جدّد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين اتفاقهم على دعم أوكرانيا بالمال والسلاح وفرض العقوبات على روسيا، وزيادة الضغط عليها رغم التهديدات بقطع إمدادات الغاز.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعد الاجتماع: "إنه اختبار مقاومة لمجتمعاتنا. علينا أن نصمد. ليس لدينا خيار".

ويخشى القادة الأوروبيون ازدياد عداء الرأي العام للعقوبات وسط ارتفاع أسعار الوقود والغاز والطاقة الكهربائية في أوروبا.

وقالت وزيرة خارجية بلجيكا التي عُيّنت الجمعة حجّة لحبيب إن الحرب في أوكرانيا لها تداعيات على المواطنين "الذين يواجهون أسعاراً مرتفعة جداً للمواد الأولية والطاقة".

لكن شدد جوزيب بوريل على أن الوزراء قرروا "بالإجماع" الاثنين مواصلة مساعدة أوكرانيا.

وأعطوا موافقتهم على الإجراءات الجديدة التي قدمتها المفوضية، بينها فرض حظر على شراء الذهب من روسيا. كما اتفقوا على تقديم 500 مليون يورو أخرى (504 ملايين دولار) لتزويد أوكرانيا بالأسلحة ليرتفع بذلك الدعم الأمني للتكتل إلى 2.5 مليار يورو منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط.

من جانبه انتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا. وندد أوربان بما اعتبره "خطأ"، مؤكداً أن العقوبات "لم تحقق أهدافها" وتخنق الاقتصاد الأوروبي.

وقال جوزيب بوريل رداً على تصريحات أوربان: "لا أعتقد أنها خطأ، هذا ما ينبغي علينا فعله، وسنواصل فعله".

حذّر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا نظراءه الأوروبيين خلال اجتماع الاثنين من أي محاولة لتخفيف عقوباتهم على روسيا أو الخضوع لمطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال: "التراجع أو الخضوع لمطالب (بوتين) لن ينجح. لم ينجح ذلك أبداً. إنه فخّ".

من جهته قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن لدى وصوله إلى بروكسل للاجتماع بنظرائه الأوروبيين: "لسنا في فترة طبيعية. نحن في حقبة تسود فيها شريعة الغاب"، مضيفاً: "سحب العقوبات سيكون قاتلاً. مصداقيتنا على المحكّ".

العقوبات تعمل

وكان أوربان ندد الجمعة بالعقوبات معتبراً أنها "خطأ" لأنها "لم تحقق أهدافها، وحتى إنها على العكس كانت لها آثار جانبية". وقال أوربان: "اعتقدتُ بداية أننا أطلقنا فقط رصاصة على قدمنا، لكن الاقتصاد الأوروبي أطلق رصاصة على صدره واختنق".

غير أن بوريل يرى أن "العقوبات تعمل" و"توجه ضربة شديدة لفلاديمير بوتين وشركائه، وستتفاقم آثارها على الاقتصاد الروسي".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى صبر استراتيجي حتى توقف روسيا هجومها وتتمكن أوكرانيا من استعادة سيادتها بالكامل".

وقال دميترو كوليبا: "هدف روسيا الحقيقي هو إفقار أوروبا. بوتين يريد تحريض الرأي العام على الحكومات القائمة على أمل استبدال قوى راديكالية قد تكون أكثر ملاءمة لروسيا بها".

وأغلقت موسكو المواني الأوكرانية وبدأت تقليص إمدادات الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي التي يعتمد عليها عدد منها، مثل ألمانيا وإيطاليا.

وقالت الوزيرة الألمانية للشؤون الأوروبية آنا لوهرمان: "تحاول روسيا إضعاف معنوياتنا".

وتابعت: "نستعدّ لجميع أنواع السيناريوهات".

وتخشى ألمانيا إغلاق خط أنابيب الغاز نوردستريم الذي يمر عبره مقدار الثلث من 153 مليار متر مكعب من الغاز يشتريها الاتحاد الأوروبي سنوياً. ويخضع خط أنابيب الغاز حالياً للصيانة.

وفيما يبحث الاتحاد الأوروبي عن مزوّدين آخرين أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الاثنين خلال زيارة إلى أذربيجان، اتفاقاً مع هذه الجمهورية السوفيتية السابقة الواقعة في القوقاز، لمضاعفة واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الأذربيجاني "خلال بضعة أعوام" .

ومدّت أذربيجان الاتحاد الأوروبي بـ 8 مليارات متر مكعب في عام 2021.

وتمنع روسيا أوكرانيا تصدير نحو 20 مليون طنّ من الحبوب و"تحرق محاصيلها"، حسبما قال وزير خارجية لوكسمبورغ.

وتتفاوض تركيا والأمم المتحدة على اتفاق بين الطرفين المتحاربين لتصدير مخزون الحبوب الأوكرانية.

كما أكد الكرملين الاثنين أن بوتين وأردوغان سيبحثان الموضوع في طهران الثلاثاء.

وشدّد بوريل على أن استئناف تصدير الحبوب من أوكرانيا "مسألة حياة أو موت" بالنسبة إلى عشرات الآلاف.

ولفت إلى أنه "يأمل" أن يجري التوصل إلى اتفاق، لكن الاتحاد الأوروبي "لديه شكوك بشأن حسن نية روسيا"، حسبما قال مسؤول أوروبي كبير.

روسيا تكثف عملياتها على دونباس

قُتل ستة أشخاص في قصف روسي على مدينة توريتسك الواقعة في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا حيث يبدو أن روسيا تسعى لتكثيف عملياتها، في حين يسعى الاتحاد الأوروبي لتشديد الضغوط على موسكو بفرض عقوبات جديدة.

