كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في كلمة مصورة له الاثنين، أن القوات الروسية بدأت هجومها للسيطرة على شرق أوكرانيا. وقال زيلينسكي: "يمكننا الآن أن نعلن بالفعل أن القوات الروسية بدأت معركة دونباس التي كانوا يستعدون لها منذ فترة طويلة"، إذ أن "قسماً كبيراً من الجيش الروسي بأكمله يركز الآن على هذا الهجوم".

هذا قبل أن يردف متعهداً: "بغض النظر عن القوات الروسية التي تُدفع إلى هناك، سنقاتل سندافع عن أنفسنا. سنفعل ذلك كل يوم".

الأمر ذاته أكده وزير الخارجية الروسي، في حديثه لقناة "إنديا توداي" التليفزيونية يوم الثلاثاء فقال: "العملية العسكرية الخاصة ستستمر في أوكرانيا. الصفحة التالية من العملية تبدأ الآن، والآن تتحقق لحظة مهمة جداً". وتسعى روسيا في هذه المرحلة الثانية، حسب وزير الخارجية، لتحرير "جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك".

يأتي هذا بعد ما يقارب الشهرين من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وما تضمنته المرحلة الأولى من عدة أهداف يبدو قسم كبير منها الآن بعيداً عن التحقق. إذ فشلت قوات موسكو في دخول العاصمة كييف، كما لم تنجح في السيطرة على مدن ميكولايف وأوديسا وعزل البلاد عن منافذها في البحر الأسود. ما يدفع إلى طرح السؤال حول أهمية المعركة الحالية بالنسبة لروسيا، والمكاسب السياسية والاستراتيجية منها.

الدفاع عن الحدود الغربية

رغم استمرار الهجوم الروسي على أوكرانيا قرابة الشهرين، وما مثله إقليم الدونباس من خطوط خلفية لقواته المتقدمة نحو سومي وخاركوف في الشمال الشرقي، وزاباروجيا ودنيبرو في الوسط، وماريوبول في الجنوب الشرقي. إلا إن المقاومة الأوكرانية لا تزال ثابتة على خط الدفاع داخل إقليم دونباس، ومنتشرة في المقاطعات المجاورة له.

وبالتالي يأتي الهجوم الروسي من أجل كسر هذه المقاومة، وتمكين حلفائه الانفصاليين من السيطرة التامة على أراضي الإقليم. ووصف الحاكم الأوكراني لمنطقة لوغانسك سيرغي غايداي، الوضع عقب بدء تلك العملية بـ "الجحيم"، وأضاف بأن "معارك تدور في روبيجني وبوبسانا، ومعارك مستمرّة في مدن مسالمة أخرى"، فيما سقطت مدينة كريمينا "للأسف" تحت سيطرة الروس.

وتكمن الأهمية الاستراتيجية الآنية بالنسبة لروسيا في "تحرير لوغانسك ودونيتسك" في فرض الأمر الواقع على أوكرانيا وحلفائها الغرب في حال الجلوس إلى الطاولة مجدداً من أجل التفاوض على وقف إطلاق نار نهائي. وقتها، إذا ما نجح الهجوم، ستكون روسيا في موقع قوة وتفرض اقتطاع تلك الأراضي من السيادة الأوكرانية.

وبشكل أوسع، تسعى روسيا إلى معاقبة أوكرانيا لرغبتها في الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، وضرب مثل للجمهوريات السوفييتية السابقة التي تحدوها نفس الرغبة. كما تسعى لخلق منطقة فاصلة في الشرق الأوكراني تبعد السلاح الغربي، إن حدث انضمام لأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أو الناتو، عن حدودها.

السيطرة على بحر آزوف

يعد بحر آزوف المنفذ الوحيد لروسيا على المياه الدافئة، وبالتالي تقدمها نحو السيطرة على ماريوبول يفسر رغبة موسكو في السيطرة التامة على البحر، بعد ضمها لشبه جزيرة القرم سنة 2014، ودعمها وتحالفها مع انفصاليي أبخازيا الذين يحد أراضيهم بحر آزوف من الجنوب الشرقي.

وتمكن روسيا من السيطرة على دونباس، يعني تأكيد سيطرتها على الشريط الساحلي بين ماريوبول والقرم. فيما قال مسؤولون روس يوم الأحد إنهم يسيطرون بشكل كامل على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة والمدمرة، على الرغم من أن المقاتلين الأوكرانيين لا يزالون يحتمون داخل مصانع الصلب الشبيهة بقلاع حصينة.

بيد أن سقوط ماريوبول لا يزال لم يعلن بشكل رسمي، وقالت وزارة الدفاع الروسية: "نظراً إلى الوضع الكارثي في مصنع آزوفستال للمعادن.. فتحت القوات الروسية اعتباراً من الساعة 14:00 (11:00 ت.غ) ممراً للسماح بخروج جنود الجيش الأوكراني ومقاتلي التشكيلات القومية الذين ألقوا السلاح طوعاً"، موضحة أن وقفاً لإطلاق النار يسري في الموقع لتأمين عملية الإجلاء".

TRT عربي