في ظل ما يشهده العالم من أزمة طاقة والغذاء وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة بسبب استمرار الحرب الأوكرانية ومحاولات الغرب عزل روسيا عن النظام الاقتصادي العالمي، قالت وزارة التجارة الصينية، إن وزراء الاقتصاد والتجارة في دول "بريكس" تعهدوا بتعميق التعاون في مجالات تشمل الاقتصاد الرقمي، والاستثمار التجاري والتنمية المستدامة، وسلسلة التوريد وآليات التجارة متعددة الأطراف.

ومصطلح بريكس (BRICS) هو اختصاراً لكتلة الأسواق الناشئة التي تضم خمس دول هي: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب إفريقيا.

ويهدف التكتل بشكل أساسي إلى خلق توازن دولي في النظام الاقتصادي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بسياستها المالية والنقدية، وذلك من خلال إنهاء سياسة القطب الأحادي وإيجاد بديل فعال وحقيقي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي يمكن الدول الأعضاء من منح وتبادل القروض بشكل لا يؤثر ولا يحدث أي خلل اقتصادي، فضلاً عن تعزيز شبكة الأمان الاقتصادي العالمية بالنسبة إلى تلك البلدان وتجنيبها ضغوط الاقتراض من المؤسسات الغربية وتكبيلها بالفوائد.

ما تكتل بريكس؟

تكون تكتل بريكس المعروف بتأثيره الكبير على الشؤون الإقليمية، والذي يختصر الحروف الاولى باللغة الإنجليزية للدول المكونة للمنظمة وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، عام 2006 تحت مسمى "بريك"، لكن بعد انضمام جنوب أفريقيا إليه في عام 2010، تغيرت التسمية إلى دول "بريكس".

ومنذ أول قمة جمعت رؤساء الدول الأربع المؤسسة في روسيا في يونيو/حزيران 2009، اجتمعت حكومات دول بريكس سنوياً في قمم رسمية، استضافت الهند آخرها في 9 سبتمبر/أيلول الماضي.

فيما كان الهدف الرئيسي وراء إنشاء التكتل، الذي يقول عن نفسه أنه منظمة دولية مستقلة تعمل على تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي بين الدول المنضوية في عضويته، هو تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية تكون فيه الدول الأعضاء أحد مرتكزات الاقتصاد العالمي المستقبلي سواء كانت منفردة أو مجتمعة.

ويقع مقر تكتل بريكس في مدينة شنغهاي الصينية، التي تستضيف أيضاً "البنك الجديد للتنمية" التابع للتكتل. ويتناوب أعضاء المجموعة الخمسة رئاستها سنوياً، بشكل دوري فيما بينهم.

بريكس.. أرقام وحقائق

يمثل تكتّل بريكس ما يقرب من 42% من إجمالي تعداد سكان العالم، فيما تغطي الدول الأعضاء فيه مساحة تزيد على 39 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل 27% من مساحة اليابسة.

أما من الناحية الاقتصادية يحتل اقتصاد دول بريكس مراتب متقدمة على الصعيد الدولي، إذ بلغ الناتج المحلي الاسمي لدول بريكس الخمس سنة 2018 نحو 19.6 تريليون دولار، أي نحو 23.3% من إجمالي الناتج العالمي. في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول مشتركة (تعادل القوة الشرائية) حوالي 40.55 تريليون دولار، أي ما يعادل 32% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

كما تحتل اقتصاديات دول بريكس مراتب متقدمة على الصعيد الدولي على النحو الآتي: الصين الثانية عالمياً، الهند الرابعة عالمياً، روسيا السادسة عالمياً، البرازيل التاسعة عالمياً، جنوب إفريقيا الخامسة والعشرين عالمياً.

ومع مجالات اهتمام وطموحات مماثلة لمجموعة السبعة الأكثر رسوخاً (G7)، والتي كانت روسيا أيضاً عضواً فيها حتى طُردت بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، تشكّل مجموعة الدول السبع ودول مجموعة بريك الأصلية (دون جنوب أفريقيا) 11 من بين أكبر 12 اقتصاداً في العالم (والآخر هو كوريا الجنوبية)، وفقاً للبنك الدولي.

هل يزعزع تكتل بريكس هيمنة الدولار؟

على الرغم من التباعد الجغرافي بين دول التكتل، بالإضافة إلى التنافس والنزاعات الاقتصادية والإقليمية والسياسية بين الحكومات الخمس، فإن ذلك لا يعني عدم وجود تحالف رسمي أو غير رسمي بين دول بريكس، إذ أظهر عديد من القضايا السياسية درجة التنسيق داخل هذا الكيان، لعل أحدثها الحرب الاوكرانية ووقوف الصين إلى جانب روسيا، وشراء الهند النفط والغاز الروسي رغم الضغوط الغربية عليها.

كما لا يجب إغفال الأهمية الجيوسياسية لكل هذه الدول التي تحتل مواقع استراتيجية في خريطة العالم وفيها موارد متعددة، فضلاً عن قوتها الصناعية والمالية المتزايدة التي مكنتها لتصبح من بين اللاعبين الرئيسيين في الأسواق الدولية للسلع والخدمات ورأس المال وموارد الطاقة والغذاء، مما يؤثر بشكل كبير، وأحياناً حاسم، على أدائها.

ومع ذلك، يرى معظم الخبراء أنه سيكون من السابق لأوانه القول إنه في السنوات القادمة سيتمكن ممثلو هذه الرابطة من تحقيق توازن القوى في العلاقات النقدية والائتمانية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتغلب على هيمنتهم طويلة الأجل في التمويل العالمي، خصوصاً وأن كل ذلك مرهون بتحويل الوحدات النقدية لدول بريكس إلى أصول احتياطية مؤثرة يمكنها الضغط على الدولار الأمريكي واليورو في خدمة العلاقات الاقتصادية العالمية وإنشاء مراكز مالية دولية كبيرة فيها يمكنها التنافس على قدم المساواة مع لندن أو نيويورك.

TRT عربي