بعد محطتها الأولى التي عُقدت في في إيطاليا والأرجنتين في أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، تستعد مديرية الاتصالات في الرئاسة التركية لإطلاق المرحلة الثانية من سلسلة الندوات، التي تتناول موضوع إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في 12 دولة.

وعن النقاشات التي ستُعقد تحت عنوان "إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: نهج لإعادة بناء النظام الدولي"، مدير الاتصالات فخر الدين ألطون: "نهدف من خلال حلقات النقاش إلى رفع مستوى الوعي لإعادة تنشيط النظام الدولي وتصميم مجلس جديد للأمم المتحدة ومجلس الأمن حتى لا تعاني الأمم المتحدة مصير سلفها عصبة الأمم".

وتأتي هذه المساعي التي تقودها دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، انطلاقاً من رؤية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتمثلة بعبارته الشهيرة "العالم أكبر من خمسة"، التي تَلقَى صدىً واسعاً على المستوى العالمي، وبالأخصّ بعد أصدار أردوغان كتاباً حديثاً رسم من خلاله أسس نظام عالمي أكثر استقراراً وسلاماً وعدلاً عبر تقوية الأمم المتحدة وتفعيل دورها القيادي، إلى جانب إعادة هيكلة مجلس الأمن بشكل أكثر تنوعاً وتمثيلاً.

ندوات في 12 دولة

حسب البيان الصادر عن مديرية الاتصالات، فإن المحطة الثانية من سلسلة الندوات، ستبدأ مع اللجنة التي ستعقد في العاصمة الفرنسية باريس يوم 16 أغسطس/آب الجاري. وتستمرّ اللجان في لندن في 18 أغسطس، وفي أوسلو في 22 أغسطس، وفي ستوكهولم في 24 أغسطس، وفي أمستردام في 26 أغسطس.

وستلي هذه اللجان ندوات تعقد في جنوب إفريقيا وألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان وإسبانيا وروسيا. وسيُعقد الحدث الأخير في نيويورك في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستعقد في سبتمبر/أيلول المقبل.

فيما تهدف أنقرة عبر سلسلة الحلقات، التي ستُعقد مع مشاركين محليين وأجانب خبراء في مجالاتهم، إلى الجمع بين السياسة التركية تجاه إصلاح الأمم المتحدة مع الجمهور الدولي على نطاق عالمي.

وعن الحشد الدولي الذي تقوده أنقرة من أجل إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أشار مدير الاتصالات ألطون إلى أنه يعتقد أن سلسلة اللجان سيكون لها تأثير في الساحة الدولية.

التفاف دولي حول الرؤية التركية

في الوقت الذي ترفض فيه تركيا جهاراً قرارات دول مجلس الأمن الخمس دائمة العضوية التي تشوبها ازدواجية المعايير، تصرّ دبلوماسيتها النشطة على أن خلاص العالم وسعادته يكمنان في تطبيق العدالة وتهيئة البيئة التي يصبح بها المحقّ قويّاً وليس القويّ محقّاً. وحسب الرئيس أردوغان لا يمكن ترك مصير البشرية لتقدير عدد محدود من البلدان، بل على العالم تبني منظور جديد يرتكز أساساً على إعادة هيكلة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بطريقة أكثر أنصافاً تُمثَّل من خلالها الدول والقارات والمعتقدات والأصول والثقافات جميعها.

ومن خلال التعددية الفعالة لا الشكلية ومنحها صفة شرعية حقيقية، تسعى الدبلوماسية التركية لتعزيز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بطريقة تجعله قادراً على التعبير عن الضمير المشترك للمجتمع الدولي عموماً، فضلاً عن تجاوز عديد من المشكلات التي وقعت في الماضي ومنع حدوثها مجدداً، والتي كان من أبرزها تجاوز السلطات السيادية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وصولاً لحدّ إزالتها بالكامل وإغراق البلاد في فوضى لا مخرج منها بحجة ترسيخ الاستقرار وإحلال السلام تماماً كما حدث في العراق عام 2003.

من جهته صرّح مدير دائرة الاتصالات الرئاسية فخر الدين ألطون، في بيان سابق له، أن السياسة التركية تجاه إصلاح الأمم المتحدة التي تجسّدها عبارة الرئيس أردوغان "العالم أكبر من 5" ورؤيته لـ"عالم أكثر عدلاً" تلقى استجابة جادة على المستوى الدولي.

وفي يونيو/حزيران 2021، خلال الذكرى السنوية 75 لتأسيس الأمم المتحدة، طالب قادة 193 دولة بإحياء مفاوضات إصلاح مجلس الأمن ورفع عدد الأعضاء من 5 دائمين و10 مؤقتين إلى 25 أو 27 عضواً. لكن هذا المطالب لا تزال تصطدم بالرفض الصيني والروسي اللذين يعرقلان عملية مفاوضات الإصلاح.

يُذكَر أن إصلاحات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تمّت في الستينيات لم تُعِر عديداً من الدول الإفريقية البالغ عددها 54 دولة انتباهاً، فطوال العقود الستة الماضية لم يكن للقارة الإفريقية من يمثّلها بشكل دائم.

"العالم أكبر من خمسة"

في كتابه الذي صدر في سبتمبر/أيلول 2021 تحت عنوان بعنوان "من الممكن الوصول إلى عالم أكثر عدلاً"، أكد الرئيس أردوغان مجدداً عبارته الشهيرة "العالم أكبر من خمسة" التي لاقت صدى عالمياً وتُرجمت على شكل أغنية باللغة الإنجليزية عام 2017، إذ تحدث عن ضرورة إلغاء حقّ النقض "فيتو" في مجلس الأمن الدولي وتفعيل دور الأمم المتحدة التي تمثل معظم الدول تقريباً، من أجل تحقيق عدالة عالمية حقيقية وشاملة.

ولطالما تناول الرئيس أردوغان في خطاباته الدولية إشكالية أن تتولى خمس دول فقط إدارة العالم وأن تتخذ فردياً القرارات التي من شأنها التأثير في مصير العالم بأسره. كما يلفت الانتباه إلى المعضلات السياسة العالمية التي تواجه الدول الضعيفة والفقيرة، على رأسها الظلم وأزمة اللاجئين والإرهاب الدولي ومعاداة الإسلام والتمييز العنصري وازدواجية المعايير.

ويؤكّد الرئيس التركي أن خلاص العالم وسعادته يكمنان في تطبيق العدالة، في عالم يصبح به المُحِقّ قويّاً وليس القويّ محقّاً، بما لا يخلو من نبرة استنكارية لقرارات دول مجلس الأمن الخمس دائمة العضوية، التي تشوبها ازدواجية المعايير.

TRT عربي