أصدر الملك محمد السادس، بمناسبة عيد الفطر، أمرا بالعفو على مجموعة من الأشخاص المحكومين في قضايا متعلقة بـ”الإرهاب” وذلك بعدما “أعلنوا بشكل رسمي تشبثهم بثوابت الأمة ونبذهم للتطر ف”، ومن بينهم منتمون لما يعرف بالسلفية الجهادية ومتهمون بالتورط في أحداث 16 ماي التي خلفت جرحا كبيرا في ذاكرة المغاربة.
هؤلاء المستفيدون من العفو الملكي في إطار برنامج مصالحة، 23 منهم سيخرجون من السجن بينما سيجري التخفيض من عقوبة الحبس أو السجن لفائدة الستة الباقين.
ويعمل المغرب على تنفيذ برنامج مصالحة للمعتقلين الراغبين في مراجعة أفكارهم ومواقفهم، وبعد سنوات من انطلاقه بدأ العدد يرتفع قليلا خاصة في عيد الفطر لهذه السنة، حيث استفاد من العفو مدانون على خلفية أحداث 16 ماي الدامية علما أن الأجهزة الأمنية تمكنت منذ 2002 من توقيف أكثر من 3500 شخص وتفكيك أكثر من ألفي خلية.
ووفق ما نشرته اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الاسلامين فقد استفاد من العفو كل من: رشيد العروسي الغريبي، صالح زارلي، مصطفى التاقي، خالد النقيري، عدنان رفيق، سعيد أكمير، عبد الرزاق فوزي وعبد الكبير الكتيبي.
وإذا كان الندم شعور مرتبط بطبيعة البشر كيفما كان خيّرا أم شريرا، فإن مجموعة من المعتقلين المحاكمين بقانون الإرهاب وجدوا فتحة أمل في العودة إلى الحياة الطبيعية والاندماج وإن كان صعبا مع مجتمهم، وهذا الأمل منحه برنامج مصالحة المستند على أربعة ركائز وهي المصالحة مع الذات، المصالحة مع المجتمع، المصالحة مع النص الديني والمصالحة مع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته بالفرد وبالمؤسسات الشرعية المؤطرة للحياة العامة.
الذي يستحق التنويه هو أن المملكة المغربية تعبر لأبناء الوطن مهما كانت خطورة أفعالهم عن رغبتها في الصفح عنهم إن هم عزموا على تجاوز أزمة الهوية وفهمهم القاصر للدين وراجعوا سلوكهم تجاه مجتمعهم، إن فعلوا ذلك رغم ذنبهم فستتجاوز عنهم.
لكن ماذا بعد الخروج من ضيق السجن إلى فسحة الوطن الكبير والانطلاق في حياة جديدة، يجب على الحكومة أن تتلقفهم قبل الضياع مجددا وما أصعب العودة بعد ندم وتوبة، فإذا كان العفو الملكي وبرنامج مصالحة قد بصما على نجاح هؤلاء المدانين في اختبار “الوطن غفور رحيم” يجب ال الحكومة تسطير برنامج للإدماج وتوفير فرص للشغل لقطع الطريق على محاولات التواصل واستمالتهم مرة أخرى من التنظيمات المتشددة التي كانوا ينتمون إليها فمهما اقتلت من شوك لا بد وأن تبقى جذوره في العمق تتحرك بحثا عمن يرويها.
