مسجد أثر النبي.. «رباط الآثار» بمصر القديمة


تزخر مدينة القاهرة بمئات المساجد الأثرية التى تسجل تاريخ فترة من الفترات وهى الشهيرة بمدينة الألف مئذنة ومن أبرز هذه المساجد الأثرية مسجد "أثر النبى" فعلى شاطئ النيل بمصر القديمة بالقاهرة، وبالتحديد أمام محطة مترو الزهراء توجد منطقة تسمى منطقة أثر النبي يوجد بها مسجد يحمل نفس الاسم؛ مسجد أثر النبي كما يسمى أيضا مسجد رباط الآثار. وهو مسجل بوزارة الآثار برقم (320).

 والرباط كما يقول الباحث فى الآثار د. حسين دقيل هو نوع من الأبنية العسكرية كان يسكنه المجاهدون الذين يدافعون عن حدود الإسلام. كما كان يسكنه الفقراء والمساكين، وقد كان المسجد قبل إنشائه الأول مقرا لإقامة الفقراء والمتعطلين. وعُرف فيما بعد برباط الآثار لأنه أقيم بعد ذلك بالأساس لإيداع آثار نبوية اشتراها الوزير المملوكي تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين من قبيلة بالجزيرة العربية؛ فعندما كان تاج الدين محمد في زيارة إلى مسجد النبي بالمدينة المنورة علم بوجود بعض آثار النبي عند قبيلة تدعي بني إبراهيم، إحدى قبائل "ينبع"؛ فقام تاج الدين بشراء الآثار التي كان يتوارثها أبناء القبيلة جيلا بعد جيل، وقد قُدر ثمنها في ذاك الوقت بـ 60 ألف درهم.

وتاج الدين هذا، هو: الصاحب تَاج الدّين ابْن حِنا، وزير الديار المصرية، ولد عام 640هـ. كان ذا سؤدد ومكارم وشكل حسن وبزة فاخرة إلى الغاية؛ يتباهى في الطعام والشراب واللباس؛ ومع ذلك كانت صدقاته كثيرة وتواضعه وافر وصحبته للفقراء والصلحاء زائدة. وكانت له مهابة في النفوس وله شعر رائق.

وعندما عاد تاج الدين إلى مصر قام ببناء هذا الرباط، المسجد فيما بعد، عام 1307م. وبعد مرور ما يقرب من 60 عاما قام السلطان أشرف شعبان بتجديد المسجد. وأضاف إليه الظاهر برقوق فيما بعد إضافات عديدة. 

ولم يزل الرباط – كما يقول السيوطي - عامرا مأهولا بالمصلين والزوار، حتى تبدلت الدول واختلت الأحوال؛ فنقلت منه الآثار الشريفة خوفا عليها من السراق، وتغيرت معالمه بتجديد بنائه. ومنها تجديده في عهد (إبراهيم باشا الدفتردار) الوالي العثماني الذي تولى على مصر عام 1071هـ. فقد ورد في (تراجم الصواعق في واقعة الصناجق) أنه لما عُزل وأنزلوه من القلعة صلى الجمعة يوم 12 شوال سنة (1073هـ/ 1662م) في مسجد أثر النبي الذي بمصر القديمة وكان وسعه وجدده في ذاك العام، وبنى تحته رصيفا لدفع ماء النيل عن بنائه، ورتب له مائة عثماني، وأرصد له طينا، وعين به قراء ووظائف وحراسا قاطنين به، وشرط النظر لمن يلي أغاوية اليكيجرية بمصر. وبحلول القرن الـ 19 كان المسجد قد تخرب فأعاد عمارته وإصلاحه محمود حسن باذرجان باشا سنة 1809م في أوائل حكم محمد علي باشا.

وقد يتبادر سؤال لدى الكثير؛ بخصوص آثار النبي؛ هل هي فعلا موجودة بالمسجد أم لا.. يقول الجبرتي في هوامش كتاب عجائب الآثار في تراجم الأخبار: "... كانت هناك قرية صغيرة على الشاطئ الشرقي للنيل ملاصقة لدير الطين، ودير الطين هي منطقة دار السلام الآن، بها حجر أثرى قديم يعتقد الناس أنه قدم النبي محمد صلى الله علية وسلم، وقد أدخل هذا الحجر في المسجد الذي بناه الظاهر بيبرس وبنى فوقه قبة ... وهي موجودة حتى الآن ...". أما ابن كثير فيقول: "وبلغني أن بالديار المصرية مزارا فيه أشياء من آثار النبي صلى الله عليه وسلم اعتنى بجمعها بعض الوزراء المتأخرين ومن ذلك مكحلة وميل ومشط وغير ذلك والله أعلم".

وقيل عنه في كتاب: مساجد مصر وأولياؤها الصالحون: "... وقد بلغ من حرص المصريين على هذا التراث الأثري العظيم وتقديرهم له أن جعلوا من بين وظائف الدولة الهامة وظيفة شيخ الآثار النبوية".

وقد نقل أحمد تيمور عن البرهان الحلبي ما نصه: "وفى آخر مصر مكان على النيل مبنى محكم البنيان وله طاقات مطلة على النيل ومكان ينزل إليه وبركة من ماء النيل ومطهرة بماء النيل وفيه خزانة من خشب وعليها عدة ستور الواحد فوق الآخر. وداخل الخزانة علبة صغيرة محجوز فيها الآثار الشريفة قطعة من قصعة وقطعة من العنزة وميل من نحاس أصفر ومخصك صغير لإخراج الشوك من الرجل أو غيرها. وقد زرناه غير مرة، وهو مكان مليح في غاية النزهة وما بعده إلا بساتين، وقد زرناه مرة فرآني الإمام جلال الدين بن الخطيب داريا الدمشقي بسوق كتب القاهرة، فسألني: أين كنتم؟ فقلت: زرنا الآثار وكان معنا بعض الأدباء فقال هل نظم أحد في ذلك شيآ؟ فقلت: لا فقال: أنا زرته من أيام وكتبت فيه بيتين، فأنشدني ذلك وهما:

يا عين إن بعد الحبيب وداره ... ونأت مرابعه وشط مزاره
فلك الهنا فلقد ظفرت بطائل ... إن لم تربه فهذه آثاره

كما ذكر أحمد تيمور باشا أيضا في كتابه الآثار النبوية، ما يلي: "ولقد نقلت الآثار النبوية الشريفة فيما بعد من هذا المسجد إلى قبة الغوري في عصر السلطان الغوري، وبقيت بها إلى سنة 1275هـ، ثم نقلت إلى المسجد الزينبي، ثم نقلت بموكب حافل إلى خزانة الأمتعة بالقلعة، ثم نقلت منها سنة 1304هـ إلى ديوان الأوقاف، وفي سنة 1305هـ نقلت إلى قصر عابدين مقر الخديو ومنه نقلت في السنة المذكورة إلى المسجد الحسيني في عهد الخديو محمد توفيق باشا، ثم لما تولى على مصر الخديو عباس حلمي باشا سنة 1309هـ رأى أن ينشئ للآثار حجرة خاصة، فتم إنشاؤها سنة 1311هـ وراء الحائط الشرقي للمسجد الحسيني والحائط الجنوبي لقبة المسجد وجعل لها بابان واحد إلى المسجد وواحد إلى القبة، وجعلت خزانة الآثار بحائطها الجنوبي وهي باقية فيه إلى اليوم، تُقصد بالزيارة في أيام معلومة". 
 

تاريخ الخبر: 2022-04-20 21:17:44
المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 18:26:01
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 18:26:11
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 18:26:17
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 18:26:10
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية