يصدر قريبًا عن دار غراب للنشر والتوزيع  كتاب "في المعرفة النقدية.. حوارات وقراءات" للناقد والأكاديمي الدكتور أحمد سماحة.

يتضمن الكتاب العديد من الحوارات الثقافية النقدية  مع أبرز الكتاب والنقاد الأكاديميين في المشهد الثقافي العربي، ومنهم الناقدة والأكاديمية دكتور يمنى العبد، والناقد والأكاديمي المغربي دكتور محمد مفتاح، ودكتور على حرب، ودكتور صلاح فضل، ودكتورصبري حافظ، وغيرهم، إلى جانب أن الكتاب يناقش "كتابة الرواية من منظور رولان بارت، ويناقش مع  الناقد والأكاديمي دكتور مدحت الجيار الفرق بين أستاذ الجامعة والناقد.

يقول الناقد والأكاديمي دكتور أحمد سماحة: "مَن لا يملك المعرفة لا يملك حق النقد"، تلك مقولة تتردَّد كثيرًا، وتحمل مقوِّمات الحقيقة بداخلها، إنَّ تخلُّفنا عن المعرفة جعل قدرتنا النقدية موازية لقدرتنا المعرفية، وجعل اتكاء معرفتنا على الماضي أكثر حضورًا، فرغم أن تراثنا النقدي الذي نهض على المعرفة والانفتاح على عوالمها في عصره مثقلٌ بما هو إيجابي، ومترع بما هو مفيدٌ لحركتنا النقدية، إلا أننا جعلناه حبيس عصره، وربطنا بينه وبين الخطاب الأدبي، الذي نهض عليه برباطٍ وثيق لا فِكاك منه، فلم نعمل على استخلاصه لتطويره أو تطعيمه بالمكتسب الراهن، ولم نحاول استنباط المصطلح من بين ثناياه وتطويره؛ ليُسهم في التأسيس لحركةٍ نقديَّةٍ فاعلةٍ تنطلق من الجذور، من الأثر الأدبي العربي؛ لتتفاعل مع كل الخطابات الفكرية والعلمية الأخرى".

وأضاف: "وبذلك أصبحت إنتاجية الخطاب النقدي لدينا منفصلة لا متصلة تضرب في اتجاهات شتى، فثمة مساحات زمنية واسعة تمثل ثغرة فارهة بين الأثر الأدبي والنقدي، تمتدُّ من القرن السادس الهجري، وتصل إلى ما يُسمَّى بـ«عصر النهضة العربية الحديثة»، والذي بدأ مع بداية حُكم «محمد علي» في مصر، أي بداية الابتعاث إلى العالم الخارجي «أوروبا»".

ويشير إلى "أن جُلَّ جهدنا انصبَّ على قراءة التراث النقدي قراءة ماضوية، إما عن طريق التحقيق، وإما عن طريق الشرح والتفسير، ولم نعمَد «إلا قليلًا» إلى قراءة منتجة بمفهوم العصر، حتى بعد أن نمت معارفنا وانفتحنا على الآخر المتطور علميًّا وفكريًّا، أضحى الأمر أكثر دراميَّة؛ لأننا اكتشفنا هكذا فجأة أن كثيرًا من النظريات النقدية والفكرية الحديثة لها جذورها الضاربة في تراثنا النقدي".

وتابع: "فنظرية الاتصال والتبليغ عند «ياكو بسون» قال بها الجاحظ وابن خلدون، ومصطلح الأدبية أو الشعرية عند «ثودروف»، و«ايكو»، و«دوفرين»، وغيرهم كان حاضرًا كمفهوم في أعمال ابن المقفع، والجاحظ، والفارابي، وابن سينا، والجرجاني، وما قال به «دى سوسير» يمكن أن يوجد في تراثنا، والأمثلة كثيرة".

ويلفت إلى "أن تراثنا به الكثير والمفيد في إنتاجيَّة خطابٍ نقدي، ولكنه يحتاج إلى قراءةٍ ناهضةٍ تحلل وتكتشف، وتُعيد إلينا، قراءة تعمل على اتصالٍ معرفي، لا قطيعة معرفية".

ويتابع: "نستفيد من المُعطى الراهن «المعرفة في شتى مجالاتها» ونضفره بالمُعطى التراثي؛ لننتج خطابًا نقديًا وفق خصوصيَّتنا الاجتماعية والتاريخية، ووفق لغتنا والمقاصد التي تؤدِّيها هذه اللغة.

ويؤكد على أن "فالخطاب النقدي لا ينهض من فراغ، ولا يتجه إلى فراغ، ولا تنتجه لنا ثقافة مختلفة من غير أن نشارك نحن في إنتاجه معرفيًّا".

وأضاف: "نحن في هذا الكتاب الذي ركَّزنا فيه على المعرفة الحوارية من خلال الأسئلة التي وجَّهناها إلى نخبةٍ من النقاد العرب على مدى مساحةٍ زمنيةٍ امتدت من بداية التسعينيات وحتى بداية القرن الجديد، إنما أردنا أن نضيء لأبعاد الحركة النقدية العربية من المغرب إلى المشرق، أين وصلت؟ وعَلامَ تتكئ؟ وكيف تفكر؟ وما هي قضاياها؟ وماذا عن مستقبلها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة".

وأوضح: "إضافة إلى تلك الحوارات قدَّمنا بعض الإضاءات التي تصبُّ في الإطار النقدي من خلال ما قدَّمته الحركة النقدية العربية من كُتبٍ بعضها مترجَم، وبعضها مؤلَّف".