منذ أن خلقنا ونحن بفضل الله في مجتمع مسلم متدين يراعي حدود الله، وفي وطن دينه الوحيد والأول الإسلام، ولا يكاد يوجد سعودي لا يدرك هذه الحقيقة أو يعيشها.
بينما تسبب الانغلاق، الذي كان مجتمعنا يعيشه، وتأثير الفترة التي كان يطلق عليها «الصحوة» بنشوء متلازمة لدى البعض -وأتمنى أنهم فئة قليلة- يمكن التعبير عنها بهوس التدين الشكلي! أي بمعنى أنني لابد أن أبدو متدينا حتى إن كنت لست متشبعا بهذه الفكرة من الداخل.. حتى إن كنت شخصا مؤذيا وظالما وكاذبا وغيره من الأفعال المحرمة والمجرمة، وأعتقد أن هذا الفكر السطحي الخطير يندرج تحت بند النفاق، أشد الصفات الإنسانية دناءة، حيث يتحول الإنسان فيه من باحث عن رضا الله سبحانه وتعالى وحده، إلى باحث عن رضا الناس من خلال عباداته أو بالأحرى ما يظن أنها عباداته!
وتركز هذه الفئة من إظهار تدينها خلال المظهر بشراسة -وسأحاول ألا أذكر أمثلة لهذه المظاهر كي لا أجد رسائل واتصالات تسألني عن مقاصدي في تحديد هذه المظاهر وأنه ليس كل مَن يظهرها على شكله الخارجي، فهو من المقصودين بمقالي كما أعلم أنا وتعلمون أنتم ذلك جيدا- تعطشا لإرضاء الذوق العام عند الأغلبية في مجتمعنا، الذي ما زال يصر وبكل أسف على التطبيل لهؤلاء وتزكيتهم ومنحهم الحصانة وتكذيب خطاياهم بشكل واضح ومستفز يصل لظلم أطراف أخرى فقط لأنها لا تظهر بشكل يتماشى مع مزاج الأغلبية وإن كانت محقة!
ويمكن فهم معنى كلامي بشكل مبسط جدا حين يختصم رجلان أحدهما ملتحٍ مع رجل حليق.. رغم أن الخطأ من الأول.. سيقف ثلثا المجلس إن لم يكن أكثر بصف الأول بغض النظر عن العدالة والموضوعية!
لكنني شخصيا أعول على وعي الأجيال اللاحقة وإدراك أن التدين النابع من الأعماق يردع الإنسان عن كل ما يضر الآخرين ويفسد في الأرض ولا يرتبط بالضرورة بالمقاييس الشكلية المتطرفة، التي سنها البشر، وأقول البشر وليس فقط المسلمين لأن هذه الشكليات تنتشر في جميع الديانات والملل، التي لا يمكن الجزم بصحتها من عدمه لأن لا شأن لنا بها أصلا في تعاملاتنا، وهو ما يجب أن يعمم كثقافة مجتمعية تفصل بين تدين الإنسان في مظهره وتعامله مع الآخرين.
@maiashaq
