لطالما كانت الإدارة المالية السليمة ذات المنهجية الصحيحة الفيصل في تحقيق الكثير من المستهدفات الفاعلة مما يكسبها القوة ومعالجة نقاط الضعف على المديين القصير والطويل وهو ما انتهجته المالية السعودية التي أسست لنظام مالي واسع النطاق تتشكل به العديد من المبادرات والمعالجات التي تعزز من كفاءتها وبالتالي يلاحظ المراقبون هذه الفاعلية في تجاوزها للعديد من الصدمات خلال العامين 2020 والعام الحالي 2021 مما أكسب نظاما ماليا قويا حظيت من خلاله المملكة بثقة اقتصادية متينة وجدارة ائتمانية فعالة لدى العديد من الوكالات الائتمانية والمؤشرات العالمية المختلفة .
جاء الأسبوع المنصرم التقرير السنوي الائتماني لوكالة التصنيف الائتماني “موديز” المفصّل للمملكة ليعكس المتانة الاقتصادية للمملكة، وقوة مستوى الحوكمة والمؤسسات الحكومية فيها، بالإضافة إلى قوتها المالية، وقابليتها لتجاوز المخاطر ودعم فرص الاستقرار الاقتصادي والنمو المتسارع، وقدرت المملكة على إدارة المخاطر والتخفيف من آثارها. حيث اشتمل التقرير على نقاط القوة الائتمانية للمملكة مستمدة من قوة ميزانيتها العامة، المدعومة بمستويات دين معتدلة ومخزون احتياطي مالي ضخم، بالإضافة إلى مخزون ضخم ثابت من احتياطيات نفطية ذات تكاليف استخراج منخفضة، ونظام مالي مستقر منظم يعزز من متانة ملفها الائتماني السيادي. حيث توقعت الوكالة نمو اقتصاد المملكة بمعدل متوسط يبلغ حوالي 3.9 % خلال الأعوام من 2022م حتى 2026م
أن تصنيف الوكالة للمملكةA1 مع نظرة مستقبلية مستقرة يعكس الأثر الإيجابي للتدابير الهيكلية والإصلاحات التي تتخذها السعودية منذ الأعوام الماضية، إضافة إلى التقدم الملحوظ في تحسين بيئة الأعمال وتعديلات المملكة في التشريعات والأنظمة، مما أثر بشكل إيجابي على فعالية السياسة المالية وزاد من كفاءة العمل الحكومي من خلال ضمان الضبط المالي لمبادرات كفاءة الإنفاق التي أشاد بها التقرير الدولي وصولا الى تحقيق الميزانية السعودية في الربع الأول من 2022 فائضا تجاوز 57 مليار ريال، حيث يعتبر هذا الفائض أعلى فائض فصلي منذ أن بدأت في 2016 كما أسهم ارتفاع أسعار النفط وتوسيع إيرادات القطاعات غير النفطية في تحقيق مستهدفات المملكة المرسومة خلال المرحلة المقبلة، خاصةً وأن المملكة لديها توجه واضح لتنمية إيراداتها ورفع كفاءة القطاعات الحكومية مع استمرار مشاريعها العملاقة المستقبلية واستقرار في الأداء الاقتصادي بعد عودة وتيرتها المتصاعدة بعد الجائحة وتوظيف متسارع للإمكانات الاقتصادية ونمو القطاع غير نفطي وارتفاع مساهمة القطاع الخاص ونشاط متصاعد للاستثمارات المحلية والخارجية وفعالية المبادرات الحكومية الأخرى الداعمة للاستقرار المالي، ومواصلة الحكومة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية متوسطة وطويلة الأجل الهادفة إلى التنويع الاقتصادي وتحقيق الاستدامة المالية، والدور الفاعل الذي يقوم به صندوق الاستثمارات العامة وصناديق التنمية الأخرى في تنفيذ المشاريع الكبرى والتنموية الداعمة للأنشطة الاقتصادية وفرص العمل، إضافة إلى مراجعة بعض الأولويات لزيادة الكفاءة والفاعلية وتحقيق أفضل النتائج المالية والاقتصادية ، ومما لا شك فيه فإن صدور مثل هذه التقارير سيسهم في جاذبية الاستثمار وخلق الثقة لدى المستثمرين في السوق السعودي مما يؤشر إلى المضي قدما ببرامج الاستثمار والنمو الاقتصادي في مختلف المجالات.
وبالرغم من التحديات الاقتصادية العالمية للنمو الاقتصادي التي سببتها تداعيات جائحة كوفيد – 19، وما تبعها من أزمات وأحداث جيوسياسية ونقص في الإمدادات العالمية ، وكذلك مفاجآت التضخم التي ضربت عددا من دول العالم وبمعدلات مرتفعة ، إلا أن وتيرة نمو الاقتصاد السعودي بقيت مستمرة بثبات حيث وصل في الربع الأول من هذا العام الجاري 9.6 في المائة وهو رابع نمو على التوالي بعد الجائحة ( يقيس بعض الخبراء الاقتصاديين الركود الاقتصادي لأي دولة اذا كان نمو الناتج المحلي الإجمالي بالسالب لفترتين متتاليين).
مجمل القول: إن التكامل بين ركائز إدارة المالية العامة في المملكة وكفاء الأداء يسير وفق منهجية واضحة وشفافة ومن المتوقع أن تتواصل وتيرة تحقيق العديد من المستهدفات ضمن رؤية المملكة 2030 إضافة إلى ذلك فإن الاستجابة السريعة للمتغيرات أصبحت من صميم الجهود الرامية لتجاوزها مما سيفضي إلى المزيد من النمو والاستقرار الاقتصادي وهو ما جعل المملكة تتبوأ المشهد الاقتصادي العالمي في مختلف المجالات والتصنيفات.
*نقلا عن صحيفة "مال"
