في خطوة يراها الاتحاد الأوروبي ضرورية لحرمان روسيا من الأموال اللازمة لتمويل الحرب، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، عن عزم دول الاتحاد الأوروبي حظر جميع المنتجات النفطية الروسية بحلول نهاية العام.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي صباح اليوم الأربعاء: «دعونا نكون واضحين، لن يكون الأمر سهلًا، بعض الدول الأعضاء تعتمد بشدة على النفط الروسي، لكن علينا ببساطة أن نعمل على ذلك».

وينص المشروع على وقف تدريجي للمشتريات الأوروبية خلال 6-8 أشهر حتى نهاية 2022، وسيلتقي ممثلي 27 دولة الأعضاء في دول الاتحاد اليوم لتقييم خطتها، وستحتاج إلى موافقة بالإجماع قبل دخولها حيز التنفيذ، ومن المتوقع أن يتم اعتمادهم بنهاية الأسبوع، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

تردد الاتحاد الأوروبي في القرار

وترددت أوروبا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير، في تلك الخطوة، نظرًا لاعتمادها على روسيا كمصدر للطاقة، وفرضت أوروبا عقوبات اقصادية متنوعة على موسكو، لكنها استثنت ملف الطاقة، ويشكل الغاز الروسي 40% من احتياجات أوروبا، أما النفط بيشكل 27% من احتياجاتها.

انتقادات للقرار.. تهديد لأمن الطاقة وطلب أعضاء من الاتحاد استثنائهم

على الجانب الآخر يبدو أن الدول الأوروبية ليست على وفاق بشأن كيفية تطبيق تلك العقوبات، وسبق وأن أعلنت كل من حكومات المجر وسلوفاكيا إعفائها من الحظر، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز إن المجر وسلوفاكيا، سيتم منحهما حتى ديسمبر 2023، على الجانب الآخر حذر ألمانيا أن الحظر يمكن أن يؤدي إلى «اضطرابات» في الإمدادات وارتفاع الأسعار، لكنها رأت خطوة ضرورية، كما وصفت الحكومة ​المجرية، إعلان المفوضية الأوروبية أنه لا يشمل ضمانات لأمن طاقة.

حرب العقوبات.. ووقف روسيا لامدادات الغاز

وفي خضم حرب العقوبات بين روسيا وأوروبا، اشترط الرئيس بوتين، في 31 مارس الماضي، دفع ثمن إمدادات الغاز الروسي من قبل ما وصفه بالدول «غير الصديقة»، بعملة الروبل الروسي بدلًا من الدولار واليورو، الأمر الذي رفضته الدول الأوروبية، واعتبرته خرقًا للعقود، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد ففي يوم 27 إبريل، أعلنت شركة «غازبروم»، إيقاف إمدادات الغاز إلى بلغاريا وبولندا بسبب عدم قيام الدولتين بسداد ثمن الإمدادات بالروبل.

ووصف عدد من الخبراء في مجال الطاقة والبترول لـ «المصري اليوم» القرار بأنه «عنتري»، ولا يمكن تطبيقه عملياً، محذرين من خطورة ذلك الإعلان على استقرار أسعار النفط والغاز، فيما وصف آخرون القرار بأن نتائجه ستكون عكسية وأن أوروبا هي الخاسر.

البحث عن أسواق بديلة.. وصعوبة التطبيق العملي للقرار

ووصف الدكتور رمضان أبوالعلا، خبير هندسة البترول بجامعة قناة السويس، القرار بأنه فيه نوع من العنترية، كما أنه غير قابل للتطبيق العملي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ «المصري اليوم»، أن القائمين على صنع القرار بالاتحاد يعلمون أن القرار غير قابل للتنفيذ، مشيراً إلى أن أوروبا تستورد 15 مليون برميل نفط يومياً من ضمنهم 5 برميل من روسيا.