في الأثناء عيّن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رئيساً بالإنابة للأجهزة الأمنية غداة تعليقه عمل المدعية العامة إيرينا فينيديكتوفا ورئيس أجهزة الأمن إيفان باكانوف مع اتهام عدد من عناصرها بالخيانة.

وقُتل شخصان خلال 24 ساعة في قصف روسي في منطقة خاركيف التي تعد ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا والواقعة على مقربة من الحدود الروسية، حسب حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف.

كذلك أفيد عن قصف طاول الاثنين مدينة ميكولايف ومنطقة أوديسا الواقع في جنوب أوكرانيا، وأيضاً مدينة نيكوبول الواقعة في منطقة دنيبروبيترفسك (وسط-شرق).

من جهته أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناتشنكوف الاثنين مقتل 250 من "المرتزقة الأجانب" في ضربة جوية روسية استهدفت قرية كونستانتينوفكا الواقعة في منطقة دونيتسك، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

والاثنين أعلن انفصاليون موالون لموسكو أنهم سيطروا على مدينة سيفيرسك في منطقة دونباس، إلا أنه يتعذّر التثبّت من صحة ذلك من مصدر مستقل.

بصيص "أمل" على صعيد الحبوب

في كييف عيّن زيلينسكي فاسيل ماليوك (39 عاماً) الذي تولى في مارس/آذار، منصب نائب رئيس الأجهزة الأمنية، رئيساً بالإنابة لهذه الأجهزة.

وقال المسؤول في الإدارة الأوكرانية أندري سميرنوف في تصريح للتلفزيون الأوكراني الاثنين إنه جرى تعليق عمل المدعية العامة ورئيس الأجهزة الأمنية في تدبير يرمي إلى منعهما التأثير على مجرى "الملاحقات الجنائية" التي تمس عناصرهما.

وتحقق السلطات الأوكرانية حالياً في أكثر من 650 حالة خيانة يشتبه بأن مسؤولين ارتكبوها، بينها ستون حالة في المناطق التي تحتلها القوات الروسية وتلك الموالية لموسكو.

في بروكسل اعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين أن استئناف تصدير الحبوب من أوكرانيا هو "مسألة حياة أو موت" ويوجد "أمل" في التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع لفتح ميناء أوديسا.

وقال بوريل إن "حياة (...) عشرات آلاف الأشخاص رهن بهذا الاتفاق" الذي يجري التفاوض بشأنه بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة.

ويهدف مشروع الاتفاق إلى إخراج نحو 20 مليون طن من الحبوب العالقة في الصوامع الأوكرانية بسبب الهجوم الذي تشنّه موسكو عبر البحر الأسود.

ويبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء في طهران آليات تصدير الحبوب العالقة في مواني أوكرانيا.

ومن المقرر أن تجري في تركيا محادثات بين موسكو وكييف وأنقرة والأمم المتحدة هذا الأسبوع بعد تقدّم سُجل خلال مفاوضات الأسبوع الماضي.

وقال مستشار الكرملين يوري أوشاكوف إن المحادثات التي سيجريها بوتين مع أردوغان الثلاثاء في طهران ستتطرّق إلى هذا الأمر.

والاثنين حضّ بوتين من جهته على تخطي الصعوبات الكبرى الناجمة عن العقوبات التي تحرم روسيا التكنولوجيا الغربية المتطورة التي تعتمد عليها بشكل كبير.

وقال بوتين: "إدراكاً للصعوبات الكبرى التي تواجهنا، سنبحث بشكل مكثف وبذكاء عن حلول جديدة"، في إشارة إلى حصار "شبه تام" تواجهه بلاده على صعيد الاستفادة من التكنولوجيا الغربية.

وفي باكو أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الاثنين أن الاتحاد الأوروبي يسعى لمضاعفة واردات الغاز من أذربيجان.

وكتبت فون دير لايين في تغريدة: "الاتحاد الأوروبي يتحوّل إلى مورّدي طاقة أكثر موثوقية. أنا اليوم في أذربيجان لتوقيع اتفاق جديد. هدفنا مضاعفة عمليات تسليم الغاز الأذربيجاني إلى الاتحاد الأوروبي خلال بضعة أعوام. (هذا البلد) سيصبح شريكاً أساسياً لأمن الإمدادات وعلى طريق الحياد المناخي".

وأعلنت روسيا السبت أنها أنهت رسمياً قرار "وقف عمليات" جيشها الذي اتخذته قبل ثمانية أيام، واستأنفت القصف بكثافة أكبر على منطقة دونباس الصناعية التي يسيطر عليها جزئياً انفصاليون موالون لموسكو منذ عام 2014.

وكان بوتين حذّر في بداية يوليو/تموز من أن موسكو "لم تبدأ بعد الأمور الجدية" في أوكرانيا.

وتوجه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى مركز لقيادة الجيش حيث التقى ضباطاً يشاركون في الهجوم على أوكرانيا، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية من دون مزيد من التفاصيل.

وقالت الوزارة الاثنين إن الوزير "أعطى توجيهات بأن يجري التركيز، باستخدام أسلحة عالية الدقة، على تدمير مدفعية العدو وصواريخه بعيدة المدى".

وألحقت العقوبات المتتالية التي فرضت على روسيا أضراراً كبيرة باقتصادها لكنها لم تدفع الكرملين إلى التراجع.

وتدخل الحرب على أوكرانيا في 24 يوليو/تموز، شهرها السادس ولا يوجد حتى الآن أي حصيلة شاملة للضحايا المدنيين للنزاع.

TRT عربي - وكالات