في ظلّ ما يشهده العالم من أزمة خانقة في سلاسل الإمداد والتوريد، مستمرة منذ بدء جائحة كورونا قبل ما يقرب من 3 سنوات وازدادت حدتها مع بدء الحرب الأوكرانية التي تهدّد بأزمة غذاء عالمية، توجهت الأنظار إلى تركيا مجدداً لضمان طرق ملاحية موثوقة لأجل ربط الشرق بالغرب وتسهيل حركة الصادرات والواردات بين القارات الثلاث، التي تتوسطها تركيا بموقعها الاستراتيجي الفريد.

فيما يُنتظر أن تدفع أزمة الغذاء العالمية، التي تسببت فيها الحرب الأوكرانية، دولاً مثل الأردن وتركيا إلى تفعيل خط "رورو" بين البلدين الذي اتُّفق عليه قبل نحو 6 أعوام. وهو الخط الذي تحدث عن أهميته للأناضول المدير التنفيذي للنقل واللوجستيات في شركة تطوير العقبة الأردنية محمد السكران قائلاً: "الخط الملاحي يحمل فوائد متبادلة بين البلدين، ويعزّز الربط بين سلاسل الإمداد بين منطقة الشرق الأوسط وتركيا، من خلال بوابة العقبة".

تجدر الإشارة إلى أنه في يونيو/حزيران 2021 باشرت مجموعة "كرانفيل" التركية تنظيم رحلات النقل البحري "رورو" من تركيا إلى ليبيا بشكل دائم، من أجل زيادة حجم التجارة بين البلدين. وتنقل الشركة الحاويات من مواني إسطنبول وقوجة إيلي وصامصون وإزمير ومرسين وإسكندرون التركية إلى مصراتة.

ما المقصود بخطوط "رورو"؟

يُعتبر نظام "رورو" (Ro-Ro) الذي هو اختصار لعبارتَي "roll-on" و"roll-off"، أسلوباً يُستخدم في نقل البضائع بين البلدان عبر خط بحري تُصدَّر من خلاله المنتجات على شاحنات تنقلها عبّارات تُسمى "سفن الدحرجة".

وبالنسبة إلى السفن التي تُشغَّل ضمن هذه الخطوط فهي مصمَّمة لحمل السيارات والقاطرات والشاحنات التي تحمل بضائع بين ميناءين اثنين، ثم تتابع طريقها براً.

فيما يتيح الشحن عبر "رورو"، الذي له تأثير مباشر في هامش الربح لشركات الخدمات اللوجستية، تقليل تكاليف إهلاك المركبات ويطيل عمرها من خلال تقليل تكاليف الإصلاح والصيانة. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الطريق التي تقلّل تكاليف الوقود، تسمح أيضاً بالتخلص من مشكلات التأشيرات والحدود والجمارك والانتظار في مختلف البلدان.

وإحدى أهمّ مزايا نقل "رورو" أن البضائع المنتجة في المصنع تُحمَّل في السيارة دفعة واحدة، وأنها لا تخضع لأي عملية مناولة أو تحميل أو تفريغ أخرى حتى تبلغ وجهتها النهائية. بالتالي تُقلَّل مخاطر التلف والخسارة التي قد تحدث في نقل البضائع إلى الحد الأدنى، كما لا تجلب تكاليف إضافية للتنزيل والتحميل مرات عدة.

أهمية خطوط "رورو" لتركيا

نظراً إلى الجمارك والضرائب التي يطبقها عديد من البلدان لمركبات الطرق العابرة من أراضيها، فإن النقل البحري يُعَدّ أهمّ بديل لتلبية الطلبات اللوجستية المتزايدة للمصدّرين. في هذا السياق تحديداً تأتي أهمية خطوط "رورو" التي توفّر للمصدّرين الأتراك مرونة كبيرة ومزايا من حيث التكلفة من خلال زيادة حصة الصادرات عن طريق البحر في إجمالي النقل.

وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها الأناضول من وزارة النقل والبنية التحتية التركية، فإن النقل عبر خطوط "رورو" وما تتيحه من سرعة في التحميل والتفريغ، والذي ينعكس بدوره على توفير مزيد من الرحلات بسبب أوقات التشغيل القصيرة، وتكاليف المواني المنخفضة للسفن، فضلاً عن سرعات الإبحار العالية للسفن، يساعد على وصول الشحنات إلى العملاء في وقت أقصر وتكلفة أقلّ وبلا مشكلات ناتجة عن عمليات التحميل والتنزيل المتكررة.

وللأسباب التي ذكرناها سابقاً، لا تدعم وزارة النقل والبنية التحتية التركية الشحن عبر خطوط "رورو" وحسب، بل تسعى لزيادة أعداد هذه الخطوط بين تركيا وبقية المواني العالمية، لدورها الكبير في زيادة الصادرات التركية التي تساهم في تطوير وتقوية اقتصاد البلاد.

إحياء خط "رورو" بين الأردن وتركيا

في مارس/آذار 2016، اتفقت الحكومتان الأردنية والتركية على إطلاق رحلات "رورو" بين مدينتَي العقبة الأردنية وإسكندرون التركية، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن. لكن ما يشهده العالم من أزمة حادة في الإمدادات، أعاد إلى الأذهان فكرة إنشاء خطّ تجاري بين أوروبا والأردن، بالتحديد تركيا، لضمان طرق ملاحية موثوقة لأجل واردات المملكة وصادراتها.

فيما رجع محمد السكران عدم تفعيل الخط حتى الآن رغم الحديث عنه سابقاً، إلى "ارتفاع أسعار الشحن، ونأمل تفعيله قريباً".

من جانبه قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي مازن مرجي: "مع ما يحدث في العالم بخاصة انعكاسات كورونا، والأزمة الروسية-الأوكرانية التي فرضت ظروفاً تتعلق بالطاقة والغذاء، فإن تركيا دولة أنجزت نوعاً جيداً من التطور الصناعي والغذائي"، وأضاف: "لدى تركيا الإمكانيات والقدرات لتوفير احتياجات السوق الأردنية من السلع، التي اعتادت استيرادها من الخارج، بخاصة مسألة الحبوب، علماً بأن هذه المنتجات متوفرة في تركيا ولم يحدث عليها انقطاع".

TRT عربي