قصواء الخلالي: «المساء مع قصواء».. تفاصيل و«خلطة» تجمع المعلومة والبساطة (حوار) - فن


شخصية استثنائية فى مجال الإعلام، تميُّزها نابع من تفردها فى تقديم برنامج ثقافى نجح فى جذب المشاهدين واستقطاب جمهور من مختلف الفئات الفكرية والعمرية والاجتماعية، لها أسلوبها الخاص فى طرح المعلومة.. «حكاءة» بنبرة صوت تخطفك إلى عالمها الساحر، وطريقة تجمع بين الفصحى والعامية، تنتقل بك بسلاسة بين الشعر والأدب والفيزياء والفلسفة، تجعلك تترقب ماذا تحمل لك فى الفقرة التالية، كل هذه أمور جعلت من قصواء الخلالى وبرنامج «المساء مع القصواء» رقماً صحيحاً لا يقبل الكسر فى خريطة الإعلام المصرى والعربى.

كشفت قصواء فى حوارها مع «الوطن» الكثير من التفاصيل الإنسانية التى تتعلق بالبرنامج الثقافى وثوبه الجديد المرتقب أن يظهر به فى شهر سبتمبر على قناة cbc، والمجهود الذى تقوم به للتحضير وقراءة عدد كبير من الكتب والأبحاث قبل التحضير للفقرات واختيار ضيوف البرنامج، وكيف أثّرت نشأتها البدوية بـ«مرسى مطروح» فى تكوين شخصيتها الثرية المليئة بشغف البحث عن المعلومة.

- برنامج «المساء مع قصواء» كسر قاعدة أن البرامج الثقافية ليست جماهيرية، كيف تم تحقيق المعادلة الصعبة فى تقديم منتج يجمع بين مضمون جاد ونسب مشاهدة مرتفعة؟

فى المقام الأول ستر ربنا وتوفيقه، لأنكِ لو بذلتِ أقصى جهدك وطاقتك، فقد يُفقد لأى سبب أو تقصير ما، وبالتالى دون التوفيق والسداد لن يكتمل نجاحك، توفيق ربنا يفتح أمامنا الأبواب المغلقة ويحقق ما نريده من نجاح وأكثر، وهذا ما حدث فى «المساء مع قصواء»، وأتمنى من الله أن يديم علينا هذه النعمة ونستطيع تقديم كل ما هو جيد للناس، فضلاً عن خلطة البرنامج نفسها، راعيتُ فيها ذلك منذ البداية، فمنذ التحاقى بمجال الإعلام ولدىّ اهتمام خاص بضرورة وجود محتوى ثقافى يخاطب الثقافة بشكل مباشر.

مؤمنة بأن كل ما نقدمه يصنع ثقافة، وبالتالى أى محتوى سواء وفقنا فى تقديم ثقافة تُثرى المجتمع أو كانت ثقافة تؤثر بشكل سلبى على المجتمع، فأنا أريد الثقافة بمفهومها المباشر، وبدأت أفكر فى ذلك طيلة الوقت فى جميع البرامج التى قدمتها، وهى ضرورة أن تكون هناك نبتة بمحتوى سواء بكتاب أو لقاء فكرى أو أشياء من هذا القبيل، حتى استطعت تقديم برنامج ثقافى متكامل وكان اسمه «قهوة المثقفين» على راديو مصر، ونجاحه فى ذلك الوقت كان مفاجئاً.

عندما اتجهت لعمل برنامج ثقافى خاص بذاته على محطة شعبية كبيرة مثل راديو مصر، وضعت تصوراً والإدارة كانت ذكية وسمحت لى بالانطلاق، حلقة مع أخرى، كان هناك حفاوة فى استقباله ونجاح كبير وتكريمات، ومع نجاح برنامج ثقافى مسموع، اعتقدت أنه يصلح برنامجاً مرئياً تليفزيونياً، ولكن بتصور آخر، وكان هناك قبول للحديث عن الثقافة بشكل مبسط ومختلف عن المعتاد.

