هزة واسعة النطاق يتوقع المستثمرون حول العالم امتداد آثارها في الأسواق الدولية بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار فائدته المرجعية بوتيرة قياسية ناهزت 0.5 نقطة مئوية، الأربعاء، لتصل بذلك إلى 1%، وهي أكبر زيادة منذ 22 عاماً، بهدف ترويض التضخم الأكبر منذ 4 عقود في الولايات المتحدة. وفور إعلان البنك المركزي الأمريكي عن قراره تناولت مجموعة من الصحف والمواقع العالمية الكبرى الآثار التي قد تترتب على رفع الفائدة، ومنها احتمالات حدوث "موجة ركود عالمية"، وتراجع عملات الاقتصادات الأكثر هشاشة وتلك غير المربوطة بالدولار، وترجمت صحيفة "اليوم" أبرز ما جاء في هذا التناول، كالآتي:
تشديد نقدي
البداية كانت من شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، التي عنونت موضوعها بالقول: "الفيدرالي يرفع أسعار فائدة بأكبر وتيرة منذ أكثر من عقدين لمحاربة التضخم"، وأضافت الشبكة أن البنك يسعى بذلك إلى تشديد سياسته النقدية بوتيرة سريعة، وهو ما يتوافق مع أغلب توقعات المستثمرين، بعد مرحلة التسهيل النقدي، التي شهدتها الفترة الأولى من الجائحة، كما ينتظر تقليص ميزانيته العمومية في أول يونيو بدءاً بخفض قدره 47.5 مليار دولار شهرياً، ويرتفع إلى 95 مليار دولار شهرياً بعد ثلاثة أشهر.
وعزت الشبكة القرار إلى الارتفاع غير المسبوق في أسعار المستهلكين، وبصفة خاصة تكاليف الطاقة، واختلالات العرض والطلب في السوق الأمريكية، واستطردت: "هناك مخاوف واسعة في السوق من أن يؤدي تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة إلى ركود اقتصادي، خاصة بعد حرب أوكرانيا التي زادت الضغوط على حركة التجارة وسلاسل الإمدادت العالمية".
قرار اضطراري
أما موقع مجلة "فوربس" الأمريكية فألقى الضوء على الأجواء التي أحاطت بالقرار، لافتاً إلى أن القرار كان "اضطرارياً" وسط موجة البيع التي تشهدها الأسهم الأمريكية، والتهديدات المحيطة بسوق العمل، وضرورة استعادة الفيدرالي للتوازن السعري في السوق.
ولفتت المجلة إلى أن القرار على الأرجح لن يكون الأخير لهذا العام، حيث يتوقع إقرار البنك المركزي الأمريكي لزيادات فائدة تتراوح بين 4 و7 مرات خلال السنة الحالية، كل منها بنحو ربع إلى نصف نقطة مئوية.
وأضاف: "لعدة شهور، ثارت توقعات حول رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة بصورة كبيرة، لكن وتيرة الزيادة وسرعتها تضاعفت وسط توجيه أصابع الاتهام للبنك بأنه لا يتحرك بالسرعة الكافية لكبح التضخم".
تأثير مباشر
لكن القرار على كثرة عواقبه السلبية المتوقعة من ناحية الإقراض، إلا أن له جانباً إيجابياً وهو تعزيزه للسيولة والودائع المصرفية، حيث يتدافع المودعون على تحصين أموالهم عبر إيداعها لدى البنوك خاصة الدولارية منها وتلك التي تقدم فوائد أعلى، وبالتالي الاستفادة من هذه الزيادة المالية.
وعن التأثير المباشر للقرار على جيوب المستهلكين، تقول صحيفة "بوسطن هيرالد": "مع تسارع أسعار المواد الغذائية والطاقة والسلع الاستهلاكية، فإن هدف الاحتياطي الفيدرالي هو تهدئة الإنفاق من خلال زيادة تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات. ويأمل البنك المركزي في أن تؤدي التكاليف المرتفعة للرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات إلى إبطاء الإنفاق بما يكفي لترويض التضخم، ولكن ليس بقدر الذي يؤدي إلى الركود. وسيتطلب هذا موازنة دقيقة للغاية".
متغيرات عالمية
في السياق ذاته، أشارت شبكة "سي إن إن" إلى أن التهديد الناجم عن رفع أسعار الفائدة الأمريكية بالنسبة للسوق العالمية يتضافر أيضاَ مع مجموعة من العوامل الأخرى التي تقوض نمو الاقتصاد العالمي ومنها تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، إضافة إلى عودة تفشي كوفيد- 19 في الصين، وزيادة أسعار المستهلكين عالمياً، وفوق كل هذا مشكلات سلاسل التوريد المستمرة.
واختتمت: "كل هذا يقود إلى تأجيج تنبؤات الاقتصاديين الأكثر تشاؤماً، وظهور آفاق ضبابية متماوجة عبر الاقتصاد العالمي.
