في الوقت الذي طالبت فيه مُنظمات مغربية وأجنبية بتحقيق “عاجل ومعمق” في الأحداث التي وُصفت بـ”المأساوية” التي عرفتها الحدود مع مدينة مليلية المحتلة، حيث سقط 23 شخصا في صفوف المهاجرين غير القانونيين المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حينما حاول ألفي مهاجر سري اقتحام السياج الحدودي الجمعة الماضية، من أجل العبور للضفة الأوروبية؛ استفسر جُملة من المغاربة: هل المغرب يقوم بدور حارس الحدود؟
وفي هذا السياق، قال نبيل دريوش، إعلامي وباحث متخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، إن “المغرب واسبانيا يواجهان حربا ضد مافيات الهجرة، وأيضا تواطؤ الجزائر التي تريد إغراق المغرب بالمهاجرين غير الشرعيين، ورئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيث تحدث صراحة عن دور المافيات في هذا الاتجاه”.
“المغرب حارس فعلا للحدود، حدوده أولا والحدود مع اسبانيا” يضيف دريوش في حديثه لـ”الأيام 24″ موضحا أن ذلك “بسبب الالتزامات والاتفاقيات التي تربطه بالاتحاد الأوروبي، كما لاحظنا في خارطة الطريق المغربية الاسبانية تأكيد على التعاون في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، وكذلك تواتر زيارات وزيري داخلية البلدين تحيل على أهمية التعاون المغربي الاسباني في هذا الباب بحكم إدراك حجم الضغط الممارس على المغرب باعتباره آخر محطة للعبور صوب أوروبا”.
وزاد دريوش، بأن “الصحافة الأوروبية التي تتهم المغرب بكونه دركي أوروبا، هي نفسها التي تتهمه في مناسبات أخرى بالتقاعس في مراقبة حدوده أو في إغراق أوروبا بالمهاجرين” موضحا أن المسألة تتعلق بجُملة من الأبعاد، إذ أن “الأحداث كانت كبيرة وكلفتها الإنسانية والسياسية بحكم العلاقات الطيبة التي تربط المغرب بعدد من الدول التي ينتمي لها هؤلاء المهاجرون والتي تفهم سفراءها ما وقع على الحدود مع مليلية المحتلة”.
“إذا لاحظنا من حاول استغلال هذه الأحداث للضرب في صورة المغرب ومُنجزاته في مجال الهجرة نفهم من ساهم في وقوعها، لأن المهاجرين الأفارقة لا يهجمون عادة على سياجات المدينتين إلا مع اقتراب فصل الشتاء” يضيف المتخصص في العلاقات المغربية الاسبانية وصاحب كتاب “الجوار الحذر” مشيرا أن هؤلاء المهاجرين “في العادة يفضلون الذهاب بحرا عبر قوارب الهجرة غير الشرعية مع بداية فصل الصيف، وأظن أن تكثيف التعاون المغربي الاسباني في الآونة الأخيرة يعد بدوره عاملا ساهم غي حالة الهيجان التي شاهدناها”.
وتجدر الإشارة، إلى أنه مُباشرة بعد الأحداث المأساوية والعنيفة التي ترتبت عن محاولات عبور مئات المهاجرين لبوابة العبور بين مدينتي الناظور ومليلية المحتلة، عمد وفد من المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمهمة استطلاعية بمدينة الناظور ونواحيها، موضحا أنه من خلال معاينته لمجموعة من الصور والفيديوهات المنتشرة، سجل أن نشرها “لا علاقة لها بمحاولة عبور المهاجرين، وهو ما يتضمن تضليلا ومعطيات غير حقيقية بشأن العبور الجماعي المكثف وما نتج عنه”.
ونجم عن الأحداث وفاة 23 شخصا وإصابة 76 من العابرين وجرح 140 عنصرا من عناصر القوات المغربية، يتابع المجلس الوطني لحقوق الإنسان حسب بلاغ صادر عنه “عبر لجنته الجهوية بالشرق وأعضائها بنواحي الناضور”.