«المساء مع قصواء» الفكرة به مليئة بالتفاصيل، ولكن التبسيط مع الحكى وتقريب المعلومة، واستقبال ضيوف على أعلى مستوى من الإنسانية والفكر والرؤى، كل ذلك منح الخلطة بشكل أو بآخر سرها.

- مع توفيق ربنا، وأحلام وردية فى البداية لتقديم برنامج ثقافى بشكل مبسط، هل واجهتك تحديات عند خوضك لهذه التجربة؟

جزء كبير من التحدى الذى قد يقابلنى أو يقابل أياً من الزملاء هو أن يكون عندك فكرة وأن يتم قبولها والموافقة عليها، أياً كان نوع هذه الفكرة، وتبدأ تعمل على معالجتها، حتى تشعر بالرضا تجاهها، فكرة وجود محتوى تنويرى معلوماتى سردى يمكن القول بأنها وسّعت مفهوم الثقافة التليفزيونية، وأنها لا تتعلق بالمادة الخام للكتب فقط، لكن تكون مرتبطة كذلك بالأخبار فى اليوم، مرتبطة بالمعلومات، وبالسياسة والاقتصاد، لأن الثقافة تشمل كل شىء.

وهو ما عملت عليه بما ساهم فى إحداث خلخلة فى التحديات المتعلقة بقبول محتوى ثقافى خام على الشاشة فى برنامج توك شو مسائى، أنا وسعت القماشة ودمجت فيها المحتوى الثقافى وأصبحت حالة جديدة من خلال التدقيق والتبسيط، الأمر الذى جعل الناس تحب تسمع مع الحكى وتوفيق ربنا قبل كل شىء، الحمد لله كانت هناك تحديات كثيرة فى قبول المحتوى، لكن مع دعم الشركة المتحدة وقناة cbc ووجود مساحة أكبر وأوسع، تم تذليل أى عقبات.

جهود كبيرة مبذولة للتنوع فى الفقرات لتجنب شعور المشاهد بالملل ونستقبل ضيوفاً من مختلف الأقاليم لتغطية مجمل الثقافة المصرية 

- بصفتك رئيس تحرير «المساء مع قصواء» بخلاف أنكِ كاتبة وروائية، بالتأكيد هناك مجهود كبير مبذول من جانبك، وتحضيرات صعبة على كل المستويات.. هل سألتِ نفسك «ليه بختار الصعب»؟

هذا السؤال مرّ علىّ ولكن لم أتعمق فيه إطلاقاً، عندما أتكلم على فكرة أو أى محتوى ثقافى، يبدأ السؤال «ده يخلص إمتى؟ وإزاى؟، المدة المطلوبة؟ آخر وقت للتسليم؟»، ما أقدمه على مدار الحلقات المطروحة أسبوعياً يجب أن يكون غير متشابه على الإطلاق حتى لا يشعر المشاهد بالملل، وهناك معادلات كثيرة طول الوقت، كأنك تسير على حبال العقل حتى تستطيع الوصول لتقديم محتوى جيد غير متكرر فى فقرات البرنامج نفسه، تجعل المشاهد يشعر بأنه يتصفح مجلة متعددة الصفحات، ما لا يروق له فى فقرة ما يترقب الفقرة الأخرى لأنه متأكد أنه سيجد شيئاً مختلفاً وغير مكرر.

طبعاً الخلطة دى تستهلكنى نفسياً قبل عقلياً، وفريق العمل يسعى لاستقبال ضيوف من الأقاليم والمحافظات لتغطية المجمل العام لثقافة مصر، فى فقرة ما نتحدث عن الفيزياء، لكن فى فقرة أخرى نتحدث مثلاً عن المتنبى، وفقرة جديدة عن الفلسفة، وأخرى للحديث عن الروايات والأدب، بخلاف أن ضيوف البرنامج أصحاب عقول نيرة ومنيرة وأصحاب فكر عميق «كل ضيف عشان أقدر أناقشه، لازم أقرأ من كتاباته ما لا يقل عن 3 أو 4 كتب».

