«الاحتفال بالطلاق».. ثقافة سلبية وسلوك دخيل على مجتمعنا


قال الأخصائي النفسي العيادي الجنائي د. عبدالله الوايلي إن الطلاق أحد نتائج لغة المشاعر التي يعبر بها الإنسان عن مكنوناته المتعددة والمتنوعة والمختلفة، سواء كان ذلك التعبير إيجابيا أم سلبيا، وسواء كان تعبيرا ذاتيا أو جماعيا أو مجتمعيا، فهو شعور عاطفي يشير إلى الانتصار النفسي من خلال التحرر أو الكسب أو تحقيق هدف أو غاية، وكأن حفلات الطلاق عبارة عن عنوان للسعادة والفرح والإنجاز من جانب، وفي جانب آخر عنوان للتحدي والانتقام.

حفلات الطلاقوأوضح أنه رغم انتشار حفلات الطلاق في العالم بشكل عام، وفي الوطن العربي بشكل خاص، فإنها ما زالت في طور الظاهرة، لعدم وجود دراسات كثيرة ومتعمقة في هذا الجانب، فقد بدأ الاحتفال بشكل فردي عن طريق الباحثين عن الشهرة الذين يستخدمون كل إمكاناتهم وقدراتهم وكل الوسائل المتاحة لديهم من طرق مثيرة وسلبية لا تتوافق مع الإسلام أحيانا أو الأعراف الاجتماعية غالبا، بسبب ما يتفردون به من خواء فكري مضلل من أجل الاكتساب السطحي سواء ماديا أو معنويا، وهذا يعني أنها مشكلة حقيقية واقعية لكنها تعود إلى عدة حالات منفرده ولا تستدعي التعميم.


مرض الشهرةوأضاف أن البحث عن الشهرة قد يتحول إلى مرض نفسي لدى الضعفاء ممن يعانون عقدة النقص، وضعف توكيد الذات وضعف العلاقات الاجتماعية، خاصة الشخص الذي يكرس نفسه للفت الانتباه والظهور، ما يدل على هوس الشهرة الذي يعبر عن حالة من الانفعال أو ارتفاع المزاج بشكل غير طبيعي، وأكدت الدراسات النفسية أن حاجة الإنسان إلى لفت انتباه الآخرين تعد أمرا طبيعيا جدا؛ لأنها فطرية، فهي من الحاجات العاطفية والاجتماعية الإنسانية، لكن المبالغة فيها لدرجة الإيذاء والانتقام من المحيط تشير إلى المرض بالشهرة، وهو ما يسمى بهوس الشهرة؛ لأن الذي يحتفل بالطلاق عادة ما يسعى إلى عمليتي الجذب ولفت الانتباه، وهو بذلك يدخل ضمن دائرة هوس الشهرة.الأعراف الاجتماعيةولا بد من الإشارة إلى أن أكثر الشخصيات اهتماما وهوسا بالشهرة هم أصحاب الشخصية السيكوباتية «ضد الاجتماعية» والشخصية الهيستيرية، ولذلك غالبا ما يتم تشخيص أصحابها بأنهم يعانون الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، ومن هذا المنطلق فإن التباهي بالطلاق والاحتفال به، خاصة فيما يحدث حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يخرج عن جانبين مهمين؛ الأول: هو «الإيحاء بالسعادة» رغم مرارة الألم خوفا من وصمة الآخرين، في حين أن الثاني هو: «الشعور بالسعادة الفعلية» وهذا سلوك سلبي لا يتوافق مع المبادئ والقيم الإنسانية، بل يتنافى مع كل الأعراف الاجتماعية.

معاناة زوجية

وأوضح أن التشهير بالطلاق عادة ما يكون من جانب الإناث، خاصة التي لديها معاناة زوجية، حيث تنظر إلى عملية الاحتفال أنها أمر طبيعي جدا وانتصار لها، في حين أن الذكور غالبا ما يكونون أقل اهتماما واحتفالا بذلك الأمر، وأوضحت «نظرية التبادل الاجتماعي» أن الزوجين غالبا ما يتفاعلان في علاقتهما الزوجية، وعلى إثر ذلك يستمران في عملية التفاعل، خاصة إذا كان مفضيا إلى المنفعة والربح، بينما يضعف ذلك التفاعل وينعدم عندما يجد كلا الزوجين أو أحدهما نفسه خاسرا، ما يجعل العلاقة بينهما عنفية وعدائية، وهذا ما يفسر حفلات الطلاق غالبا.

