مع اقتراب الاحتفال بعيد الشغل، الذي يُصادف فاتح ماي من كل سنة، تباينت الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين المُطالبة بالحد من غلاء الأسعار في المواد الغذائية والمحروقات وغيرها من المواد التي تُعتبر حيوية للمواطن المغربي، وبين المطالبة بالزيادة في الأجور للعاملين في مختلف القطاعات، سواء العمومية أو الخصوصية.
وبسبب تزامن فاتح ماي مع عيد الفطر، علمت “الأيام 24” من مصادر مطلعة، عن ارتباك مجموعة من النقابات المهنية، وبالتالي فمنهم من سيقتصر نشاطه محليا، وبين من سيركز على الفضاء الرقمي، الشيء الذي سيُفرغ الميدان الواقعي من الفِعل الاحتجاجي، فهل هذا المُعطى سيجعل المواطنين في صدارة المشهد الاحتجاجي للدفاع عن المطالب الاجتماعية، خاصة مع ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية؟
أعمق الأزمات المغربية
عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، يقول إنه “بالرجوع إلى تاريخ الاحتجاجات في المغرب، فإن أغلب الاحتجاجات التي عاشتها شوارع وأزقة البلاد كانت بسبب غلاء المعيشة والاحتكار والأزمات الاقتصادية التي عشناها، وبالتالي فإن الحكومة يجب أن تنتبه لهذا المعطى الاجتماعي”.
وطالب تشيكيطو، في حديثه للأيام 24، الحكومة الحالية، بـ”الانتباه لغلاء المعيشة بهذا الشكل الشرس، المُؤدي بسرعة قياسية إلى تفقير عدد من العائلات، وإلى إفلاس شركات، فضلا عن التسبب في أزمات اجتماعية خانقة، لأنه قد يصل إلى احتجاجات” مشيرا “يجب على الحكومة عدم المغامرة باستقرار البلاد، وبالتالي التدخل من أجل إيجاد حل لهذا الغلاء”.
بحسب جل المراقبين فإن هذه الأزمة التي يعيشها المغاربة اليوم، أعمق من كافة الأزمات التي عاشتها الطبقة الفقيرة والمتوسطة خلال فترة تفشي فيروس كورونا، وبالتالي لا بد من العودة للأسباب الكاملة لظاهرة غلاء المواد الغذائية والمحروقات، من أجل الخروج من هذا النفق المظلم” يؤكد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان.
المغرب مُستثنى من أزمة الإفلاس
بنظرة متفائلة يقول حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، إن المغرب بمؤسساته القوية يمكن أن يتجاوز منعرجات هذه الظرفية التي ارتفعت فيها الأسعار بشكل قياسي مقابل الانخفاض التدريجي للقدرة الشرائية للمواطنين، وعليه من المبالغة أن نتحدث عن الانهيار التام أو الإفلاس العام الذي يطرق أبواب مجموعة من الدول العربية الإقليمية كتونس ولبنان مثلا، حيث تستثني تقارير المؤسسات الاقتصادية العالمية المغرب من الدخول في فوهة البركان الاجتماعي”.
“من جهة أخرى، أعتقد أن الدولة المغربية واعية تماما بخطورة المرحلة، وأعدت سيناريوهات وخطط بديلة لتجاوز هذه الظرفية الصعبة ذات الامتداد العالمي” يضيف بلوان في حديثه للأيام 24، مشيرا إلى أن “المغرب اتخذ مجموعة من الخطوات الجريئة للإنعاش الاقتصادي مع كورونا، إلا أنه اصطدم بتداعيات الحرب في أوكرانيا التي غيرت جميع التوازنات الاقتصادية في العالم، زد على ذلك موسم فلاحي اسقط جميع توقعات قانون المالية لسنة 2022”.
وفي ختام حديثه، أكد المحلل السياسي، على أن “المغرب لم يخرج بعد من انعكاسات جائحة كورونا، وستزيد مخلفات الحرب في أوكرانيا تداعيات إضافية من الصعب التكهن بمآلاتها، وتبقى الإجراءات التي تقوم بها الحكومة المغربية غير كافية بالنظر إلى حجم معاناة وتطلعات المواطنين”.
وتجدر الإشارة، إلى أن مطلب الزيادة في الأجور دخل قبة البرلمان، من خلال سؤال وجهه فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، حول الشروط التي يتعين على الحكومة توفيرها، والتدابير التي عليها اتخاذها، من أجل الرفع من أجور الموظفين العموميين وكافة الأجراء بما يتناسب مع هول التهاب الأسعار، إنقاذا لفئة عريضة من الطبقة الوسطى”.
وأتى في السؤال الكتابي أنه “من المفروض على الحكومة أن تتفاعل إيجابا مع الواقع الاجتماعي المرير بالنسبة لجميع الفئات الاجتماعية، لاسيما من خلال إقرار زيادةٍ مُعتبَرة في الأجور، بالنظر إلى الارتفاع المهول الذي تشهده كُلفة المعيشة.