وأحياناً قبل التواصل مع ضيوف ما لا بد أن أقرأ عنهم وعن مؤلفاتهم كثيراً «عشان لما نتقابل يكون عندى مساحة لمناقشة أفكاره»، كل هذه لا أسميها صعوبات، ولكن أمور مرهقة لأقصى درجة، بالإضافة للمحافظة على استمرارية كتابة مقالاتى وتسليمها فى موعدها الثابت، والتواصل مع الجمهور والمتابعين الذين يقومون بمراسلتنا، وفى الأول والآخر جهد ربنا هو الذى قدّرنا عليه.

- هل أنتِ امرأة قوية؟

تضحك: لأ خالص أنا مش فى الإطار ده، بالعكس هناك حاجات بسيطة تخلينى لا أظهر بالصورة الموجودة، أكيد عندى مخاوفى والحاجات الصغيرة التى تجعلنى أجرى أسوة بأى امرأة، لكن الفكرة إنه بقدر المستطاع أكون مستعدة بس ده تقريباً يأخذ منى 7 أيام وليالى سهر، بما أثّر علىّ صحياً مؤخراً، لكن فى النهاية ماتقدريش تعملى حاجة تخلى الناس تقول ده مستواها نِزل، لا بد أن ترتقى بعملك وليس العكس، وكل ذلك من خلال مسئولية أكبر وهى مسئولية إنك بتنجح والناس منتظرة منك المزيد، والحمد لله بتوفيق ربنا مفيش ولا غلطة معلوماتية، وضيوف البرنامج على أعلى مستوى.

- وماذا عن الجمهور المستهدف للبرنامج الذى استطاع الوصول إلى الأطفال والمراهقين والشباب فى زمن السوشيال ميديا «محدش بيفتح كتاب زى زمان.. أعتقد إن ده من التحديات الصعبة أيضاً»؟

الخطاب العام مسئولية أكثر منه تحدياً، فكرة إيجاد الحالة نفسها هذا هو التحدى الأكبر، لكن هناك مسئولية الوصول بهذا المحتوى لكل الأطياف الإنسانية والمجتمعية للمشاركة فى بناء الإنسان، لأن البرنامج عنوانه الرئيسى هو «بناء الإنسان» مشروع مصر الكبير، ومن ثم الدخول من هذا الباب إلى الجميع.

الإنسان يبدأ من الأطفال، من تعامل الأسرة مع المواليد الجدد وصولاً إلى الأكبر سناً من أهلنا أصحاب المقام والخبرة «عشان أوصل للجميع، أحتاج إن كل حتة تكون بتخاطب بشكل يتوافق مع قبول الجميع، وأنا بعرض أدب الأطفال مثلاً يجب أن أربط ذلك بالكبار وبالأسر التى لديها صغار السن ومخاطبة المجتمع بكل المسئوليات الموجودة فيه، كل ده ممكن تقديمه فى فقرة واحدة وطريقة الربط بينهم والحكى البسيط وبالتالى مسئولية كبيرة عشان توصل الرسالة، ممكن أقدم كتاب فلسفى عميق فى أبعاده بشكل دمه خفيف ويتقبله الصغير والكبير».

«بناء الإنسان» مشروع مصر الكبير.. وتنوع الثقافات فى المجتمع إثراء للحالة المصرية

- ردود فعل الجمهور ضرورة لأى برنامج باعتبارها أحد مقاييس النجاح.. كيف تتابعين ذلك؟

يسعدنى جداً ودائماً مع كل حلقة أشكر الناس والمتابعين والجمهور لأن ردود الفعل تأتى من مختلف المستويات من بينهم أطفال وأعمار صغيرة جداً وكبار السن وأكاديميون وعلماء ومفكرون، ممكن أجد مقالات وتعليقات ونقد بنّاء وترشيحات لضيوف وكتب، وبالنسبة لى هذا رد فعل مشجع جداً للذهاب إلى مرحلة جديدة.

وممكن إجراء تعديلات على بعض الفقرات بناء على ترشيحات الجمهور وتعليقاتهم على السوشيال ميديا لأنهم مؤثرين بالنسبة لنا، وردود الفعل عظيمة ومبهجة وتجعلنى سعيدة جداً وبمثابة مسئولية أكبر إنه يجب أن أكون على قدر ما يُكتب عنى، يا رب يقدّرنا لأن الموضوع ممكن يكون فيه ضغط نفسى لأن النجاح أصعب مسئولية يتحملها الإنسان، لمّا تبدئى مرحلة التفرد، وبالتالى كل حاجة عليكِ ومطلوب منك تحققيها بأفضل قدر من التكامل.

وألا يكون لديكِ أخطاء وأكبر قدر من تلافى أى خطأ، وتحققى أكبر مساحة انتشار لتوصيل الرسالة التى تحملينها «أمور بتاكل من الإنسان عقلياً ونفسياً، وفى النهاية بيكون المردود ورد فعل الناس من عوض ربنا بعد التعب من خلال إن الناس مبسوطة والكلام الحلو الذى يُكتب عنى وعن البرنامج من كبار المفكرين، وتلقيت تكريمات كثيرة وكنت متفردة بهذه الجوائز».

- ما أكثر التعليقات التى أسعدتك وما زالت عالقة فى ذهنك؟

يوم ما دُعيت للتكريم من قِبل مجمع اللغة العربية المصرى، التعليق الذى لفت نظرى والجملة التى كانت مهمة وفارقة جداً بالنسبة لى، إنه قيل لى وقتها «أننى أول سيدة مصرية وعربية، وأول سيدة فى تاريخ المجمع تكون موجودة على منصة مجمع اللغة العربية وتلقى كلمة من خارج عضوات المجمع الفضليات»، الأمر كان مؤثراً جداً وأصبحت محملة برسالة لا بد أن أقدرها وتكون على أعلى مستوى، الحقيقة كانت نقلة نفسية لى وأثّرت فىّ وسعدت بها.

- وماذا عن «بناء الإنسان» باعتباره من الملفات المهمة والبرنامج يتخذه شعاراً له، فى ظل اختلاف المجتمع المصرى من نواحٍ عدة ثقافياً وفكرياً ومجتمعياً واقتصادياً؟

هناك أكثر من تصور منها جزء تطرقنا إليه فى بداية الحوار، وهناك جزء متعلق بهذا التنوع لأنه بمثابة إثراء وليس معضلة، تنوع الثقافات فى المجتمع هو إثراء للحالة المصرية وليس أزمة كما يصوره البعض، فيه ناس تقول إن اختلاف الثقافات يجعل هناك صعوبة فى لغة الخطاب، بالعكس تماماً هذا الاختلاف يجعل النسيج أثمن ومتخماً بالتفاصيل وأكثر ثراءً، مع الوقت مهما تضخمت الفكرة أو المعلومات قد تصل لحد ليس فى الإمكان أبدع مما كان كما يقال، هناك ثقافات مختلفة وهذا قد يُحدث التكامل وأننا لسنا أحاديين بل نحن مجتمع ثرى جداً سواء فكرياً أو نفسياً ومجتمعياً ويجعل لدينا مساحة أكبر للإبداع وخروج منتجات أفضل، لكن أن يكون الجميع شبه بعض فكرياً وثقافياً لن تجد لدينا وقتها منتجاً عظيماً بالمستوى الذى نراه.