وذكر «أبوالعلا» أنه سيتم التحايل على تطبيق الحظر، عبر تصدير روسيا لنفطها إلى دول الصين ودول شرق آسيا، ثم سيتم تدويرهم للدول الأوروبية، لافتاً إلى أنه لكي يتم إحلال النفط الروسي في أوروبا بأنه يتعين على الدول الأوروبية شراء النفط من دول لديها رغبة في زيادة إنتاجها، الأمر الذي وصفه بأنه «غير قابل للتنفيذ».

وذكرت وكالة بلومبرج الاثنين بعد اطلاعها على وثيقة من الاتحاد الأوروبي، أن أوروبا ستتوجه نحو السوق الأفريقي لإحلال محل الغاز الروسي، مشيرة إلى أن دول في غرب أفريقيا مثل نيجيريا والسنغال وأنجولا، لديها إمكانيات غير مستغلة، علاوة على ذلك، ستلجأ أوروبا إلى دول مثل مصر وإسرائيل وأذربيجان وأستراليا، والولايات المتحدة وفق بلومبرج.

وأوضح «أبوالعلا» أن مصر لا يمكنها توفير احتياجات أوروبا من الغاز في الظروف الحالية، موضحاً أن مصر تصدر حوالي 4 مليار متر مكعب من الغاز، فيما تستهلك أوروبا 379 مليار متر مكعب سنة 2020، لكنه أشار أنه حال اللجوء إلى حقول غاز أخرى في المياه العميقة، وتسييلها عن محطات إسالة في دمياط وإدكو فإنه يمكن لمصر ولدول أخرى في منطقة شرق المتوسط توفير 20% من احتياجات أوروبا من الغاز، مشيراً إلى أن ذلك يعد رقم كبير.

أسعار الطاقة في ارتفاع.. وروسيا الرابح الأكبر

من جانبه ذكر المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق أن أوروبا هي الخاسر الأكبر من وراء حظر النفط والغاز الروسي، مشيراً إلى أنه عملياً يصعب إيجاد بدائل، ووصف القرار حال تطبيقه بأنه «تأثيره عكسي على الاقتصاد الاوروبي».

ووصف «كمال» في تصريحات خاصة لـ «المصري اليوم»: الخطوات الأوروبية بأنها دعايا إعلامية للضغط على موسكو، لكنه لفت إلى أن موسكو هي الرابح من وراء أرتفاع أسعار الطاقة كونها دولة مصدرة للنفط والغاز، قائلاً أنه بعد الأزمة «صدرت روسيا كمية نفط أقل بسعر أعلى» بعد أن كان برميل النفط قبل الأزمة تراوح بين 60-65 دولار للبرميل.

وقفزت أسعار النفط صباح الأربعاء بحدود 3 دولارات ليصل سعر برميل برنت إلى 107.97 دولارات، كما بلغت أسعار الغاز الطبيعي أعلى مستوى لها منذ سبتمبر 2008، وقفزت بأكثر من 9٪ لتبلغ 8.169 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu) وفق مؤشر «هنري هاب» الأمريكي.

يذكر أن روسيا هي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، كما أنها أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم.

تحديات لوجيستية حال استغناء أوروبا عن الغاز الروسي

من جانبه لفت المهندس صلاح حافظ، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق، إلى وجود تحديات لوجيستية لتطبيق القرار مشيراً إلى أن أوروبا ستحتاج إلى الأستثمار في بناء محطات الإسالة والتغييز، حال أرادت الاستغناء عن الغاز الروسي.

وأوضح في تصريحات لـ «المصري اليوم»: أن أغلب الغاز الروسي المصدر إلى أوروبا، يأتي على هيئة غازية عبر أنابيب، لكن حال أرادت أوروبا استبدال الغاز الروسي بأنه سيتعين عليها شراء الغاز المسال من شرق أسيا أو الغاز الصخري من الولايات المتحدة، الذي يصعب مدة عبر أنابيب عبر القطب الشمالي أو المحيط الأطلنطي لطول المسافة.

وذكر «حافظ» أن الدول الأوروبية سيتعين عليها تغيير البنية التحتية في مجال الغاز الطبيعي عبر بناء محطات لتغييز الغاز المسال، واصفاً إياها بأنه «مشكلة لوجستية» ستحتاج للكثير من الأموال.