فورة التضخم مؤشر إلى اعتمادنا على المحروقات برأي عالم المناخ روكستروم

وقال خبير المناخ الذي ساهم في صوغ مفهوم "حدود الكوكب" الذي يضع حدودا لاستخدام موارد يتحتم عدم تخطيها من أجل العيش في بيئة آمنة، "نقول منذ العام 1990 أن علينا التخلي تدريجيا عن الاقتصاد القائم على الطاقات الأحفورية. وها نحن الآن أمام فشل ذريع (بعد) ثلاثين عاما من نقص الاستثمار".

وعمل روكستروم طوال عامين على مساهمته في التقرير الجماعي "أرض للجميع: إرشادات البقاء للبشرية" الذي نشره الثلاثاء "نادي روما"، وهو مجموعة بحثية تضم علماء وخبراء اقتصاد تأسست عام 1968.

ويندرج التقرير في خط "تقرير ميدوز" الشهير الصادر عام 1972 برعاية "نادي روما" أيضا والمنشور في كتاب بعنوان "حدود النمو"، وهو وثيقة مرجعية أكدت أن النمو لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية بدون الوصول إلى حد أقصى لاستهلاك الموارد.

وبعد خمسين عاما، يعرض التقرير الجديد الذي ساهم فيه بعض من واضعي تقرير ميدوز، احتمالين للنمو.

السيناريو الأول بعنوان "قليل جدا، متأخر جدا" ينص على الاستمرار في الالتزام بالصرامة الاقتصادية، ما سيزيد الفوارق في وقت يتخطى العالم أهداف اتفاق باريس حول المناخ ويتجه في الوقت الحاضر نحو احترار بمقدار 2,5 درجة مئوية بحلول العام 2100 بالمقارنة مع ما كان عليه في نهاية القرن التاسع عشر.

أما السيناريو الثاني المعروف بـ"القفزة الكبيرة"، فينص على تعبئة غير مسبوقة للموارد من أجل تحقيق خمسة تغييرات في المجتمع، هي استئصال الفقر، واجتثاث التباين الاجتماعي، وتحقيق النساء استقلاليتهن، واعتماد حمية غذائية عالمية أكثر نباتية، وإزالة الكربون من الطاقة.

ويدعو واضعو الدراسة صندوق النقد الدولي إلى منح ألف مليار دولار في السنة للدول الأكثر فقرا لاستحداث وظائف خضراء، والدول الغنية إلى شطب ديون ذوي الدخل المتدني مع منح مواطنيها "حصة أرباح أساسية عامة" لضمان تقاسم أرباح الشركات.

سيناريو كارثيّ

وحذر روكستروم من أن العالم بلغ "نقطة تستدعي تحركا ملحا" لأن الكوارث المرتبطة بالمناخ باتت أكثر تواترا مما كان متوقعا، مع بلوغ الاحترار حاليا 1,1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية.

وقال العالم "هذا ما وصلنا إليه: مع بلوغ (الاحترار) 1,1 درجة مئوية، تحصل الظواهر التي كنا نعتقد أننها سنشهدها عند درجتين مئويتين بصورة مبكرة أكثر وبشدة أكبر"، بعد صيف سجل مستويات قياسية من الحر والجفاف في أوروبا والصين وفيضانات كارثية في باكستان.

وأضاف "قد نتجه نحو سيناريو كارثيّ، ليس لأنّنا نزيد انبعاثاتنا من ثاني أكسيد الكربون والغازات ذات مفعول الدفيئة البشريّة المصدر، بل لأن نظام الأرض هو نفسه بدأ يبعث هذه الغازات" في ظل ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند وتزايد حرائق الغابات.

ودعا العلماء إلى "درس مجموعة أوسع بكثير من السيناريوات" للأخذ بشكل أفضل بظواهر غير مرجحة بالطبع، إلا أنها مدمرة للغاية وقد تؤدي إلى تسارع الاحترار.

غير أن روكستروم عبر عن "تشاؤم كبير" حيال قدرة الحكومات على تحقيق إصلاحات. وقال "قبل ثلاث سنوات، كنت لأبديت مزيدا من التفاؤل. رأينا زخما بعد مؤتمر باريس مع المزيد من السياسات العامة والمزيد من الشركات التي أطلقت تعهدات".

وتابع مبديا قلقه "الآن، مع انهيار ثقة الجمهور بعد وباء كوفيد وصعود النزعات الشعبوية، ليس لدي انطباع بأننا مستعدون حقا لتحقيق كل هذه الخطوات العملاقة".

وختم "لذلك يكتسي التوقيت أهمية كبرى. علينا تحريك النقاش وبحث الضرورة الملحة للتحرك. لكن هل أن هذا يطرح تحدّيا؟ بالتأكيد".