من دواعى سرورى والنجاح الذى يمكن أن يكون موجوداً فى أى برنامج هو أن يشتغل على ثقافات متنوعة للمصريين، وعندما أعمل على هذه الثقافات لتوصيلها، أقوم هنا بزيادة ترابط النسيج المجتمعى المصرى، كل شخص منا يقدم الموضوع بزوايا مختلفة وبالتالى نكون عرفنا معلومات أكثر عن بعضنا البعض وعن الآخر بالنسبة لنا كمصريين من المحيط إلى أبعد نقطة فى العالم، وبالتالى يبدأ مستوانا الثقافى يرتقى أكثر، ومن ثم هى سلسلة ليست منفصلة ومن عوامل ثرائها التجانس الكبير الموجود فى ثقافات المصريين، والثراء الكبير الموجود فى تنوع أذواق المصريين الثقافية.

- ماذا عن الجديد فى «المساء مع قصواء» الفترة المقبلة؟

البرنامج أكمل عامه الأول على شاشة قناة cbc بشكل وأسلوب ونمط مختلف، بالنسبة لبرنامجنا يبدأ عامه الجديد فى شهر سبتمبر، وسيكون لدينا شكل جديد بتصور أوسع لأنه عندما أخاطب الثقافات المتنوعة يجب أن تكون هناك متابعة لكل ما يتعلق بيومنا ثقافياً وفكرياً ومعرفياً، كذلك هناك تنوع فى الضيوف من مختلف التيارات الفكرية ووجود مساحات إنسانية أكبر، بخلاف أن «فورمات» أو هيكل البرنامج سيتضمن بعض التعديلات ليشمل وجود ترفيه معرفى أكثر من السابق، بجانب المعلومات المصغرة.

وفي الوقت ذاته، بها مساحة عميقة من التحليل والرؤية ويكون دمها خفيف، إن شاء الله أتمنى الشكل الجديد يكون به قبول أكثر من الأول وقاعدة أكبر من المتابعة الجماهيرية لأننا سنكون فى خط «التوك شو» الرئيسى المسائى لمدة 3 أيام فى الأسبوع من الأحد إلى الثلاثاء من الساعة الـ9 إلى 11 مساء، نسبة المشاهدة فى هذا التوقيت يكون عندها اتجاهات أخرى لا بد أن أكون موجودة معها، دائماً ما أعمل على فكرة التأصيل، بمعنى أن أول شخص يتطرق إلى سبب الحدث تاريخياً أو علمياً أو جغرافياً أو على أى مستوى معلومته ستكون الأكثر قبولاً وتداولاً، الخبر سينتشر، ستحدث التغطية، لكن تأصيل المعلومات هو ما سيبقى.

سأكون موجودة فى التوك شو المسائى لكن برونق «المساء مع قصواء»، يا رب يعجب الجمهور، وأوجه التحية لمتابعى المتحدة وقنواتها ومتابعى cbc و«المساء مع قصواء»: شكراً لمتابعتكم، وإن شاء الله الفترة المقبلة، ابتداء من سبتمبر سيكون هناك ما يليق بمتابعة الجمهور، البرنامج مباشر وليس مسجلاً، والإعادة ستكون فى اليوم التالى صباحاً من الساعة 8 لـ10 صباحاً سنكون معكم صباحاً ومساءً.

- كيف وصلتِ إلى التوليفة من الجمع بين اللغة العربية الفصحى والعامية البسيطة؟

أرجع هنا إلى المكون الثقافى أو المعرفى الذى يكون موجوداً لديك أصلاً، بجانب عشقى للغة العربية والشعر، بخلاف وأنا طفلة صغيرة كنت أقدم الإذاعة المدرسية، دى حاجة أول مرة أقولها يعنى ده سر، وزمان فى الإذاعة المدرسية كان يجب أن تكون مخارج الألفاظ منضبطة، وإزاى توصل بصوتك لكل من يسمعك، ولو أخطأت كانت البنات ممكن تضحك باعتبار إنى كنت فى مدرسة بنات فقط، طول الوقت تكون منتبه لذلك، بجانب الأسرة.

والدى الله يرحمه كان محباً للغة العربية، كان يقرأ معى وأنهيت بصحبته موسوعات، وهذا الأمر كان مؤثراً جداً بالنسبة لى، وكبرت وأنا أجيد نطق مخارج ألفاظ اللغة العربية، مع دخول عالم الإعلام والعمل بدأ الموضوع يُصقل تلقائياً، بجانب المذاكرة طول الوقت، القامات التى التقيت بها فى البرنامج بلغت من العلم والفكر ما بلغت وما زالوا فى عالم المذاكرة حتى اللحظة، كل هذه التفاصيل أتعلم منها طيلة الوقت، أنا من أبناء مدرسة المذاكرة حتى الرمق الأخير «طالما قادر تتعلم يبقى اتعلم»، كثرة المذاكرة مع كثرة المتابعة عالمياً ومحلياً ودولياً، بجانب القراءة والكتابة ووجود مساحة معرفية، مع الوقت ربنا يبارك لأنها مش بالشطارة بس، وبعد ذلك تجد نفسك بارزاً ومتفرداً فيما تقدمه وهو ما حدث معى.

- هل صحيح أن من يملك صوتاً مميزاً يكون قادراً على الغناء؟

تضحك: لأ دى إشاعة مغرضة، عندى آه مساحة صوتية فى الغناء لطيفة لكن «على قدى» خلال الدندنة فى إطار الأصدقاء والأسرة، لكن لا أستطيع المجاهرة بها على الملأ.

- وماذا عن الروتين ليومك؟

الاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم طقس لم أتوقف عنه منذ أدركته وأنا صغيرة فى مرسى مطروح، وانتقالاً لأماكن كثيرة مع والدى، كانت تصاحبنا هذه الإذاعة، وهذا طقس جزى الله والدى عنه كل خير «لحد النهارده بستفتح اليوم به». بقية اليوم بحب الاستماع إلى الست أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب الذى أعتبره من أعظم المجددين فى عالم الموسيقى الشرقية والعربية والمصرية، ولديه وقار فى الصوت لدرجة المهابة، وموسيقاه تجبرك على الانتقال لعوالم أخرى، وعاشقة لصوت محمد فوزى وإبداعه الموسيقى، من أوائل من قدم الغناء بشكل خفيف وحلو وعميق جداً ومصرى وملهم بشكل كبير، وبحب الاستماع إلى عبدالحليم حافظ وفيروز فى المساء، أستمع إلى ما يناسب راحتى النفسية وقتها، لأن الغناء فى النهاية يتعلق بارتياح النفس ولا يتعلق بحالة بعينها.

منحنى أبى اسماً عظيماً ونشأتى البدوية فى «مرسى مطروح» ألهمت شخصيتى وثرائى المعرفى 

- وماذا عن النشأة ودلالة اسم «قصواء»؟

الاسم اختيار والدى، وأسماء أشقائى تبدو فريدة نوعاً ما، لأنه كان قارئاً موسوعياً وهو أعظم شخصية قابلتها فى حياتى فى القراءة والاطلاع والرغبة فى التعلم وتعليم الآخرين ولديه طقوس عظيمة جداً، ممتنة لأبى الله يرحمه، واختار لى اسم ناقة الرسول عليه الصلاة والسلام، كان اسمها القصواء وهى المأمورة بأمر الله سبحانه وتعالى، وله تفسيرات كثيرة لغوياً، وهى المقصاة من الأعمال غير المحببة أو شىء من هذا القبيل، وعائلة الخلالى عائلة كبيرة أتباهى بها وأصولنا نعرفها جيداً، وأهالينا زمان كانوا يهتمون بموضوع النسب ومعرفة الجذور، ويبحثون عن أسماء العائلة فى الكتب، الحمد لله منحنى أبى اسماً عظيماً ونسباً أفتخر به وسعيدة به.

وفيما يخص الثقافة والمعرفة تشكلت من الأسرة كبداية، وفى المدرسة كان لدىّ مدرسون عظماء، وعلى أعلى قدر من القراءة والمعرفة، ودائماً ما كانوا يفتحون أمامنا أبواباً للمناقشات، والدى موسوعة ثقافية لديه مكتبة ضخمة بها كتب وكانت حولى فى كل مكان، وبسبب ذلك لم تكن الكتب الدراسية والمذاكرة مزعجة، لأن أنا أحب دائماً فكرة الكتاب، وأعشق الورق لأن له روحاً مختلفة.

