منذ شغور منصب زعامة الحزب، إثر فضيحة "الاعتداءات الجنسية" التي تَستَّر عليها الرئيس السابق بوريس جونسون، يعيش المحافظون البريطانيون المرحلة النهائية من معركة سياسية حامية الوطيس لتحديد خليفته في الحزب والحكومة. حيث يتصدر السباق وزير المالية السابق ريتشي سوناك.

وفي وعوده الانتخابية تَوعَّد سوناك من سمَّاهم "الإسلاميين المتطرفين" بالتضييق. في المقابل تحاشى التفاعل مع رسالة قدّمها نشطاء مدنيون ونواب برلمانيون حول خطته لمكافحة الإسلاموفوبيا، التي تنغّص على مسلمي البلاد حياتهم.

تَوعَّد الإسلاميين وتحاشى الإسلاموفوبيا

على بعد أقلّ من شهر يفصلنا عن التصويت النهائي، الذي سيحسم السباق بين وزير المالية السابق ريتشي سوناك ووزيرة الخارجية السابقة ليز تراس، عمَّن سيكون زعيم الحزب القادم والساكن الجديد لـ"رقم 10 داونينغ ستريت"، تَعهَّد سوناك بأنه سيضيق الخناق على "الإسلاميين المتطرفين الذين يشوهون المملكة".

ووعد سوناك بأنه سيعيد تركيز خطة محاربة الإرهاب على "الإسلاميين"، وإضافة صفة "تشويه المملكة" إلى مفهوم التطرف، مشدداً على "مضاعفة الجهود لمواجهة التطرف الإسلامي"، دون أن يشير إلى تصاعد خطر الإرهاب اليميني المتطرف في إعلانه.

وردّاً على هذه الوعود الانتخابية، تساءل الناطق باسم "مجلس مسلمي بريطانيا" مقداد فيرسي: "هل ستشمل سياسة سوناك أولئك الذين لديهم آراء سياسية مناهضة للتاريخ الاستعماري لأمتنا، أو الذين يكرهون النظام الملكي أو النشيد الوطني أو حتى إحدى فرقنا الرياضية الوطنية؟"، قبل أن يخلص إلى أن سوناك "يريد معاقبة الشخص الخطأ، ولن يكون ضحايا لهذه السياسة الجديدة غير المسلمين البريطانيين العاديين".

في ذات السياق، حسب ما كشفته صحيفة "الإندبندت"، راسل برلمانيون كلا مرشحَي الحزب المحافظ متسائلين عن خططهما لمواجهة الإسلاموفوبيا. وكتب النواب في رسالتهم: "نأمل إذا أصبحت رئيساً للوزراء، أن تتخذ خطوات ملموسة لاجتثاث هذه الكراهية الخبيثة التي تهدّد قيمنا البريطانية".

وحثّت الرسالة المرشحين، في حال وصول أي منهما إلى رئاسة الحكومة، على كشف مضامين التحقيق في قضية الوزيرة نصرت غني، التي أقيلت من المنصب لإسلامها. وأوردت الرسالة: "عندما تثير امرأة مسلمة تجربة مباشرة للتمييز ضد الإسلام في قلب الحكومة وحزبها، يجب التعامل مع هذه الادعاءات بالجدية التي تستحقها (...)، إنها حقيقة محبطة أن الإسلاموفوبيا تغلغلت في السياسة السائدة".

وتجاهل سوناك رسالة النواب البرلمانيين، ولم يصدر عن حملته أي تجاوب يُذكر معها، حسب "الإندبندنت".

من سوناك ريتشي؟

وُلد ريتشي سوناك سنة 1980 في مدينة ساوثهابتون، على الساحل الجنوبي لإنجلترا، وهو الأكبر بين الأبناء الثلاثة لعائلة من أصول هندية، وبالتالي إذا ما نجح في انتزاع منصب زعامة المحافظين فسيكون أول رئيس وزراء بريطاني من أصول هندية.

وتَلقَّى سوناك تعليمه في مدرسة وينشستر الداخلية المرموقة، ومنها إلى جامعتي أوكسفورد البريطانية وستانفورد الأمريكية، حيث درس السياسة والاقتصاد. أما حياته المهنية فنجح في أن يشغل مناصب عدة في شركات مالية كبرى من عيار "غولدمان ساكس"، كما أسَّس شركته الاستثمارية الخاصة.

وبدأ ريتشي سوناك حياته السياسية عام 2015، ممثّلاً لمنتخب من شمال يوركشاير. وفي عام 2016 كان من أوائل من دعموا المعسكر المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خيار أكسبه تفضيل بوريس جونسون، الذي عرض عليه وزارة المالية عام 2020، عن سن لا تتعدى 39 عاماً.

وخلال عمله وزيراً للمالية حاز سوناك شعبية كبيرة بتخصيصه ميزانية ضخمة إعانات للمواطنين خلال فترة الجائحة الصحية، وكان من أوائل مَن استقالوا من الحكومة إثر تفجُّر فضيحة تستُّر رئيسها بوريس جونسون على معلومات بخصوص انتهاكات جنسية لأحد النواب المحافظين.

TRT عربي