إباحة الخصوصيةوتابع: في السياق ذاته، فإنه من الطبيعي أن تتأثر النفس البشرية بالطلاق، وبناء على ذلك فإن التشهير بالطلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يخرج عن إطار التكسب السطحي، سواء كان مفتعلا وتمثيليا أو واقعيا حقيقيا، كما أن الاحتفال به دليل متجذر على عقدة النقص وعدم الثقة بالنفس؛ لأنه يفضي إلى البحث عن الشهرة فقط بل إنه مدعاة لإباحة الخصوصية الشخصية بلا وعي ولا إدراك للأبعاد النفسية والسلوكية المترتبة عليه، خاصة في ظل وجود الأبناء، سواء كان ذلك التباهي مرحليا أو مستقبليا، فما الفائدة المرجوة من نشر غسيل المطلقين لعامة الناس، ولماذا يتم ذلك ولمصلحة مَن؟ وللإجابة عن ذلك أستطيع القول إنها اللاعقلانية المتناهية في البحث عن التعاطف الزائف والكسب الجاهل، فلا يمكن أن يكون المطلقان أو أحدهما على قدر المسؤولية وهو غير قادر على احترام ذاته، ومن زاوية أخرى فإن هناك عدة عوامل تؤدي إلى الطلاق، إلا أن هناك أسبابا واهية لانتشار حفلات الطلاق لأنها ثقافة سلبية مستوردة، فالطلاق مهما كانت إيجابياته فإن سلبياته أكتر وعواقبه وخيمة، ولهذا فإن الاحتفال به دليل على ضعف الاستبصار وعدم الوعي وضعف الثقة بالنفس وضيق الأفق.

التدابير الاحترازية وأضاف: نتيجة لما سبق فإن آلية العلاج تبدأ وتنتهي باتخاذ التدابير الاحترازية والوقائية من خلال تفعيل الدور الوقائي للأفراد والمؤسسات الاجتماعية ذات العلاقة، لتأصيل رسالة الاستنكار والرفض المجتمعي لتلك السلوكيات السلبية الدخيلة على مجتمعنا، ومن ثم العمل على تطبيق البرامج التوعوية والإرشادية عبر الوسائل الإعلامية، وغيرها من ندوات ومؤتمرات ومحاضرات، وكل وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل هدف رئيسي مفاده «لسنا مع الطلاق ولسنا مع الاحتفال به»، فإن حدث فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

خصوصية العلاقةوأوضح المهتم بالشؤون الإدارية والقانونية د. عبدالعزيز الزهراني، أن العلاقة الزوجية لها خصوصية يصعب اختراقها وهي أخطر وأصعب المناطق المحظورة التي يمكن مناقشتها مع الزوجين، ولذلك فقد يكون من أهم أسباب الاحتفال بالطلاق هو وجود طلاق عاطفي سابق، لأن في بعض الحالات الزوجية توجد بين الزوجين فوارق ثقافية واجتماعية كبيرة، لكن بعد فترة من الزمن يتضح الاختلاف التربوي الذي ينشأ من الصراع بين الزوجين، ما يقود إلى العناد بينهما وعدم التنازل من أحدهما للآخر، وعليه فالمستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وطريقة التفكير وكيفية التعامل مع المواقف والأحداث تعد أهم العوامل التي تسبب الضغوط النفسية والاجتماعية بين الزوجين، ومع مرور الوقت يكتشفون نقاط الضعف وعدم التقبل، ما يؤدي إلى وجود أزمات متلاحقة قد تشعرهما بالاحتراق النفسي، فيكون الطلاق هو الحل الأول والأخير لتلك العلاقة الزوجية.

تهكم وسخرية وأوضح أن ما يفسر الاحتفال بالطلاق أحيانا هو الإيمان بمقولة «رُب ضارة نافعة»، نتيجة الشعور بالظلم والعبودية والرغبة في تصحيح الخطأ، ما يجعل الفرحة كبيرة خاصة عند المرأة التي تزعم أن الطلاق مثل طوق النجاة من الغرق، وأنها باحتفالها تكافئ نفسها وترسل رسالة تحد لطليقها، وكل ذلك غير صحي، فإن حدث الطلاق، وكان شرا لا بد منه، فيجب على المطلقين أن يبتعدا كليا عن أساليب التهكم والسخرية التي من المؤكد أنها سوف تظهر بوضوح عند مظاهر الاحتفال والتشهير، الأمر الذي يزيد من الألم ويعمق الجراح ويثبت في الذاكرة.

الظاهرة بدأت بشكل فردي عن طريق باحثين عن الشهرة يتسمون بخواء فكري مضلل

التشهير بالطلاق عادة ما يكون من إناث يعانين في حياتهن الزوجية ويعدنه انتصارا لهن
تاريخ الخبر: 2022-04-30 03:23:32
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:55
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:47
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

السجن 7 أشهر لخليجي في قضية مقتل شابة في "قصارة" بمراكش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:25:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 55%

بطولة ألمانيا.. بايرن يؤكد غياب غيريرو عن موقعة ريال للاصابة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 15:26:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية