” التحول الرقمى من خلال مراكز البيانات الضخمة “.. بات تواجهاً للدولة منذ عدة سنوات ، حيث بدأ هذا التحول يتضح بمرور الوقت بهدف تحقيق أهداف التنمية الشاملة للدولة ، من خلال “رقمنة ” الخدمات الحكومية التى يتم تقديمها للمواطنين ، بشكل يحقق الإدارة الرشيدة لموارد الدولة ويقضى على الفساد ويُساعد على سهولة وسرعة حصول المواطن على الخدمات المختلفة .. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد كشف خلال مؤتمر الشباب الذى عقد بالعاصمة الإدارية عن إنشاء “عقل جامع لبيانات الدولة ” يحتوي على منظومة ضخمة من الخوادم ” في مكان ما تحت سطح الأرض”، على عمق 14 مترًا ، مشيراً إلى أن هذا “العقل الجامع ” يتمتع بأعلى درجات التأمين ، موضحاً أنه في السابق كان لكل وزارة منظومتها التخزينية للبيانات على خوادم منفصلة، لكن المنظومة الجديدة تجمع كل بيانات الدولة في مكان واحد لتبدأ عملية التحول الرقمي في أداء الحكومة لخدماتها ..

أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن صناعة مراكز البيانات تعد مكونا رئيسيًا لبناء مصر الرقمية؛ مشيرًا إلى حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تقديم قيمة مضافة وخلق البيئة الجاذبة للاستثمارات فى صناعة مراكز البيانات خاصة فى ضوء المزايا التى تحظى بها مصر ومنها الموقع الجغرافى المتميز؛ موضحًا الجهود التى تبذلها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتدعيم البنية التحتية المعلوماتية بشقيها المحلى والدولى؛ حيث تم استثمار ٢ مليار دولار لرفع كفاءة الإنترنت لتصبح مصر هى الأسرع فى أفريقيا فى الانترنت الثابت؛ لافتًا إلى أن المرحلة الثالثة من تنفيذ مشروع تطوير الإنترنت الثابت تهدف إلى زيادة سرعة الانترنت وتوسيع الشبكة وزيادة عدد المستفيدين منها فى المدن والريف.

وأضاف الدكتور “طلعت” أنه تم طرح طيف ترددى لشركات المحمول، كما يتم حاليا العمل على زيادة عدد أبراج المحمول على مستوى الجمهورية؛ مؤكدا أنه فى إطار تنفيذ مشروع شبكة مصر الرقمية فقد تم ربط ١٨ ألف مبنى حكومى بشبكة الألياف الضوئية من إجمالى ٣٣ ألف مبنى حكومى على مستوى الجمهورية لتقديم الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين على نسق رقمى، كما يتم تنفيذ مشروع لمد شبكة الألياف الضوئية لقرى مبادرة حياة كريمة بهدف تقديم خدمات إنترنت فائق السرعة لأكثر من ٣.٥ مليون منزل فى أكثر من ٤٥٠٠ قرية ضمن المراحل الثلاثة للمبادرة، لافتا إلى أنه تم إتمام تنفيذ مشروع لإقامة مسار معلوماتى مواز لطريق المرشدين لنقل البيانات بين الشرق والغرب، كذلك تم بدء العمل فى الكابلين البحريين 2AFRICA و SEA-ME-WE-6 لنقل الحركة البينية بين الشرق والغرب واللذان سيدخلان الخدمة فى عامى ٢٠٢٤ و٢٠٢٥ كذلك البدء فى منظومة HARP التى تلتف حول القارة الأفريقية لتقديم خدمات الإنترنت لمختلف دول الساحل الأفريقى الشرقى والغربى ومنهما إلى الدول الحبيسة بالقارة، موحاً الجهود المبذولة لتوفير الإطار التشريعى من خلال إصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون حماية البيانات الشخصية بالإضافة إلى الإطار التنظيمى لإنشاء وتشغيل مراكز البيانات الذى أصدره الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات؛ لافتا إلى جهود الوزارة لبناء القدرات الرقمية فى مختلف علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لاسيما ذات الصلة بصناعة مراكز البيانات.

