حركت زيارة الملك محمد السادس إلى روسيا في مارس 2016، عجلة الاقتصاد المتوقفة طويلا، وانتقلت بها إلى السرعة القصوى بعد ذلك، إذ مرّت عبر محطات التجارة والغاز والسياحة، من خلال الدفع بسخاء لرؤوس الأموال والإستثمارات الكبيرة، حتى أضحى المغرب بالنسبة لموسكو شريكا فوق العادة ومنفذا اقتصاديا مهما يطُل به على دول القارة ويزاحم الغرب في مناطق جديدة، بيد أن هذه الرغبة تعوق نجاعتها أسباب سياسية واستراتيجية.
العلاقات المغربية الروسية كانت محل تصفح، مجلة جون أفريك الفرنسية، التي أعادت شريط دق المستثمرين الروس أبواب “الإستثمار في المغرب” واستغلال ما تولّد من علاقات جديدة بُثت في جسدها أوائل العام 2016، لكن دون نتائج تذكر، دون إغفال أن محاولات رجال الأعمال المقربين من الكرملين الذين حاولوا في مرات متعددة دخول بأموالهم إلى المغرب، ليست وليدت اليوم بل تعود إلى سنوات خلت، كانت أهمها ما تكشف عام 2006، إذ أعلنت الصحافة الروسية عن وصول واحدة من أكبر خمس مجموعات مالية روسية، IFC Metropol، إلى السوق المغربية. وتم الحديث وقتها عن استثمار 150 مليون دولار في مشروع سياحي بمدينة مراكش و60 مليون دولار في مصنع أسمدة لمكتب الفوسفات. وبعد ستة عشر عاما، توقف المشروع.
الدينامية التي قفزت بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جيد، كانت خلال سنة 2006، بعد زيارة بوتين إلى الرباط ولقاءه الملك محمد السادس، ووقتها تقول المجلة الفرنسية أن “الرباط وقعت عقود أسلحة مع روسيا، من بينها شراء 100 طائرة هليكوبتر ونظام دفاع جوي”، لكن هذا لم يؤت ثماره لأسباب ثقافية وتقنية وسياسية، تضيف “جون أفريك” بسبب قرب روسيا من النظام الجزائري ومصالحها هناك، وموقفها الدبلوماسي بشأن الصحراء المغربية، ولكن أيضا نتيجة قرب المغرب من الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تنظران نظرة قاتمة للغاية إلى هذا النوع من الصفقات المبرمة مع موسكو.
ومن الإتفاقات التي كتب لها الوجود والأجرأة، تلك التي تتعلق بتزويد السوق الوطنية بالقمح الروسي، الموقعة في عام 2016.وما تزال بنوده سارية المفعول إلى اليوم.
علاقات سياسية متشابكة ومعقدة، تدفع المغرب بحسب المجلة إلى النأي بنفسه عن السياسة الخارجية الروسية أو التعليق عليها، على غرار ما يجري في الأثناء بين روسيا لأوكرانيا على وجه الخصوص، حيث تتجنب الرباط بعناية تنفير أي من أطراف النزاع، إذ لم يشارك في التصويت على قرار للأمم المتحدة يدين العدوان الروسي.
وتحصيلا لذلك،، أبعد نظام فلاديمير بوتين المغرب من قائمة الدول التي وقع عليها عقوبات تروم “الرد على التصرفات غير الودية لبعض الدول الأجنبية والمنظمات الدولية”. في وقت لم يحدد المرسوم أسماء الأفراد أو الكيانات المقرر أن تشملها العقوبات، ويحظر المرسوم تصدير المنتجات والمواد الخام للأفراد والجهات الخاضعة للعقوبات، كما يحظر التعاملات مع الأفراد والشركات الأجنبية التي تشملها.
وفي مارس 2019، تم توقيع اتفاقية لبناء مصفاة نفط بقيمة 2 مليار يورو. بين شركة MYA Energy، و بنك التنمية في الاتحاد الروسي (VEB)، ومركز التصدير الروسي (EXIAR). بيد أن المشروع العملاق ولد ميتا، إذ لم يلق التجاوب المطلوب ولم يحقق غايته المرجوة، بعدما استشعر عدم حماسة المسؤولين المغاربة له. رغم أنه كان يمكن لمشروع المصفاة الروسي، وفق خبراء أن يمكّن المغرب من إنتاج الوقود البحري والوقود للسوق المحلية.
يذكر أن المغرب يعتبر ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الروسي بين دول القارة الأفريقية، بعد مصر والجزائر. كما سجل حجم التجارة بين البلدين زيادة بنسبة 50 في المئة في شهري يناير وفبراير من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، لكنه ما يزال منخفضا نسبيا، دون 2 مليار دولار.