- عشقك للإبداع له علاقة بنشأتك فى مرسى مطروح وفى أسرة بدوية؟

المحيط الذى نعيش فيه هو الذى يفرض علينا الأمر، عندما يكون «دوشة وزحمة» ممكن يولد حالة، بعكس ما يكون المحيط «رايق وهادى» يولد حالة مختلفة تماماً، وأنا بنت الهدوء و«الروقان الكبير» وناس قلوبها حلوة، ومساحتها الإنسانية جميلة، بخلاف التقاليد واحترام الصغير والكبير، كذلك مرسى مطروح بلد نقية جداً وممتعة جداً، بلد بِكر لم تُستهلك من البشر بالشكل الذى قد يجعلها تتغير، وذلك أثّر فى طريقة تفكيرى، إلى جانب أن الصحراء معلمة وصانعة لشخصيات قوية جداً وفارقة جداً، البيئة الصحراوية تجعل الناس أشد وقدرتهم على التحمل كبيرة، المكان كان معلماً وملهماً ومصححاً للشخصية فى مقامات كثيرة.

الإشادة

طول الوقت تشعرين بأنك قدمتِ شيئاً جيداً، ولكن هناك خوف من عدم تقديم الأفضل، وبالتالى طول الوقت تبحثين وتسعين للأفضل من أجل جمهورك وإسعاده، ومع كل إشادة والكلمات الطيبة فى حقى تجعلنى أشعر بالقلق من القادم وما الذى سأقدمه بعد ذلك، وبالتالى هى لا تضفى علىّ طمأنة بل مزيداً من القلق وفى نفس الوقت هى رسائل مبهجة «جبر خاطر وطبطبة على قلبى» ومسئولية مضاعفة بضرورة أن أكون على نفس قدر هذه الإشادات. 

طبقة صوت مميزة 

من وأنا صغيرة يقال لى إن صوتك مميز، وعلى كل المستويات من أول صديقاتى فى المدرسة وعائلتى والجيران وجدتى ووالدى رحمهما الله، ووصولاً إلى المساحات الأوسع، لو فى مكان ما وتحدثت أبدأ أشعر أن الناس ينتبهون إلى صوتى، وأجد تعليقات تشيد بنبرة الصوت، وبعد ما دخلت المجال المسموع فى الراديو، قيل لى صوتك حلو، ووصولاً إلى التليفزيون أجد تعليقات إيجابية من الناس طول الوقت ومحبتهم لصوتى، لكن ذلك لا يمنع أنها أذواق فى النهاية، هناك من يعجب بنبرة صوت ما، وآخر قد يرى أن هذا الصوت غير مريح له، لأن الأذن تعشق، وهناك من سمعوا صوتى فى الراديو وأحبونى قبل رؤيتهم لى «ده مش شطارة منى لكن من نعم ربنا».

الصوت أيضاً يحتاج للشغل عليه بشكل جيد، تمرينات لطبقات الصوت، ولكل مقام مقال، وطبقة صوت تخاطب بها حسب المستوى الخطابى الذى تتحدث من خلاله «لا تشعر به بحكم الخبرة والوقت». 

تاريخ الخبر: 2022-09-09 00:20:30
المصدر: الوطن - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

السكوري: المغرب قطع أشواطا هامة في مسار بناء الدولة الاجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:26:02
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

الحسم في بيرنابيو.. التعادل يحسم ذهاب ريال مدريد وبايرن ميونخ

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

الحسم في بيرنابيو.. التعادل يحسم ذهاب ريال مدريد وبايرن ميونخ

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:26:04
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

السكوري: المغرب قطع أشواطا هامة في مسار بناء الدولة الاجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:25:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية