ومن المقرر أن يصل بايدن إلى إسرائيل في 13 يوليو/تموز في زيارة تستغرق 40 ساعة، وسيزور الأراضي الفلسطينية ويلتقي عباس، في مدينة بيت لحم. كما سيشارك في قمة عربية-أمريكية تستضيفها السعودية.

وسيحضر بايدن قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض إلى جانب قادة دول الخليج ومصر والأردن والعراق.

وقال عباس في 27 يونيو/حزيران إن الجانب الفلسطيني ينتظر زيارة بايدن للمنطقة من أجل البت في مصير العلاقة مع إسرائيل والإدارة الأمريكية.

إعادة تقييم

وحسبما نقل عنه بيان لمجلس الوزراء الفلسطيني عقب ترؤسه بشكل استثنائي الاجتماع الأسبوعي للحكومة في رام الله، أوضح عباس أن قرارا صدر بتأجيل تنفيذ قرارات المجلس المركزي إلى حين زيارة بايدن.

وأوضح عباس أن القرار المذكور صدر عن اجتماعين للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لحركة فتح، اللتان اجتمعتا برئاسته بشكل منفصل خلال الأيام الماضية.

وتتضمن قرارات المجلس المركزي التي جرى التأكيد عليها في فبراير/شباط الماضي، وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وإعادة تقييم العلاقات معها إلى جانب سحب الاعتراف بها لحين اعترافها بالدولة الفلسطينية.

وعن مصير العلاقات مع تل أبيب، قال عباس: "لدينا تجارب سابقة أن إسرائيل لا تطبق قرارات الشرعية الدولية ولا الاتفاقيات المعقودة بيننا".

وأشار إلى تلقيه تعهدات من بايدن بشأن التمسك بحل الدولتين ووقف تهجير الفلسطينيين في القدس ومناهضة الاستيطان الإسرائيلي وعدم قبول الأعمال "أحادية الطرف".

كما لفت الرئيس الفلسطيني إلى تعهد الإدارة الأمريكية بعودة قنصليتها المختصة بالتعامل مع الفلسطينيين إلى "القدس الشرقية"، معتبراً ذلك "شيئاً مهماً، لكن لم ينفذ بدعوى ضرورة التنسيق الأمريكي مع إسرائيل (لفتح القنصلية)".

وذكر عباس أن واشنطن وجهات دولية طلبت منه عدم تنفيذ أي قرارات إلى حين زيارة بايدن إلى المنطقة، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة الاستعداد فلسطينياً "من أجل أن نواجه (تداعيات) هذه القرارات لأنها ستنعكس علينا".

وفي بيان سبقه بأيام، رحب عباس بزيارة بايدن، قائلا "نتطلع لأن تشكل محطة لتعزيز العلاقات الثنائية وأن تسهم في تهيئة الأجواء لخلق أفق سياسي يحقق السلام العادل والشامل القائم على أسس الشرعية الدولية وحل الدولتين على حدود عام 1967، وذلك بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها شرقي القدس".

وأعرب عن أمله في أن تترجم الزيارة ما يؤمن به بايدن وإدارته من أهمية تحقيق حل الدولتين، ووقف التوسع الاستيطاني، ومنع طرد الفلسطينيين من أحياء القدس، والحفاظ على الوضع التاريخي للحرم القدسي ووقف الأعمال أحادية الجانب، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في شرقي القدس.

لكن ماذا يحمل بايدن في جعبته خلال هذه الزيارة وما نصيب فلسطين منها؟

تحدث موقع "ميدل ايست مونيتور" البريطاني عن هدفين رئيسيين لزيارة بايدن إلى المنطقة، الأول هو الحد من التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا.

إذ تأتي زيارة بايدن إلى أكبر مصدر للنفط بالعالم في أعقاب ارتفاع حاد في أسعار الخام منذ الغزو الروسي، مما تسبب في آلام للأمريكيين والاقتصادات العالمية.

وأظهر استطلاع للرأي نشر في يونيو أن 42 في المئة فقط من الناخبين الأمريكيين يوافقون على الوظيفة التي يؤديها بايدن، فيما قال 58 في المئة إنهم لا يوافقون على أدائه.

وحسب استطلاع شركة NewsNation / Decision Desk HQ، قال 53 في المئة من الناخبين إن حالهم المالي أسوأ الآن مما كانوا عليه في العام الماضي. وصنف 72 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع التضخم على رأس قائمة مخاوفهم.

ووجد الاستطلاع أيضا أن 41 في المئة يلومون بايدن على الوضع الحالي للاقتصاد. ولهذا، يرجح كثيرون أن السعودية تمثل الحصة الأكبر من الزيارة.

