ليس من الصواب عزل روسيا
ليس من الصواب عزل روسيا
لا أحد يشك في أن الحرب في أوكرانيا أثرت سلبا علي غذاء العالم الثالث والفقير, فضلا عن تداعيات الدمار الذي تحدثه آلة الحرب وما تسعي إليه دول الغرب لإطالة أمد المعارك بإمدادات الأسلحة التي يتم شحنها لأوكرانيا بهدف إجبار روسيا علي التوقف, وعبر عقوبات اقتصادية غير مسبوقة تخطت كل الحدود بامتداد عقود الحرب الباردة.
في شأن العقوبات وماراثون الدفع الغربي للسلاح من كافة الأنواع كتبت صحيفة الجارديان البريطانية إن عقوبات واشنطن وحلفائها سوف توقع الغرب في فخ ذلك أن اقتصاد روسيا يتجاوز حجمه.
فبرغم أن الاقتصاد الروسي يحتل المرتبة رقم 11 عالميا, إلا أن روسيا تصدر أهم المعادن والحبوب, ومن ثم تتسبب العقوبات الاقتصادية في أزمات عالمية, فضلا عن أن روسيا لديها برامج تقنية عالية تجعلها قادرة علي الالتفاف علي العقوبات بوسائل شتي, أحدثها صفقة الغاز مع الهند والصفقة الاستراتيجية الضخمة مع الصين, ويضاف لذلك أن الحلفاء الأوروبيين لا يتفقون بشأن العقوبات, وفي الصدارة ألمانيا التي أعلنت عدم استغنائها عن الغاز والنفط الروسي.
فمن الواضح أن العقوبات أوجعت الاقتصاد الروسي, لكن البدائل متعددة أما الخسارة الأكبر فهي أن استمرار الحرب يتسبب في أزمات غذاء وتضخم وارتفاع أسعار جنوني طال عشرات الدول حول العالم!!
في تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية كتبتين جالين كاربنتر الخبير والباحث في دراسات الدفاع والسياسة الخارجية يقول إن أسوأ ما في العقوبات الغربية علي روسيا هو عدم وجود بوادر نهاية لها!!
فالمتابع للحشد المتواصل من جانب واشنطن والأوروبيين يلاحظ بلا عناء عدم الإشارة إلي كيف سيتم وقف أو إلغاء العقوبات أو حتي تخفيفها إذا ما انسحبت القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية باتفاق!!
وتساءل الخبير متعجبا: هل يقصدون أن تستسلم روسيا؟!!.. وقال: إن كانوا يعتقدون فإن ذلك معناه أن كارثة كونية ستكون قادمة في الطريق عبر السلاح النووي الذي لوح به بوتين… فلا روسيا سوف تستسلم ولا الحرب بهذا الانفعال واللا تخطيط سوف تنتهي.. وقد يكون هذا مسعاهم وهدفهم وليذهب الاقتصاد العالمي إلي الجحيم!!
حتي الرئيس الأوكراني الذي يقود حملة تحفيز الغرب لمزيد من الدعم العسكري ألم يفكر أن مزيدا من الحرب يعني مزيدا عن تسوية مدن أوكرانية بالأرض!! ومدينة ماريوبول الساحلية خير مثال, حيث سويت 40% من مبانيها و50% تضررت من القصف, ويتبقي 10% سوف يأتي دورها!!!
إذن صوت العقل يقول إنه ينبغي عدم إحكام الحلقات علي روسيا, فهي ليست دولة صغيرة مارقة, فضلا عن قوتها العسكرية التقليدية والنووية وهنا مكمن الخطورة.. ومن ثم ليس من الحكمة والصواب السعي لعزلها.