بحضور 40 دولة بين أعضاء في حلف الناتو وحلفاء له، ترأس وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مؤتمر "المجموعة التشاورية من أجل الدفاع عن أوكرانيا" الذي انعقد بدعوة من بلاده يوم الثلاثاء بقاعدة "رامشتاين" الأمريكية في ألمانيا. حيث اهتمت هذه القمة بتباحث سبل تسليح كييف كي تتمكن من التصدي لهجوم روسي في الشرق، وتأمين أمنها وسيادتها على كامل أراضيها.

وحضر هذا المؤتمر عدد من الدول العربية، من بينها المغرب الذي قوبل وجوده بينهم بعلامات استفهام الكثير من المحللين، نظراً إلى الموقف الذي أعلن عنه بداية الحرب في أوكرانيا بالحياد إزاءها والامتناع عن إدانة الهجوم الروسي. ما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا غيَّرت الرباط موقفها ذاك، وما أسباب ذلك التغيير؟

الرباط حاضرة في "رامشتاين"

ومثَّل المغرب في مؤتمر "رامشتاين" الوزير المنتدب لدى رئاسة الحكومة والمكلف إدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي. فيما علَّقت عليه وسائل إعلام محلية بأنه مؤشر على "انخراط المغرب الفعلي، ولأول مرة منذ اندلاع الحرب، مبادرة تنحاز إلى المعسكر الأمريكي الغربي ضد روسيا".

فيما سبق وأكَّدت واشنطن أن القمة ليست للحلف الأطلسي بل لمجموعة من الدول، ذلك حسب محللين "تفادياً لتورط الحلف في هذه الحرب رسمياً". وبالتالي حضر القمة دول عديدة، من بينها تلك التي تحمل صفة شريك الحلف الأطلسي مثل أستراليا واليابان والسويد وفنلندا.

ويتمتع المغرب بصفة الشريك الاستراتيجي لحلف الناتو منذ أن منحته إياها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن. وسبق لمسؤولي الناتو أن أكدوا في أكثر من مرة "علاقات التعاون المثمرة" التي تجمع الحلف بالرباط.

وحسب محمد شقير المحلل السياسي المغربي المختص في العلاقات الدولية فإن هذه المشاركة المغربية تأتي في إطار "رغبة المغرب في الموازنة بين طرفَي الحرب بأوكرانيا: أمريكا وروسيا". كما تأتي "محاولةً من المغرب في إطار التحالف مع الجانب الأمريكي، إرضاء الأخير الذي يبدو أنه مارس ضغوطاً على المملكة، خصوصاً منذ زيارة وزير الخارجية الأمريكي قبل أسابيع".

هل تغيَّر حياد المغرب؟

في الثاني مارس/آذار الماضي تخلف ممثل المغرب عن جلسة في الجمعية العام للأمم المتحدة كان من المقرر فيها التصويت على قرار يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا. وقتها اختارت الخارجية المغربية أن تعتزل التصويت، في موقف حيادي "لا يمكن أن يكون موضوع أي تأويل بشأن موقفه المبدئي المتعلق بالوضع بين روسيا الفيدرالية وأوكرانيا"، حسب بلاغ ذات الخارجية.

وفسر الإعلام المحلي وقتها هذا الحياد بأنه "يأخذ بعين الاعتبار المصالح الاستراتيجية للمملكة"، إذ إن "تأييد القرار كان سيؤجّج لا محالة علاقة الرباط بموسكو، والامتناع بدوره كان سيثير حفيظة الشركاء الغربيين لكونه أقرب إلى تأييد الموقف الروسي".

اليوم وبعد المشاركة المغربية في مؤتمر "رامشتاين" لدعم أوكرانيا يطرح السؤال حول ما إذا كسرت المملكة بذلك حيادها السابق؟

يجيب الخبير في الشأن الأمني محمد الطيار بأن المشاركة في هذا اللقاء "لا تعني كسر الحياد"، معللاً ذلك بكون "طبيعة اللقاء لا تتعدى كونه تشاورياً، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تجمع فيه أكبر عدد من حلفائها لتقديم الدعم لأوكرانيا، ليس فقط في الجانب العسكري، ولكن أيضاً سبل تقديم المساعدات الإنسانية والمساعدات المالية".

ويضيف الخبير في الشأن الأمني بأن "انخراط المغرب في المساعي الدولية لمساعدة الشعب الأوكراني لا يمكن أن يكون موضوع أي تأويل بخصوص موقفه المبدئي من الحرب"، بدليل انخراط الرباط في مبادرة سابقة كان الأمين العام للأمم المتحدة أطلقها، والتي تروم جمع مساعدات مالية لصالح الشعب الأوكراني.

TRT عربي