أما الهدف الثاني فهو كبح التهديد الإيراني بتشكيل تحالف يضم إسرائيل والدول العربية، وفق ما قال الموقع البريطاني.

وخلال يونيو 2022، عاد الحديث بقوة عن تشكيل "ناتو" شرق أوسطي على غرار حلف شمال الأطلسي. وتحدث ملك الأردن عبدالله الثاني بصراحة عن دعمه تشكيل مثل هذا التحالف العسكري، "على أن يتم ذلك مع الدول التي لديها نفس التفكير".

وجاء هذا الموقف في نفس الشهر، بعد أيام قليلة من إعلان تل أبيب تحالفاً للدفاع الجوي المشترك في الشرق الأوسط لمواجهة إيران.

وأردف الموقع البريطاني أن القضية الفلسطينية ليست ضمن أهداف زيارة بايدن وأنه "لا مصلحة للولايات المتحدة الآن باتخاذ أي موقف في ظل انشغالها بمواجهة روسيا والصين".

على العكس من ذلك، من المرجح أن يؤدي بايدن جولة خاصة لتعرف نظام دفاع صاروخي تموله الولايات المتحدة في إسرائيل.

ويجري الحديث هنا عن تسليط تل أبيب الضوء على جهود البيت الأبيض لتأمين تمويل إضافي بقيمة مليار دولار لتجديد بطاريات القبة الحديدية بعد حرب على غزة في مايو/أيار 2021، وفق ما نقل موقع "تايمز أوف إسرائيل".

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن للصحفيين خلال يونيو إن الرئيس سيناقش أيضاً "الابتكارات الجديدة بين بلداننا التي تستخدم تقنيات الليزر لهزيمة الصواريخ وغيرها من التهديدات المحمولة جواً".

وبيّن أن زيارة إسرائيل ستركز أيضاً على "الاندماج المتزايد للدولة اليهودية في المنطقة من خلال اتفاقيات أبراهام للتطبيع، لتعزيز العلاقات الإسرائيلية العربية".

إحباط وفشل

ومقارنة بفترة الرئيس السابق دونالد ترمب، تحسنت العلاقات جزئياً مع السلطة الفلسطينية في عهد بايدن وأعلن عودة نصف مليار دولار من المساعدات التي قطعها سلفه بالكامل تقريباً.

لكن السلطة أصيبت بإحباط متزايد من فشل الرئيس الديمقراطي في تنفيذ وعوده بإعادة فتح بعثات للفلسطينيين في القدس وواشنطن.

وقال المسؤول في الإدارة إن بايدن وعباس سيناقشان "السبل التي يمكننا من خلالها إحياء أفق سياسي جديد يمكن أن يضمن تدابير متساوية للحرية والأمن والازدهار والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء"، وفق تعبيره.

وأردف موقع "تايمز أوف إسرائيل": "تضغط السلطة الفلسطينية لمزيد من الحديث عن المبادرات الدبلوماسية مع استمرار انخفاض شعبيتها بين الفلسطينيين، في حين تم تعزيز مكانة حركة حماس في الأشهر الأخيرة لاستفادتها من الاشتباكات العنيفة في الحرم القدسي".

وبدوره، أكد موقع أكسيوس الأمريكي أن الرئيس الفلسطيني يشعر بالإحباط بسبب التحركات الإسرائيلية المثيرة للجدل في الضفة الغربية المحتلة وشرق القدس و"هو غاضب من السياسة الأمريكية بشأن الصراع".

وقال أربعة مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين وفلسطينيين للموقع إن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل الامتناع عن أي أعمال في الضفة الغربية والقدس المحتلة يمكن أن تثير توترات قبل زيارة الرئيس بايدن.

وهدد عباس باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل مثل وقف التنسيق الأمني ​​أو اتخاذ خطوات في الأمم المتحدة أو حتى إلغاء الاعتراف بتل أبيب إذا لم يتغير الوضع.

وقال مسؤولون إن باربرا ليف مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ونائبها للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية هادي عمرو، انتقلا أكثر من ثلاث مرات بين القدس ورام الله خلال زيارتهما في يونيو.

وأخبر عباس الدبلوماسيين الأمريكيين أنه يريد من إسرائيل أن توقف جميع أعمالها أحادية الجانب وأنه يتوقع أن تقدم تل أبيب وواشنطن نوعاً من الأفق السياسي للفلسطينيين، وفق ما نقل الموقع عن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ.

وختم الموقع الأمريكي بالقول: "لا أشياء ذات مغزى كافية يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة، وإسرائيل ليست على استعداد لاتخاذ أي خطوات ذات أهمية سياسية تكون كافية للفلسطينيين".



TRT عربي