ظل صديقاً له لما يقرب من ربع قرن من (1973 حتى 1995) إنه الدكتور عصمت النمر صديق الشيخ إمام (2 يوليو 1918 - 7 يونيو 1995) الذي نحتفى بذكرى ميلاده هذه الأيام وظل حارس خزانة أسراره حتى رحيله وروى لـ«الدستور» الكثير من المحطات والأسرار في حياة الشيخ إمام الذي أثرى حياتنا الفنية لعقود بأغنياته الثورية وتلاوته للقرآن الكريم وأغنياته التراثية التي حفظها عن ظهر قلب.

ولد الشيخ إمام في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة وكان أول من يعيش لها من الذكور، حيث مات منهم قبله 7 ثم تلاه أخ وأخت، وأصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد الحبيبي وفقد بصره بسبب الجهل واستعمال الوصفات البلدية في علاج عينه، فقضى طفولته في حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا رئيس الجمعية الشرعية بابي النمرس وكانت له ذاكرة قوية عن الشيخ إمام وحكاياته ونوادره واسراره كان لنا هذا اللقاء مع صديقه الدكتور عصمت النمر:

_ الدكتور عصمت النمر كنت صديقًا للشيخ إمام لسنوات بدأت منذ عام 1973 حتى وفاته في 7 يونيو 1995.. نريد أن نتعرف منك على أبرز المحطات الرئيسية في مدة صداقتك للشيخ إمام واستمرت 22 عاما؟

له الكثير من الجوانب الإنسانية أبرزها أنه كان متسقاً مع نفسه تماماً وما يقوله هو ما يعيشه منها أنه عاش في غرفة متر في متر وكانت حياته بسيطة حتى عندما هدم منزله في زلزال التسعينات عاش بغرفة متواضعة ولكنه كان يراها كالجنة لأن بها دورة مياه، وأبسط حقوقه كإنسان كان راضياً بها وكان مؤمن بقضية الإنسان المصري وهي الحق في التعبير والحرية.

_ في رائيك لماذا لم يتخل الشيخ إمام عن حارة حوش قدم حتى رحيله؟

الشيخ إمام ابن الحارة وحوش قدم بها 3 عائلات مسؤولين منهم عائلة مسؤولة عن تجهيز الفول والخبز والنمارسة مشهورين بتجارة الزجاج ومنهم الشيخ إمام والعدوية مسؤولين عن العيش، وكان عاشقاً للحارة وفى يوم من الايام كان أحد الاشخاص صاحب مخبز اسمه «حمامة» كان لديه فرن عيش بلدي أمام منزله فقرر ذات يوم أن نذهب إلى منزله وذهبنا سويا ووصف لي الطريق كأنه مبصراً وهو ما يرجع لكونه مقرئ قرآن في المنازل لذا تجده يعرف الحارة ومن حولها منزلاً منزلاً.

_ كيف أثر الشيخ محمد رفعت في الشيخ إمام برائيك؟

كان عاشقاً للشيخ محمد رفعت وحكى لي ذات يوم أنه كان بمسجد يقرئ فيه الشيخ محمد رفعت وذهب إليه ليستمع إليه وقال له إن الشيخ رفعت قال له «انت هيبقى لك شأن كبير» وتنبئ له الشيخ رفعت بأن يكون له شأن كبير وبالمناسبة طرد من الجمعية الشرعية بسبب الاستماع للشيخ رفعت من الجمعية وعندما علم والده بذلك طرده من البيت ومن هنا بدأ رحلته وذهب إلى حوش قدم، حيث احتواه النمارسة وبالمناسبة كان حافظاً للقرآن الكريم كاملاً ولدى نسخة من تلاوته القرآن الكريم كاملاً.

الشيخ إمام بالمناسبة كان مخزناً للتراث حيث استهلاكناه في الأغاني الثورية لكنه في حقيقة الأمر كان حافظاً للتراث، حيث تربى على يد الشيخ درويش الحريري.

_ الشيخ إمام أول سجين بسبب الغناء في الثقافة العربية.. تجربة السجن كيف أثرت في أعماله واختياراته ؟           

تجربة السجن عند الشيخ إمام أن اعتقاله من 1968 حتى 1971 كانت قاسية جداً لأنه كان محبوساً انفردياً خاصة وأنه كان قليل الكلام وكنت استشعر بالمرارة عندما كان يتحدث عن تلك الفترة رغم أنه قدم فيها أجمل أعماله مع أحمد فؤاد نجم.

_ في منتصف الثمانينيات تلقى الشيخ إمام دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء بعض الحفلات في فرنسا، فلاقت حفلاته إقبالاً جماهيرياً كبيراً.. نريد ان تحدثنا عن هذه الفترة ؟

الشيخ إمام حتى اليوم يعرفه الخارج أكثر من الداخل لدى الجاليات العربية فى اوروبا وفرنسا وسوريا والعراق وتونس بسبب ما شهده من حصار سياسي وان اختراع الكاسيت افاد الشيخ إمام وجعله ليس ابن المؤسسة الرسمية اى الإذاعة حيث استطاعت ان تكون منفذاً للشيخ إمام خارج مصر، والمفاجأة بالنسبة لى انه فى 25 يناير فى ميدان التحرير كان الشباب يغنوا اغنيات سيد درويش والشيخ إمام.

_ هل هناك أعمال لم يغنيها الشيخ إمام وانتهى منها قبل رحيله؟

له العديد من الأعمال مفقود الى اليوم منها أغنية عن السفينة «أكيلى لاورو» الإيطالية التي حدث أنه في 7 أكتوبر 1985 اختطف أربعة رجال يمثلون جبهة التحرير الفلسطينية السفينة قبالة ساحل مصر حيث كانت تبحر من الإسكندرية إلى أشدود، إضافة إلى أغنيات غناها بالإذاعة في ستينيات القرن الماضي لم توثق، إضافة إلى أغنيات التراث التي حفظها عن ظهر قلب واعتبره "ذاكرة فوتوغرافية" حيث لم يكن ينسى بالمرة.

_ منذ منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام العزلة والاعتكاف في حجرته قبل وفاته.. ما السبب؟

ليس صحيحاً حيث كان يستيقظ في صباح كل يوم يذهب ليشرب الشاي عند حسين ابو شهبة ويذهب اليه عم أمين ليحضر له طلباته وظل حتى آخر لحظاته يمارس حياته العادية ولم يدخل في عزلة أو أي اعتكاف.