” البيانات ” .. وتحقيق الإدارة الرشيدة

وأوضح المهندس خالد العطار نائب وزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتنمية الإدارية والتحول الرقمي أن “العقل الرقمى” لبيانات الدولة يسير فى إتجاه لـ ” رقمنة الخدمات والسياسيات ” ، وقال: هذا العمل يستفيد من المستحدثات التكنولوجية الجديدة وعلى رأسها الذكاء الإصطناعى , وأنترنت الأشياء , والحوسبة السحابية ، لتجميع وربط وإدارة بيانات ومعلومات المواطنين ، بما يصب فى سرعة إنهاء الإجراءات المطلوبة للحصول على الخدمات الحكومية المختلفة ، سواء فى التعليم أو التموين أو التوثيق أو الاستثمار وبما يعمل هذا العقل على تنفيذ سياسات الدولة فى المجالات المختلفة .. هذا ويوضح “عقل الدولة ” مدى أحقيقية وإستحقاق المواطن من الخدمات المدعومة مثل “التموين ” ومنظومة الحماية الإجتماعية وغيرها ، دون أن تطلب الإدارة الحكومية من المواطنين أى مستندات أو أوراق رسمية ، مؤكداً أن “العقل الرقمى” يُساعد على إدارة موارد الدولة ومكافحة الفساد ، وأضاف : هذا العقل سيُدير كل أجزاء الجسد بشكل متصل بالبيانات الصحيحة ، فى إطار التحول الرقمى الذى يعمل على تحقيق الإدارة الرشيدة وحصول كل ذى حق على حقه .

وأكد نائب وزير الإتصالات قائلاً : إن الهدف من ” العقل الرقمى ” هو الوصول بإستخدام التكنولوجيا والبيانات إلى المعدلات العالية فى إنجاز المهام بدقة وسهولة وسرعة ، منوهاً إلى تجاوب المواطن المصرى مع المستحدثات التكنولوجية والخدمات المقدمة بواسطها وأبسط دليل على ذلك هو التفاعل العالى الذى تحقق على ” بوابة مصر الرقمية ” ، وقال المهندس خالد العطار بدون هذا ” العقل الرقمى ” القائم على ترابط البيانات والمعلومات ، لا يُمكن إتاحة أى من هذه الخدمات الرقمية بهذا الشكل اللائق مع توافر الحماية الكاملة للبيانات ، منوهاً إلى خدمات ” التموين” و”التوثيق” و”المحاكم” و ” رخصى” و”مركباتى” للإستعلام عن المخالفات وما يتعلق بها من إجراءات وكيف أحدثت تغييراً فى نمط تقديم الخدمات الحكومية فى فترة قصيرة .

“البيانات الضخمة” .. نفط المستقبل وذهبه

من جانبه، يرى المهندس بلال الحفناوي المتخصص بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي أن البيانات الضخمة تعد مجموعة من البيانات الخام كبيرة الحجم، وعالية السرعة، ومختلفة المصدر، والتي تتطلب طرقا مبتكرة، وفعالة، وغير تقليدية لتحليلها ومعالجتها للحصول على معلومات مفيدة منها ، وهىتنقسم لثلاث مجموعات “البيانات الاجتماعية” و”بيانات الآلات” و”بيانات المعاملات”، والأولى هي مجموع تفاعلات المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي التي تساهم بتحليلها في معرفة سلوك المستهلك واهتماماته، ولكم أن تعرفوا أن هناك 274 مليون مستخدم عربي حتى يونيو 2021 لمواقع التواصل الاجتماعي، هو الرقم الذي رصدته دراسة حديثة أجراها الدكتور معتز صلاح الدين، رئيس شبكة إعلام المرأة العربية، مستشار المركز الديمقراطي لدراسات الشرق الأوسط في نورث كارولينا، وأضافت دراسته الموسومة، أن المستخدمين العرب موزعون بواقع 188 مليونًا في موقع “فيسبوك”، و44 مليونًا في “إنستجرام”، و42 مليونًا في “تويتر”، ولكم أن تتخيلوا كم التغريدات والبوستات التي تنشر على مدار اليوم من قبل 274 مليون مستخدم عربي، ولكم أيضا أن تعرفوا مدى استفادة شركات المأكولات والملابس والخدمات من هذا السيل الجارف من البيانات وتوظيفه في تسويق منتجاتهم وجذب زبائن جدد لخدماتهم.

