رقصة "الزيبك" هي ظاهرة فلكلورية تعود جذورها إلى القرن الـ 16 في وطنها الأصلي غربي الأناضول، وهي من أهم قيم الثقافة التركية وتمتد آثارها من جنوب مرمرة إلى جبال طوروس ومن جزر إيجة إلى وسط الأناضول.

ويعتقد أن رقصة الزيبك، التي هي رمز للقوة والشجاعة والبسالة في تركيا، أداها لأول مرة محاربو الزيبك الذين حاولوا محاكاة حركات الصقور والنسور. إذ تبدأ الرقصة، التي تؤدَّى بشكل جماعي أو فردي، على ألحان بطيئة جداً وتنتهي بألحان على قياس سريع.

وإلى جانب حركاتها وموسيقاها الخاصة، تتميز الرقصة أيضاً بزي راقصيها المميز الذي يستوحي لباس المحاربين الأشداء، فضلاً عن بطولاتهم الفارقة في التاريخ التركي من فوق أمواج المتوسط بقياد خضر رئيس إلى حروب التحرير والاستقلال التركية بقيادة المؤسس والقائد مصطفى كمال أتاتورك.

أصل التسمية

أخذت الرقصة أسمها من مقاتلي الزيبك الذين عاشوا لأول مرة خلال الحقبة السلجوقية في الأناضول. وكلمة زيبك (Zeybek) في تلك الحقبة كانت تعني الجندي الشجاع الذي يوفر الأمان للمسافرين من قطاع الطرق في ولاية آيدين الواقعة بمنطقة إيجة. وعلى عكس الشائع، فإن الكلمة ليس لها أصل يوناني أو أي أصل أجنبي آخر.

ومن حينها استخدمت الكلمة "زيبك" في التركية لوصف الأشخاص الذين لا يتجنبون الخطر والصراع، ولا يخافون أو يتعبون، كما لو كانوا جنوداً لخدمة وطنهم وأبناء شعبهم.

يروي المؤرخ علي أوزجليك عن تاريخ زيبك: "يمكننا أن نقول على وجه اليقين وفقاً لقواميس العصر العثماني، إن الزيبك هم الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجبلية غربي الأناضول، ويُعرفون بأنهم محاربون نخبة لهم مظاهر وحشية، وأسلحة خفيفة، وملابسهم الخاصة، وهم مسؤولون عن النظام العام وحماية الطرق".

ويضيف أوزجليك: "على الرغم من أن التعريف المذكور يؤرخ أصول الزيبك إلى نهاية القرن الـ18، فإن تسلسل الأحداث التي أدت إلى ظهور هذه المجموعة المحاربة النخبة المكونة من شباب الأناضول الغربي المسلحين يستند إلى بعض التطورات العسكرية والإدارية والاجتماعية منذ القرن الـ16".

أبطال الزيبك

عند الحديث عن منطقة بحر إيجة، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هم "الزيبكلار" (Zeybekler) وقاداتهم المسمون بـ "الإيفيلار" (Efeler)، والذين يُعرفون بأنهم أشخاص شجعان وحازمون يقفون ضد الظلم.

وفي جماعة الزيبك تراتبية صارمة، بدءاً من "إيفي- Efe" قائد المجموعة، يليه نائبه وذراعه الأيمن "Başzeybek"، ومن ثم "الزيبكلار- Zeybekler" الذي يُطلق عليهم أيضاً اسم "كيزان". يكون الفرق بين القائد وبقية أعضاء الفريق أفراد الفريق واضحة أيضاً في الملابس.

ولم تقتصر مهام الزيبك على حماية الطرق ومساعدة الفقراء بمال الأغنياء وحسب، بل كانت لهم مشاركة فعالة في الحروب العثمانية، فشارك فوج زيبيك من "أفس" في الحرب العثمانية الروسية 1877-1878. وكان لهم أيضاً مشاركة ملحمية عندما احتل اليونانيون مدينة إزمير في صيف 1919 وتوجهوا نحو ولاية آيدن، موطن الزيبك الأصلي.

رقصة الزيبك

يُطلق على نوع الرقص الشعبي في منطقة إيجة اسم الزيبك بشكل عام. ويمكن رؤية آثار رقصات الزيبك الشعبية في الولايات على الجانب الغربي من الأناضول، وبالأخص في إزمير وأيدن ودنيزلي وغيرها.

في رقصات الزييبك، تُرفع الذراعين والقدم اليمنى إلى الأمام. وتتأرجح الذراعين في ضربة ثلاثية تؤدي إلى حدوث العرج، ثم تُرفع فوق الرأس. في نهاية اللعبة، تُنزل الذراع اليسرى. الجسد دائماً منتصب، والنظرة قاسية. كما تتغير شخصيات اللعبة حسب انفعالات ومهارات اللاعب. لهذا السبب، تختلف طريقة المشي والانهيار والانعطافات لمن يلعبون نفس اللعبة.

أما الآلات الموسيقية المرافقة للرقصة هي الطبلة والمزمار وأحياناً الباغلما وعادة ما تُستخدم طبلتين في العزف. كما تختلف ملابس راقصي الزيبك من حيث الألوان والتطريز والحلي والمجوهرات وغيرها من الملحقات المستخدمة حسب المنطقة التي تُلعب فيها اللعبة.

TRT عربي