رينيه شاتوبريان، شاعر فرنسي، ومؤسس المدرسة الرومانسية الفرنسية، والمولود في مدينة سان مالو الفرنسية، في مثل هذا اليوم من العام 1797. 

انطلقت شهرة رينيه شاتوبريان مع أول كتبه المنشورة تحت عنوان “مقال تاريخي وسياسي عن الثوارات”، حيث حقق له شهرة واسعة وذاع صيته حتى أنه وصف بـ “أعظم كتاب عصره”، مما حدا بـ “نابليون” أن يعينه سفيرا لفرنسا في إيطاليا عام 1803، ولكنه استقال وشغل مناصب سياسية أخرى حتى اعتزلها نهائيا وتفرغ للأدب.

ويعد رينيه شاتوبريان، أحد أبرز رواد المدرسة الرومانسية في الأدب الفرنسي خلال القرن التاسع عشر، بينما يصفه مؤرخو الأدب بأنه: “يحتل مكانة غامضة في خريطة الأدب الفرنسي، فهو أقل شهرة من مواطنه فيكتور هوجو، وأقل عمقا وتعقيدا من ”لامارتين"، كان رومانسيا على طريقته الخاصة، حيث حمل جل ملامح وسمات هذه الحقبة الأدبية، من التعطش إلى جمال الشرق وسحره، حتى أنه زار “فلسطين” في مطلع القرن التاسع عشر، تواقا إلى تجديد إيمانه من خلال العودة إلى جذور المسيحية.

ومن مؤلفات رينيه شاتوبريان: مذكرات من وراء القبر ــ رينيه ــ أتالا ــ وقائع آخر بني سراج، والتي نقلها للعربية المفكر اللبناني شكيب أرسلان، وظهرت طبعتها الأولى بالعربية في العام 1897 بمطبعة الأهرام بالإسكندرية، وفي العام 1924 ظهرت طبعتها الثانية عن مطبعة “المنار” بالقاهرة.

ــ أخبار الأندلس في حكاية رينيه شاتوبريان مع بني سراج

وفي تقديمه للترجمة العربية التي قدمها لأول مرة، لرواية “آخر وقائع بني سراج”، للكاتب الفرنسي رينيه شاتوبريان، يقول المفكر اللبناني شكيب أرسلان: هذه قصة لطيفة من نوع القصص المعروف، على أسلوب الوضع المألوف، ألفها رينيه شاتوبريان، الكاتب الفرنسي الشهير وسماها “آخر وقائع بني سراج”، وأدارها على سياحة شاب تام الرجولية، باهر الفروسية من بقايا “آل سراج” الغرناطيين، من أكرم بيوتات العرب الباقين، وكانوا بالأندلس لعهد خلوها من الإسلام، ونبوها عن جمر الأعلام، هب من تونس حيث كانت جالية الأندلس، قد نزل أكثرهم سائحا إلي وطنه القديم، متعللا بالعظام الرميم، طائعا هوي النفس في الذهاب، هائما علي وجهه في تلك الأرض التي عمرها آباؤه مئتين من السنين.

ــ لماذا “بني سراج”؟

ويوضح شكيب أرسلان، أسباب تحمسه لترجمة رواية “اخر وقائع بني سراج” لـ  رينيه شاتوبريان، إلي اللغة العربية: أصبت هذه القصة في بعض المظان، فاخترت نقلها إلي اللسان العربي المبين، للطف معناها، وشرف مغزاها، وما تضمنته من آداب المحبين، وإيثارا لما فيها من مكارم الأخلاق، ومزايا الأشراف من الفرسان، واطلاعا علي الكثير من الصفات الملكية متزحزحة عن أفق الملأ العلوي إلي عالم الإنسان، استدلالا علي بديع  صنع الله حين يجمع بين الحسن والإحسان، ثم تعريفا بحال الفروسية إذ ذاك، وما انطوي من مكارم الأخلاق بين الألجام والأسراج، وتلذذا بذكري السلف، واستقراء لآثار العرب، علي نحو الغرض الذي حدا ببقية “بني سراج”، ووصلتها بذيل من أخبار الأندلس اللازمة للقصة الزائدة  في طلاوتها، المساعدة في فهمها وتسوغ حلاوتها، فجاء فيها من لطف الحقيقة ما لا يقصر عن لطف الخيال، وأعيد بها كثير من صدي الأندلس قبل تأذن الله بالزيال.