التنافسية العالمية لمؤسسات التعليم العالي


بتزايد التوجه نحو إيجاد سوق عالمية موحدة بصورة متسارعة في الواقع العملي، وتلاشي الحدود والحواجز بين السوق المحلية والأسواق الدولية، وتسارع التغيرات التكنولوجية خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبح العالم قرية عالمية التوجه، وأصبحت التنافسية في وقتنا المعاصر أمرا لا مفر منه؛ فأصبح لها هيئات وإدارات تمتلك سياسات واستراتيجيات ومؤشرات، وأصبح تأثيرها واضح علي المؤسسات التي تحتاج إلى النمو، ويواجه التعليم العالي تحديا دائما يتمثل في التغيير المستمر، كالذي يواجه المجتمع، وهذا راجع إلى التطورات المتسارعة في مجال المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، والنمو في عدد الطلاب وزيادة تنوعهم، والتحرك نحو المجتمع المعرفي، وكي تستطيع الجامعات أن تنافس بكفاءة في أسواقها فإنها تحتاج إلى أن تتميز بخدماتها لضمان رضا عملائها الداخليين والخارجيين على حد سواء، والجامعات التي تريد البقاء والريادة في محيط يتميز بالتحولات وشدة المنافسة عليها أن تمتلك قدرات معينة تؤهلها لتحسين دافعية العاملين، وخلق الولاء لديهم، والوصول للأداء المرتفع، وتحقيق الإبداع؛ لتحقيق ميزة تنافسية مؤسسية على المستويين المحلي والعالمي.

وتعد التنافسية سمة أساسية تسعى كافة المؤسسات إلى تجاوزها من خلال ما تمتلكه من مزايا وقدرات تؤهلها للمنافسة في أسواق العمل المحلية والعالمية، تجعلها في مقدمة نظائرها من المؤسسات، فهي تعبر عن مدى قدرة المؤسسة على تقديم المنتجات والخدمات التي يحتاجها العملاء بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين على كافة المستويات المحلية والدولية والعالمية، مما يعني نجاحا مستمرا للمؤسسة، والمؤسسة الجامعية تخضع لكافة عوامل التنافسية ومتغيراتها على المستويين المحلي والعالمي، فقدرة الجامعة على استيفاء متطلبات ضمان الجودة، والتأهل للحصول على شهادات الاعتماد من جهات الاعتماد المحلية، يكفل لها أن تقدم للمجتمع معايير حاكمة يمكن في ضوئها القيام بالحكم على أدائها، كما أن ذلك يساعدها بالتأكيد على تحقيق مكانة متقدمة في التصنيفات العالمية للجامعات على مختلف أنواعها.

والقدرة التنافسية في التعليم الجامعي تعني “قدرة الجامعة على تقديم خدمة تعليمية وبحثية عالية الجودة، مما ينعكس إيجابيا على مستوي خريجيها، وأعضاء هيئة التدريس بها؛ الأمر الذي يكسبهم قدرات ومزايا تنافسية في سوق العمل بمستوياته المختلفة، وفي الوقت نفسه يعكس ثقة المجتمع فيها، ومن ثم التعاون معها، وزيادة إقبال الطلاب على الالتحاق بها، كما يمكن تعريف القدرة التنافسية في التعليم الجامعي بأنها: تسابق الجامعات من أجل تحقيق الأفضل في وظائفها الثلاث (التعليم – البحث العلمي خدمة المجتمع و الوصول إلى المستويات العالمية”.

وتظهر القدرة التنافسية للجامعة في تميزها على الجامعات الأخرى في واحدة أو أكثر من المجالات مثل: البرامج الدراسية، أو مؤهلات أعضاء الهيئة التدريسية وقدراتهم، أو المكتبات، أو القاعات التدريسية، أو التجهيزات الدراسية والبحثية، أو التدريب العلمي، أو نمط الإدارة؛ مما يحقق للجامعة قدرة على جذب الطلاب من البيئة المحلية والعالمية. والجامعات التي تتمتع بقدرة تنافسية عالية تكون قادرة على استغلال جوانب القوة والفرص المتاحة فيها للحد من جوانب الضعف وتقليل أثر التهديدات، وذلك من خلال قدرتها على استغلال جميع الموارد البشرية والطبيعية والفيزيقية والمعلوماتية… إلخ في تحقيق ميزة تنافسية تحقق الجودة عن طريق الابتكار والإبداع.

ولابد من الإشارة إلى أن أداء الجامعة لم يعد مرتبطا بمجرد تقديمها خدمة التعليم الأبناء المجتمع، بل أصبح لها دور قوي في تأهيل أبناء المجتمع للعمل في مجتمعات عمل محلية وعالمية مفتوحة، مما يتطلب منها توفير برامج تعليمية متطورة ومتميزة، بالإضافة إلى توافر أعضاء هيئة تدريس ذوي مستوى مرتفع من الكفاءة العقلية والعلمية، مع امتلاكهم لمهارات البحث العلمي المؤثر في خدمة المجتمع ومساعدته على التقدم والرقي واللحاق بركب الدول المتقدمة؛ مما يتطلب البحث عن أساليب ومداخل تمكن الجامعة من دعم قدرتها التنافسية وتنميتها ومعالجة نقاط ضعفها واستثمار نقاط قوتها، وبالتالي تتمكن من إعداد خريج يمتلك من المعارف والمهارات والقدرات ما يؤهله للعمل في الأسواق العالمية والدولية، وبالتالي يصبح خريجا عالميا وليس محليا مما يعمل على زيادة دخله، كما ستتمكن من تقديم خدمات بحثية ومجتمعية عالية الجودة تخدم المجتمع المحلي والعالمي.

ويعد امتلاك الجامعات لقدرات تنافسية عاملا مؤثرا في طبيعة عملها وطريقته؛ حيث يعود عليها بعدة مكاسب منها؛ تحقيق ميزة نسبية دائمة ومستمرة؛ مما يؤدي إلى رفع جودة الخدمات المقدمة وتحسينها وخفض التكاليف، وتقديم كل ما هو جديد، وتحفيز روح الابتكار والإبداع، بالإضافة إلى ضرورة الاعتماد على أكثر من استراتيجية للمنافسة، كاستراتيجية التمييز أو التركيز، وتوظيف التكنولوجيا لصالح العمل وتيسيره، مع السعي نحو تحقيق قيمة مضافة، وتحسين القدرة التنافسية للجامعات يؤدي إلى تطوير أداء الأفراد، وتنمية معارف الطلاب ومهاراتهم وربطهم بالواقع العملي لمقابلة احتياجات مؤسسات الأعمال المتنوعة، بالإضافة إلى دعم العلاقات وتحسينها بين الجامعات والقطاع الصناعي من خلال الأبحاث والمشاريع المشتركة وتقديم الخدمات الاستشارية ورعاية المبدعين.

وفي الختام؛ تأتي الإشارة إلى أهمية توافر قدرة تنافسية للجامعة والعلاقة التبادلية بينها وبين مؤسسات المجتمع الإنتاجية؛ فحينما تمتلك الجامعة قدرات تنافسية تكفل لها تقديم خريج على مستوى عالمي يتمكن من العمل بكفاءة وفاعلية في مؤسسات العمل المتنوعة، فسوف يساعد الجامعة على السبق في المنافسة الدولية وتحقيق مكانة متقدمة في تقرير التنافسية العالمي، ويكون ذلك وفقا لمجموعة من الأسس والمعايير.

*نقلا عن صحيفة مال

تاريخ الخبر: 2022-06-11 12:17:38
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 79%
الأهمية: 92%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية