العمل قبل الجدل.. حصيلةٌ وفلسفة تتشبث بها حكومة أخنوش


الدار/ تحليل

عندما يكون العمل الحكومي موجها حقيقة نحو الإنجاز والتنفيذ وتفعيل البرامج والمشاريع فإن النقاشات السياسوية الجانبية تصبح آخر هموم قيادتها وأعضائها. هذا ما أكده رئيس الحكومة عزيز أخنوش في كلمته الافتتاحية التي ألقاها يوم الجمعة بأكادير وهو يصف حكومته بأنها “حكومة عمل وليست حكومة جدل”، ليوضح للمشاركين في أشغال الجامعة الصيفية للشبيبة التجمعية ومن خلالهم لكامل الرأي العام أن العمل التنفيذي يعرف منذ تنصيب هذه الحكومة تحولا كبيرا يحتل فيه الأداء والفعل مكانة أعلى من البوليميك والقول. والذين كانوا في بداية عمل هذه الحكومة يتحدثون عمّا سمّوه حينها “ضعف التواصل الحكومي” يدركون اليوم أن الهوية التي تميز هذه الولاية هي الانكباب على معالجة الملفات الساخنة بدلا من إضاعة الوقت في مناقشتها.

تستمد حكومة عزيز أخنوش هويتها التنفيذية الخاصة من مرجعية حزب التجمع الوطني للأحرار الذي عُرف دائما بأنه حزب المبادرات والأعمال وروح المقاولة، وهي قيم تنعكس دائما على خطّه السياسي الذي ينزاح تماما عن المعارك والنقاشات الفارغة، ولا ينشغل بتاتا بالتراشق الكلامي والتنابز أمام كاميرات التلفزيون لتسجيل بعض أشكال “البوز” أو تخليد بعض العبارات مثلما كان الأمر يحدث مع قيادات في الحكومتين السابقتين. ومن المهم جدا الوقوف عند أهمية هذا الأمر الذي يعتبر من جهة أولى عاملا مساعدا في ربح الوقت وتفادي المعارك الداخلية التي قد تؤدي إلى التأخر في بلورة بعض المشاريع القانونية أو اتخاذ قرارات تنفيذية مهمة. على سبيل المثال لقد نجحت حكومة عزيز أخنوش وفي ظرف زمني قياسي في إخراج مشروع القانون القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية إلى حيز الوجود بما يمثله من أهمية بالغة في مشروع كبير تسير فيه الحكومة قُدما ويتعلق بورش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.

يمكن في هذا الإطار القياس على الجدل الذي شهدته حكومة عبد الإله بنكيران عندما تم إقرار الصندوق الخاص بتنمية العالم القروي ومنح صلاحية الإشراف عليه لوزارة الفلاحة حينها، وما ضاع من زمن من رصيد الحكومة وإداراتها في النقاشات الفارغة حول الصلاحيات القانونية والدستورية الخاصة برئيس الحكومة. لقد أدى هذا الجدل العقيم حينها والذي تحوّل إلى ما يشبه الأزمة الداخلية في الحكومة إلى تأخير خروج هذا الصندوق ومشاريعه إلى حيز التنفيذ، وبدلا من أن توجّه الجهود نحو التفعيل المباشر للمشاريع التي ستمولها هذه الآلية غير المسبوقة تم إهدار الكثير من الوقت بشكل مسّ بالانسجام الحكومي وطعن في تماسك الحكومة، وفاقم الخلافات التي كانت سائدة داخلها.

من هنا تأتي أهمية تركيز رئيس الحكومة عزيز أخنوش اليوم على هذا المبدأ القائم على “العمل قبل الجدل”. إنه ليس مجرد شعار أو غاية، بل هو فلسفة من ثوابت هذه الحكومة، التي لا تريد أن تخسرها، حتى وإن حاولت بعض القراءات السياسية والإعلامية النبش في هوامش لا قيمة لها من أجل اختلاق لحظات جدل وبوليميك. لقد اعتاد المشهد السياسي والإعلامي خلال السنوات المنصرمة، وبالضبط خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين، على تحويل شكليات وتفاصيل جزئية من العمل الحكومي والبرلماني إلى “قضايا جوهرية” تساهم شبكات التواصل الاجتماعي ومنافذ الإعلام الجديدة في تضخيمها بشكل يخلق نوعا من التمويه والتضليل حول القضايا الجوهرية الحقيقية التي ينبغي الاهتمام بها. لقد كنا نتابع جميعا كيف يتحول تصريح من تصريحات رئيس الحكومة السابقة أو أحد وزرائه أو برلماني من البرلمانيين إلى موضوع الساعة الذي يحتل الواجهة ويغطي على كل الملفات الهامة التي ينبغي الانكباب عليها.

لأجل ذلك فإن حكومة عزيز أخنوش لها الفضل الكبير في الظرفية السياسية الحالية في صنع مسار جديد مختلف للعمل الحكومي، ينطلق من تقييم جيد للتجارب السابقة ويؤسس لشكل جديد من أشكال التواصل الفعّال والناجع الذي لا يرتهن للشعبوية المجانية ولا يبحث عن جبر الخواطر بعيدا عن المنطق التنفيذي والدستوري الذي ينظم العمل الحكومي ويوضح اختصاصاته وصلاحياته. إن اختصاصات الحكومة وصلاحياتها لا تتمثل في تأليب فئة من المجتمع ضد أخرى أو استقطاب ولاء جهة ضد جهة أخرى، وإنما هي العمل الدائم على الإنجاز لخلق التماسك والسلم الاجتماعيين المنشودين. ومن الواضح أن حكومة عزيز أخنوش ليست مستعدة بتاتا للتخلّي عن هذه الفلسفة التنفيذية التي تؤتي أكلها وفي زمن قياسي بما تحقّقه من تقدم على مستوى تنفيذ البرامج والمشاريع الاجتماعية والاقتصادية.

تاريخ الخبر: 2022-09-10 18:24:08
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

“المنياوي” مساعدا لرئيس حزب مصر المستقبل

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-26 09:21:42
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

كيف تكون شخصيتك مفتاح نجاحك أو فشلك في سوق الأسهم؟

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-26 09:24:20
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 45%

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-26 09:21:47
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

من قراءات اليوم الخامس من الأسبوع السابع من الصوم الكبير

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-26 09:21:44
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية