صاروخ الرجل البرتقالي
صاروخ الرجل البرتقالي
(1) : شوارع وميادين في الفضاء
دخل الزائرون اليابانيون إلي فصل الثانية الإعدادية بإحدي مدارس القاهرة, وكان سؤالهم الوحيد الذي حرصوا أن يسمعوا إجابته من التلاميذ, هو: ما أهم اختراع تتوقع الوصول إليه بعد عشرين سنة؟.
وقف مصطفي محرم, وعمره 12 سنة, وقال: أتوقع أن يتم تقسيم الفضاء إلي ميادين وشوارع وطرقات مثل المدن الكبيرة.
ظهرت الدهشة علي وجوه الزائرين وهم يسألون مصطفي: وكيف يكون هذا التقسيم؟.
قال مصطفي: برج المراقبة في المطار يحدد حاليا ارتفاعا معينا لكل طائرة لتفادي الاصطدام, وموجات الإذاعة يتم توزيعها بين الدول لمنع التشويش والتداخل, ويحرص العلماء عند وضع الأقمار الصناعية في مداراتها علي أن ينطلق كل قمر بعيدا عن مسار الأقمارالأخري.. كذلك فإنه عندما يزدحم الفضاء, فلابد من تنظيم شامل للمرور فيه.
واتسعت ابتسامات إعجاب الزائرين وهم يسألون: لكن طبيعة الفضاء تختلف عن طبيعة الأرض؟.
قال مصطفي: إذن لابد أن نبتكر أجهزة وآلات, نري بها مؤشرات تحدد المسار لكل ما ينطلق في الفضاء.. إنني أتصورها طرقا إليكترونية, تحددها الموجات التي تنطلق في الفضاء ونراها بالأجهزة.
هنا ارتفع التصفيق الحار إعجابا بهذا التفكير الإبداعي الخلاق.
(2) : سفينة الفضاء وذات الرداء الأحمر
انطلقت ذات الرداء الأحمر تمشي بين أشجار الغابة, فقابلها الذئب الذي تظاهر بأنه كلب يريد أن يساعدها في جمع بعض الزهور, لتأخذها إلي جدتها التي كانت في طريقها لزيارتها.
بعد قليل كانت ذات الرداء الأحمر تمسك في إحدي يديها هديتها من الطعام إلي جدتها, وفي اليد الأخري باقة الزهور, وانطلقت باسمة مطمئنة, بينما يتسحب خلفها الذئب متخفيا بين الشجيرات يريد أن يعرف الطريق حتي يصل قبلها إلي بيت جدتها, ليفوز بالجدة وبعدها بذات الرداء الأحمر.
ومن بين قمم الأشجار, ظهرت في السماء سفينة فضاء, تراقب كل ما يحدث في الغابة.
بعد لحظات, هبطت السفينة الفضائية فوق الذئب وأمسكت به, ثم ارتفعت في الفضاء, لتبعده تماما عن طريق ذات الرداء الأحمر وجدتها.
وحول المائدة في بيت الجدة, جلست الجدة وحفيدتها وبينهما تورتة, في وسطها لوحة من الحلوي مكتوب عليها عام سعيد مع سنة 2025.
(3) : صاروخ الرجل البرتقالي
انهمك الطفل ابن الخامسة مع الفرشاة والألوان المائية, ثم أمسك ما رسمه بالأزرق والبرتقالي والبنفسجي والأسود, وانطلق يعبر عن خياله في كلمات, ليشرح ما أبدعه بالألوان.
قال في حماس: هل تري هذا الرجل البرتقالي؟ لقد سار كل هذه الطرق الزرقاء, ليصل إلي ذلك الصاروخ الأسود.. الصاروخ سيطير إلي الفضاء, ولن ينتظر عند القمر.. سيلقي عليه نظرة ويقول: أراك بخير عندما أعود.. ثم يكمل رحلته في الفضاء..
هناك سيجد رجالا قصار القامة, عيونهم واسعة, وآذانهم كبيرة.
سيحمل الصاروخ رجال الفضاء هؤلاء, ويعود بهم الرجل البرتقالي إلي الأرض.
سيزرع رجال الفضاء هذه النباتات البنفسجية اللون التي تراها حول الطريق الأزرق, فيجمعها الرجل البرتقالي, ويسير في كل هذه الطرق الزرقاء, ويملأ بها الصاروخ الأسود.
مرة ثانية يحملها الصاروخ السريع إلي الكوكب البعيد, الذي يسكنه الرجال القصار.
وهناك سيقولون لبقية سكان الكوكب البعيد: الأرض ترحب بنا, وتقول لنا: أهلا وسهلا.
نظر إلي الطفل صاحب الخيال الواسع, وختم حديثه عن رسمه قائلا: هل تعرف اسم هذه الحكاية التي رسمتها؟ إنها حكاية: صاروخ الرجل البرتقالي.
ثم عاد يسألني: هل تعرف من هو هذا الرجل البرتقالي؟
ولم ينتظر إجابتي, بل أكمل في ثقة: إنه أنا!.
(4) : شمس لا تغيب
نحن الآن في سنة (2030) الجد نائم في غرفته, والحفيد يقف فوق مقعد لكي يستطيع أن يتطلع من الشباك, ليتأمل جمال الشمس وهي تغرب وقد انتشر حولها اللون الذهبي المتلألئ.
قال الحفيد لنفسه: إذا ركبت صاروخي بنفس سرعة دوران الأرض, أستطيع أن أشاهد هذا المنظر الجميل لأطول مدة ممكنة.
وبسرعة ركب الحفيد صاروخه, وانطلق في اتجاه قرص الشمس.
ولأنه كان يندفع بنفس سرعة دوران الأرض حول نفسها, فقد ظل في استطاعته الاستمتاع ساعات طويلة بجمال منظر الغروب.
وعندما تذكر الطفل جده, عاد إلي الغرفة وأيقظه وهو يقول له: هيا معي في صاروخي, لنستمتع معا بمنظر الغروب, ليس لدقائق معدودة, بل لساعات طويلة.
يعقوب الشاروني
Email: [email protected]