التاريخ المتهم الأول في حرائق الكنائس
التاريخ المتهم الأول في حرائق الكنائس
بعد موسم الحرائق الذي شهدناه جميعا خلال الأسبوع قبل الماضي, تزامنا مع الاحتفالات السنوية بعيد السيدة العذراء التي مرت ملؤها الأوجاع وحسرة الفقد, وانتكاسة الأمل, فخلال الأسبوع الماضي تعرضت أكثر من عشر كنائس لحريق أو احتمال نشوب حريق, راحت ضحيتها 41 نفسا- مع خسائر مروعة في كنيستي أبي سيفين بإمبابة, والأنبا بيشوي في المنيا الجديدة.
أعادتنا الخسائر والحرائق وجثامين الصغار الذين شيعهم ذووهم في حسرة إلي ذلك التاريخ المتهم الأول في حرائق الكنائس, فمعظم هذه الكنائس كانت عبارة عن شقق سكنية,في مبان غير مؤهلة لارتياد أعداد كبيرة, شيدها المسيحيون للصلاة بسبب صعوبة الحصول علي التراخيص آنذاك, وحينما صدر قانون بناء الكنائس, لم يكن من الممكن تغيير الأوضاع معماريا, وعند التطبيق العملي عجزت بعض الكنائس المدرجة في جدول التقنين, عن الوفاء باشتراطات الحماية الواردة في الكود المصري الذي صدر عام 2016, هذه الفجوة بين النص والتطبيق تهدد الأمن والسلامة, فهذه الكنائس تقع في تصنيف الكود المصري لأسس التصميم واشتراطات التنفيذ لحماية المنشآت من الحريق,في المستوي الأول من المستويات الأربعة لاشتراطات الكنائس وهو مستوي محدود المعايير, ينطبق علي الكنائس التي تبلغ مساحتها مائة متر وارتفاعها خمسة أمتار, وينص علييجب أن تكون الكنيسة في شارع لا يقل عن أربعة أمتار, مع وجود حنفية حريق وعدد من طفايات الحريق وطفاية لحريق الكهرباء,مع معالجة الدكك الخشبية والأيقونات بمواد مؤخرة للاشتعال, للحد من تفاقم الحرائق!! فهل هذه الاشتراطات تحمي المصلين, أم أنها تضمن التقنين فقط؟
المفاجأة أن حتي هذه المعايير البسيطة تظل بعيدة المنال علي الكنائس في مناطق,مثل أوسيم ومنشأة القناطر وغيرها, لأنها مشيدة في شوارع يقل عرضها عن أربعة أمتار,فماذا ستفعل لدولة في هذه الأزمة,هل تضحي بالمصلين أم تضحي بقطعة أرض في نفس المحيط لتنشئ كنيسة بديلة تخدم أهل المنطقة من المسيحيين, فإذا كان الأمر صعبا في الماضي وسط جحافل المتربصين والغوغاء الذين كانوا يقذفون الكنائس بالطوب ويرغمونها علي
إنزال الصلبان من فوق المنارات, فالحاضر مغاير ومصر تستحق تقديم وجه مشرف للعالم عن التعددية والتنوع, وسيكون نقل الكنائس التي تقع في المستوي الأول من مستويات اشتراطات الحماية لأماكن مناسبة تضمن حماية الأرواح, اختبارا عمليا لتصدير هذا الوجه ولإعلاء دولة القانون, التي يجب ألا تفرق بين المواطنين في عبادة الله.