الحكومة الفرنسية تقترح خطة دعم اقتصادي - اجتماعي للفئات الأكثر هشاشة


تتخوف السلطات الفرنسية من صيف ساخن بسبب ارتفاع الأسعار وتناقص القدرة الشرائية وبلوغ التضخم مستويات لم يعرفها منذ ثلاثين عاماً. ولأن صور احتجاجات «السترات الصفراء» ما زالت عالقة في الأذهان، فإن الحكومة الفرنسية الجديدة تريد أن تمنع اشتعال نيران الاحتجاجات وتمددها بعد أن شهدت الأسابيع الأخيرة بداية حركة إضرابات أصابت أكثر من قطاع. من هنا، فإن أول مشروع قرار رفعته الحكومة إلى البرلمان يتناول التدابير التي تريد السلطات إقرارها في أقرب وقت من أجل تخفيف عبء القفزات الكبيرة لأسعار الطاقة بأنواعها والمنتجات الغذائية والمصنَّعة إضافةً إلى الخدمات. ولعل أفضل مثال على تطور الأسعار في فرنسا أن فاتورة الكهرباء سوف ترتفع بنسبة 25% دفعة واحدة رغم أن فرنسا من أكثر البلدان الأوروبية اعتماداً على الطاقة المستمدة من المفاعلات النووية ما يعني أن طاقتها الكهربائية غير مرتبطة بالغاز المستورد من روسيا التي لن تشتري منها سوى نسبة ضئيلة جداً.
المستهلكون يعانون من ارتفاع الأسعار (رويترز)

لكن مشكلة الحكومة أن شركة كهرباء فرنسا التي تملك الحكومة نسبة 84% وتريد شراء كل أسهمها لتصبح مؤممة بنسبة 100%، تعاني من الحاجة للقيام بأعمال صيانة على عدة مفاعلات نووية بسبب التقادم. من هنا، عمدت باريس إلى إعادة تشغيل محطة كهربائية تعمل على الفحم الحجري كانت قد أوقفتها عن العمل في الربيع الماضي، كما أنها تخطط لشراء كميات من الكهرباء من الخارج. ولتبرير عملية التأميم، فقد أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون خلال حملته الانتخابية أنها ضرورية «من أجل تعزيز استقلالية فرنسا في مجال الطاقة وتحقيق صفر انبعاثات كربونية من خلال بناء محطات طاقة نووية جديدة»، فيما قالت رئيسة الحكومة إليزابيث بورن أمام البرلمان الأربعاء الماضي إن «حالة الطوارئ المناخية تتطلب قرارات قوية وجذرية. نحن بحاجة إلى السيطرة الكاملة على الإنتاج وعلى مستقبل الطاقة لدينا. يجب أن نضمن سيادتنا في مواجهة عواقب الحرب (الروسية ضد أوكرانيا) والتحديات الهائلة المقبلة. لذلك أؤكد اليوم اعتزام الدولة امتلاك 100% من رأسمال شركة كهرباء فرنسا».

وفي معرض تقديمه للخطة الحكومية في مجلس الوزراء قال وزير الاقتصاد برونو لومير أن كلفتها ستبلغ نحو عشرين مليار يورو ما يتعين إضافته إلى الـ25 مليار يورو التي تحملتها خزينة الدولة منذ خريف العام الماضي لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الطاقة على المواطنين. وثمة فارق أساسي بين الخطتين، إذ إن الحكومة تريد، للمستقبل، توفير مساعدات للفئات الشعبية الأكثر هشاشة وحدها وفق معيار رئيسي هو مستوى الدخل للعائلة أو الفرد. وقال لومير إن «أشد ما علينا مواجهته، أي التضخم، قد وصل إلى أعلى المستويات ويتعين علينا اليوم استكمال التدابير التي اتخذناها لغرض حماية مواطنينا». ومن الناحية العملية، فإن الخطة تستهدف الاستمرار في دعم أسعار المشتقات النفطية حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل وذلك لجميع مستخدمي السيارة. بعدها، سيتم التركيز فقط على توفير مساعدة عينية (ما بين 100 و300 يورو) للأشخاص للذين يحتاجون لسياراتهم للذهاب إلى أعمالهم وفق المسافات المقطوعة ومستوى الدخل. وبالتوازي، ستعمد الحكومة إلى تجميد أسعار الغاز والكهرباء حتى نهاية العام وإلى إلغاء الرسم المفروض على اقتناء جهاز تلفزيوني والسماح برفع قيمة الإيجارات بحدود 3.5% فقط.
وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير (أ.ف.ب)

بيد أن التدبير الأهم يتناول توفير زيادة بنسبة 4% للمعاشات التقاعدية بدءاً من يوليو (تموز)، وهذه الزيادة تنسحب على المساعدات الاجتماعية والحد الأدنى للأجور والتقديمات للمسنين. وبما أن الطلاب المتحدرين من أوساط متوسطة الدخل يشكّلون فئة هشة، فإن الحكومة ستزيد قيمة المنح الجامعية بنسبة 4% كما ستجعل وجبة الطعام في المطاعم الجامعية بيورو واحد.

لا تتوقف الأمور عند هذا الحد؛ فالحكومة تريد الحد من ارتفاع الإيجارات وتمكين الموظفين الحكوميين من الحصول على علاوة من 3.5% وزيادة مساهمة الدولة في تمويل المطاعم الجماعية بنسبة 7% وتزويد ذوي الدخل المحدود بـ«شيكات غذائية» تتراوح قيمتها وفق عديد العائلات. وأخيراً، فإن الحكومة تحض الشركات الخاصة على تقديم مكافآت لموظفيها يمكن أن تصل إلى 6 آلاف يورو صافية من أي ضريبة. لكن سبق اعتماد هذا الإجراء الذي لا يسعد حقيقة أصحاب الشركات والمؤسسات.

لم تلقَ الخطة الحكومية التجاوب المطلوب من الأحزاب والمجموعات كافة علماً بأنه لا أحد منها يعارض مبدأها. فاليسار رأى أنها غير كافية ولا تفي بالغرض المطلوب. وأكد الاتحاد الشعبي الاقتصادي والبيئي الجديد الذي يضم نواب اليسار والبيئيين أنه سيقدم تعديلات على المشروع الحكومي. وأخذ نواب اليمين المتطرف على الخطة الحكومية أنها لا تفيد بشيء الطبقة المتوسطة التي سيكون عليها أن تساهم في تمويل الخطة من دون الاستفادة منها. ولا شك أن المناقشات التي ستجرى تحت قبة البرلمان ستشهد أفكارا كحتلفة، خصوصاً من طرفي الخريطة السياسية.


تاريخ الخبر: 2022-07-08 21:22:55
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 79%
الأهمية: 98%

آخر الأخبار حول العالم

أول تعليق من نيشان بعد إعلان ياسمين عز حصولها على حكم ضده

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 09:21:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

غادة عبد الرازق: ندمانة ولو رجع بيا الزمن مكنتش هخش التمثيل

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 09:21:59
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

سعر صرف الدولار مقابل الجنيه اليوم

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 09:21:52
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 52%

مهمة غير مسبوقة.. الصين تغزو الجانب البعيد من القمر

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 09:21:54
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية