ندّد نوّاب فرنسيّون معارضون الأحد بتقارير عن وجود "صفقة سرّية" بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما كان وزيراً في حكومة فرنسوا هولاند الاشتراكيّة وشركة "أوبر" العملاقة للنقل، معتبرين أنّ ما حصل شكّل "سرقةً للبلاد".

وكُشِفت المزاعم حول وجود هذه الصفقة في أحدث تحقيق أجرته مؤسّسات إخباريّة دوليّة رائدة استناداً إلى ملفّات مسرّبة، وأُطلِقت عليه تسمية "ملفات أوبر" (#UberFiles) على منصّات التواصل الاجتماعي.

ويستند تحقيق "ملفّات أوبر" إلى آلاف الوثائق الداخليّة أرسلها مصدر مجهول إلى صحيفة "الغارديان" البريطانيّة، وحصل عليها الاتّحاد الدولي للصحفيّين الاستقصائيّين.

ويعمل الاتّحاد الدولي للصحافيّين الاستقصائيّين على هذه القضيّة مع 42 شريكاً إعلاميًا حول العالم، وقد نشر عدد كبير من المؤسّسات الإعلاميّة، بما في ذلك صحيفتا "واشنطن بوست" الأمريكيّة و"لوموند" الفرنسيّة وهيئة الإذاعة البريطانيّة أولى تقاريرها حول تلك الوثائق الأحد.

وكتبت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية: "لقد خرقت الشركة القانون وخدعت الشرطة والمُنظّمين واستغلّت العنف ضدّ السائقين وضغطت سراً على الحكومات في كلّ أنحاء العالم".

تُشير التقارير الإعلاميّة تلك خصوصاً إلى رسائل من ترافيس كالانيك الذي كان حينها رئيساً للشركة، عندما عبّر عدد من كوادر الشركة عن القلق بشأن المخاطر التي قد يتعرّض لها السائقون الذين كانت أوبر تشجّعهم على المشاركة في تظاهرة في باريس.

وحسب التقارير فقد أجاب كالانيك وقتذاك على تلك المخاوف بالقول: "أعتقد أنّ الأمر يستحقّ ذلك، العنف يضمن النجاح".

وقد اتُهم كالانيك بتشجيع ممارسات إداريّة عنيفة ومشكوك فيها، واضطرّ إلى التخلّي عن دور المدير العام للمجموعة في يونيو/حزيران 2017.

وعندما أعلن استقالته من مجلس الإدارة في نهاية 2019 قال إنّه "فخور بكلّ ما أنجزته أوبر".

وقد نفى المتحدّث باسمه كلّ الاتّهامات التي وردت في الصحف، بما في ذلك الاتّهامات بعرقلة العدالة.

وفي ذات السياق، سلّطت صحيفة "لوموند" الفرنسيّة الضوء على الروابط بين الشركة الأمريكية وبين ماكرون عندما كان وزيراً للاقتصاد.

وجاء في تقرير لصحيفة "لوموند" نقلاً عن وثائق ورسائل نصّيّة وشهود أنّ أوبر توصّلت إلى صفقة سرّية مع ماكرون بين عامَي 2014 و2016.

وتحدّثت الصحيفة عن اجتماعات عقِدت في مكتب الوزير وعن تبادلات كثيرة لمواعيد ومكالمات ورسائل قصيرة بين فِرَق "أوبر فرنسا" من جهة، وماكرون ومستشاريه من جهة ثانية.

يُسلّط تقرير "لوموند" الضوء على ما تقول الصحيفة إنّه مساعدة قدّمتها وزارة الاقتصاد التي كان يرأسها ماكرون لشركة "أوبر" بهدف تعزيز موقع هذه الشركة في فرنسا.

وندّد نوّاب فرنسيّون معارضون بتعاون وثيق حدث بين ماكرون وأوبر، في وقت كانت الشركة تُحاول الالتفاف على التنظيم الحكومي الصارم لقطاع النقل.

من جانبها أكّدت شركة "أوبر فرنسا" أنّ الجانبَين كانا على اتّصال وأجريت الاجتماعات مع ماكرون في إطار مهمّاته الوزاريّة العاديّة، وفق تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية.

فيما صرح قصر الإليزيه بأنه في ذلك الوقت كان ماكرون بصفته وزيراً للاقتصاد على اتّصال "طبيعي مع كثير من الشركات المشاركة في التحوّل العميق الذي حدث على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، وهو تحوّل كان لا بُدّ من تسهيله عبر فتح العوائق الإداريّة والتنظيميّة".

لكنّ النائبة ماتيلد بانو رئيسة كتلة "فرنسا الأبيّة" البرلمانيّة (يسار راديكالي) ندّدت بما اعتبرته عملية "نهب للبلاد".

أمّا زعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل فاعتبر أنّ ما كُشف عنه يُبيّن "الدور النشط الذي أدّاه ماكرون عندما كان وزيراً لتسهيل تطوّر أوبر في فرنسا ضدّ كلّ قواعدنا وحقوقنا الاجتماعيّة وحقوق عمّالنا".

بدوره كتب جون بارديلا رئيس حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرّف أنّ ما كشف عنه أظهر أنّ مسيرة ماكرون المهنيّة هدفها "خدمة المصالح الخاصّة، الأجنبيّة منها في كثير من الأحيان، قبل المصالح الوطنيّة".

TRT عربي - وكالات