وأوضح المهندس “الحفناوي” أن الدول العربية لم تستفد فى الماضى من “البيانات” على النحو الأمثل، خاصة فى الأنظمة الحكومية، وتراجع معدلات تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وهو ما كان لهما من السلب على تطوير منظومة الاستفادة من البيانات الضخمة التي تمثل في حقيقة الأمر منجم المستقبل ونفطه وذهبه ..أم الآن فدول محيطنا العربي تشهد إجراءات اتعزيز الاستفادة من البيانات الضخمة لاستثمارها فى التنمية المستدامة مثل مصر والسعودية والبحرين، أو الإمارات التي أعلنت عن خططها المستقبلية 2050 على مستوى المستقبل البعيد، وهو ما برز من خلال الإعلان عن التحول إلى إطلاق “مراكز للبيانات” على المستوى الإقليمي، وتوقيع “أورنج مصر” عقدٍ لإنشاء وتشغيل وإدارة مركز بيانات للخدمات السحابية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ليكون المركز الأكبر في أفريقيا منذ عامين، وتوقيع الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي التابع لجامعة الدول العربية مذكرة تفاهم مع شركة ATDXT LCC والتي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقرا لها- لإطلاق مبادرة مشتركة، هي الأولى من نوعها لتأسيس مركز بيانات إقليمي جديد بالمنطقة العربية ، بهدف دعم الاقتصاديات والمساهمة في تعزيز رفاهية شعوب الدول العربية .

مشروع معلوماتى ضخم

يُذكر أن مشروع “العقل الرقمى” ضخم للغاية تشارك به جهات سيادية متعددة، وعشرات الشركة التكنولوجية العالمية والمصرية، وهو عبارة عن بيانات كاملة عن الدولة والمواطنين يتم تحديثها تلقائياً بإستخدام الذكاء الإصطناعى وهو لا يقدم الخدمات للمواطنين عن طريق تطبيقات الهواتف أو البوابات الرقمية أو الإتصال الهاتفي أو مراكز الخدمة في أوقات وجيزة فقط، بل أيضا تستبق الخدمات للمواطنين بإشعار المواطن لتجديد أوراقه الرسمية و تبليغ المواطن إلكترونيا بأنه يستحق دعم مادي ضمن برامج الدعم الإجتماعي أو حتى استحقاقاته الصحية .. كما سقوم “المشروع ” بتحليل البيانات جغرافياً اجتماعيًا صحيًا اقتصاديًا على مستوى الفرد أو الأسرة أو القرية أو المدينة أو الدولة ، وله أبعاد اقتصادية ضخمة واجتماعية وبالقطع أمنية , ويشمل بيانات عن : العمل – محل الإقامة – الدخل – إستهلاك الخدمات من مياة وكهرباء وهاتف وإنترنت – الحالة الصحية التاريخ المرضي- الحالة الإجتماعية الحالة الجنائية – الأملاك – إستحقاق برامج الدعم – إستحقاق المشاركة السياسية – الضرائب لأخره من البيانات المطلوبة عن كل شىء تقريبًا للمواطن والجهات الاقتصادية والحكومية .