“سونطر للزواج” يدخل حياة المغاربة.. هل يحارب العزوف أم يبحث عن الاسترزاق؟


“أول ما شاهدت الإعلان صُدفة على الفيسبوك، بادرت مُباشرة للاتصال بهم، وأخذ موعد، لعل عُقدتي بالزواج تٌفك على يدهم” تحكي إيمان (اسم مُستعار) وهي شابة تبلغ من العمر 35 سنة، عن تجربتها مع “سونطر للزواج” رغبة منها بتوديع حياة العزوبية، مضيفة “لا أخفيك، أن تعاملهم الجميل بداية على الهاتف، فتح في مخيلتي، استمرار حُسن تعاملهم، بتكاليف مالية معقولة، خاصة أنني فقط (بغيت نستر راسي ونتزوج على سنة الله ورسوله”.

بعد الموعد المُحدّد، مضت إيمان إلى المركز، المتواجد بمدينة الدار البيضاء، وحين حان دورها، استقبلتها فتاة عشرينية، أخذت تسألها عن المواصفات التي تطمح إليها، وعن مدى جديتها في رغبة الزواج، وهل تود الاستمرار بالشغل بعد الزواج أو الاستقرار في المنزل، ثم قالت لها، “كل مواصفاتك موجودة، ولدينا خيرة الشباب، سأجعلك تقابلين واحدا منهم، وإن تم القبول بينكم، سيتم الزواج مباشرة بعد الاتفاق” تردف إيمان في حديثها لـ”الأيام 24″ غير أنني حين سمعت أنه يتوجب علي أداء 5000 درهم كل سنة، من أجل الحصول على تكوينات نفسية للتأهيل إلى زواج سليم، فضلا عن مصاريف أخرى، عدلت عن رغبتي في التعامل مع هذا المركز، وأحسست كأن الأمر مجرد نصب”.

 

“المهم أن تكون جادا”

على غرار إيمان، شباب كُثر علمت “الأيام 24” عن توجههم لمثل هذه “مراكز الوساطة لأجل الزواج” المُتمركزة بكثرة، حديثا، في مدينة الدار البيضاء؛ وعلى مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات بالجُملة باتت تقض مضجع عدد من الشباب، أساسها “إن كُنت تود الزواج نحن نُعرّفك على شريك العمر” أو “رغبة الزواج منك والتعرف على شريك الحياة علينا” وكلها إعلانات يأتي مرافقا بها جُملة “المهم أن تكون جادا”.

تشير مُعطيات كثيرة، من وثائق وقصص واقعية، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن العزوف عن الزواج في صفوف الشباب المغاربة بات ظاهرةً لا تنفكّ عن اتّخاذ منحى تصاعدي في السنوات الأخيرة، خاصةً بين سنتي 2011 و2019، وذلك ناتج عن تحدّيات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتحوّلات ثقافية في المجتمع. هل مراكز الوساطة ستُساهم فعلا في الحد من العزوف عن الزواج في المجتمع المغربي أو أنها مُجرد مؤسسات تبحث عن الكسب المادي؟

 

تابعت “الأيام 24” عدد من مراكز الزواج، التي دخلت المُجتمع المغربي، في ظل الأشهر القليلة المُنصرمة، وتابعت تعاليق الشباب، الذين تتباين آرائهم بين “ساخر من الأمر” وبين من يكتب اسمه ومواصفاته ومواصفات من يرغب بها شريكة عمر؛ فيما اكتشفت “الأيام 24” أن عدد من صفحات هذه المراكز تعمد إلى إزالة أي تعليق سلبي فتترك إثر ذلك المجاملات والتعاليق التي تًفيد أنهم أشخاص نجحوا بالزواج، عن طريق هذا المركز، ولكنك إن دخلت على هذه الحسابات لوجدت أن أغلبها مُزيف.

الزواج بواسطة.. “تجارة”

محمد حبيب، مساعد اجتماعي بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، يقول إن “الزواج بواسطة، أعتقد أنه كان موجودا منذ القدم، والمغاربة كانوا يتداولون فيما بينهم في الزواج مهنة “الخاطبة” عندما كانت هذه السيدة لها دراية بالأسر والعائلات ولها شبكة تواصل كبيرة في المجتمع، وهناك من يتصل بها للبحث عن عروس بمواصفات معينة، ويستعين بخدماتها في ظل غياب وسائل التواصل والاتصال والتعارف السلس بين الناس آنذاك، بحكم طابو العلاقات بين الذكور والإناث”.

 

“أما اليوم وأمام هذا التطور التكنولوجي والتواصل الرقمي الفوري من مواقع للتعارف و تطبيقات متطورة لأشخاص يعرضون أنفسهم أو ذويهم للناس علنا، لا أعتقد أنه هناك جدوى من مراكز الوساطة للزواج” يضيف حبيب في حديثه لـ”الأيام 24″ مشيرا أن “هذه المراكز في الأصل كانت مجانية وغير معلنة، اليوم أصبحت تجارة بقدر من الانخراط السنوي قد يترتب عنه الزواج أو لا، هذا استغلال وابتزاز عاطفي وتلاعب بمخيال الناس وعواطفهم”.

ويردف المساعد الاجتماعي مؤكدا “بالبث والمطلق أنصح الشباب بالعودة إلى الطريقة المغربية الأصيلة في الزواج بالتعارف واعتماد فترة الخطوبة ثم الزواج”، مشيرا أن بات يتوجب “التواصل بين العائلات وتبادل الزيارات أثناء الخطبة بين العائلات للتوافق والتواصل والاستمرار في الاحترام المتبادل والتواد والتراحم وكذلك من أجل بناء الألفة بين كل أفراد العائلتين يكون أساسها مستقبلا هو المحبة المتبادلة والمستمرة بين العروسين”.

 

وتجدر الإشارة أن تقرير أنجزه المرصد الوطني للتنمية البشرية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال السنة المُنصرمة، كشف على أنه بالرغم من أن الشباب المغاربة يهتمون بفكرة تكوين أسرة، إلا أنه وبلغة الأرقام، نجد أن 70 في المائة منهم عازفون عن الزواج، انطلاقاً من عام 2019، أي أنه نحو 35 في المائة من المغربيات، أي أكثر من الثلث، عزبات.

تاريخ الخبر: 2022-09-05 18:19:59
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 73%
الأهمية: 81%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية