حسب خبراء المناخ، تواجه كل من إسبانيا والبرتغال أقسى موجة جفاف منذ 1200 سنة. ذلك بعد الشح الكبير في الأمطار الذي عرفته تلك البلدان الشتاء الماضي، وموجة الحر الكبيرة التي توالت عليها منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، ما يضعها أمام أزمة ماء عويصة.

بالمقابل تعد تلك البلدان سلة الغذاء الأوروبية من الخضروات والفواكه الطرية، كذلك الزيوت والنبيذ، حيث تهدد أزمة الماء بأن تضرب هذا القطاع الاقتصادي في مقتل، كما تهدد إنتاج الطاقة الكهربائي بتوحل السدود، وتضع ساكنة عديد من قرى البلدين أمام خطر العطش.

موجة جفاف قاسية

وفي تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، فإن معظم التساقطات المطرية في شبه الجزيرة الأيبيرية خلال الشتاء، تأتي عبر ما يعرف بنظام "الضغط المنخفض" الرطب من المحيط الأطلسي، لكن نظام "الضغط العالي" قبالة الساحل، والذي يطلق عليه اسم "مرتفع جزر الأزور" يتسبب في منع المنخفض الجوي الرطب ودفعه شمالاً نحو بريطانيا والدول الإسكندنافية.

هذا ما يتسبب، حسب خبراء المناخ، في أن تعرف المنطقة أقسى موجة جفاف لها منذ 1200 عام. مشيرين إلى أن فصول الشتاء عبر نظام الضغط العالي قد زادت بشكل كبير، من فصل شتاء واحد كل 10 فصول قبل عام 1850، إلى فصل شتاء واحد كل أربعة فصول منذ عام 1980.

ووفقاً لتوقعات وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية، فإن شتاء 2021-2022 كان أكثر فصول الشتاء جفافاً ورابع أكثرها دفئاً منذ أن بدأت في تجميع هذا النوع من البيانات قبل أكثر من 60 عاماً، حيث إن هطول الأمطار هذا العام أقل بنسبة 45% من الشتاء الماضي، وإنه في عدة أماكن على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​لم يصل متوسط ​​هطول الأمطار حتى إلى ربع جزء من الكمية المعتادة.

وتضيف الوكالة أن جزر الكناري وجزر البليار كانت أكثر المناطق تضرراً من موجة الجفاف هذه، وأنه فقط في إقليم الباسك ونافارا تجاوز هطول الأمطار النسب المئوية المعتادة. أما عن درجة الحرارة، فقد حطمت أرقاماً قياسية هذا العام، حيث كان الشتاء الماضي أكثر دفئاً بدرجة ونصف درجة عن سابقه، مما يجعله ثالث أعلى درجة حرارة حتى الآن خلال القرن 21.

أما بالنسبة إلى البرتغال، فالحال ليس أفضل من جارتها الشرقية، حيث سجل مؤشر PDSI لقياس الجفاف تعرض 80% من مساحة البلاد لموجة جفاف قاسية. وحسب وكالة الأرصاد الجوية البرتغالية، فإن شهر مايو/أيار كان الأكثر سخونة على اللإطلاق منذ 1939، وشهد تساقطاً للأمطار أقل بـ 13% من نظيره السنة الماضية.

تبعات الجفاف بشبه الجزيرة الإيبيرية

حسب الغارديان البريطانية، فإن موجات الجفاف المتتالية التي تضرب شبه الجزيرة الإيبيرية تهدد بشكل كبير إنتاجها من الخضراوات وزيت الزيتون والنبيذ. وتتوقع الأبحاث انخفاضاً بنسبة 30% في إنتاج الزيتون في جنوب إسبانيا بحلول عام 2100، وانخفاضاً في مناطق زراعة العنب عبر شبه الجزيرة الإيبيرية بنسبة 25% إلى 99% بحلول عام 2050 بسبب النقص الحاد في المياه.

هذا وتعد المنطقة سلة غذاء الاتحاد الأوروبي، حيث صدرت إسبانيا سنة 2021 من المواد الغذائية إلى أوروبا ما تفوق قيمته 60 مليار يورو، على رأسها الفواكه بأكثر من 10 مليارات يورو، والزيوت بحوالي 5.36 مليار يورو، والنبيذ بـ4.9 مليار يورو. فيما احتلت البرتغال خلال السنة نفسها المركز الرابع كأكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم، بإجمالي صادرات بلغ 677 مليون يورو.

فيما يتسبب الجفاف في البرتغال في أزمة طاقة، مع انخفاض حقينة السدود التي تنتج الطاقة الكهرومائية. ويوجد حوالي 60 سداً للطاقة الكهرومائية البرتغالية، تنتج 30٪ من الكهرباء المستهلكة في البلاد كل عام، وفقاً للجمعية البرتغالية للطاقة المتجددة.


TRT عربي