلفة، وهو ما قاده إلى كتابة الروايات في سنوات عمره الأخيرة التي تجاوزت العشرة أعوام، ومن أعماله «ألت أوم»، «نورساك» و«أولببيك».
خطوط التماس تشبه إلى حد ما المحظورات التي لا يجوز للروائي اتباعها والحكم يمثل الرقيب
يصف الجزائري إسماعيل يبرير الحائز على جائزة الطيب صالح للرواية العربية، المستطيل الأخضر في لعبة العالم الشعبية أنه يشبه غلاف الرواية التي لا تتجاوز خطوط التماس، في إشارة إلى المحظورات، وتماما كما يلجأ الروائي إلى المرونة والنفس الهادئ في الكتابة، يفعل اللاعب المتمرس والموجه بانسيابية ومنطقية خالية من اللعب الخشن وإقحام شخصيات أو عبارات منمقة لا داعي لها في سير العملية. كذلك تجد في المباراة ما يشبه تقنية الاسترجاع «الفلاش باك» عبر إعادة الفرصة أو الهدف الجميل، أي أن تعيد أحداثا بحد عينها أو تعيد قراءة جملة كان لها الوقع الخاص في نفسك، كما تخلق مواقف قدرية أحيانا دون تدخل من الأديب في سياقها وإنما هي مجرد قدر لا بد منه.
