صخرة الصلاة التي انطبعت عليها راحة يد الإنسان منذ خمسة آلاف سنة!!
صخرة الصلاة التي انطبعت عليها راحة يد الإنسان منذ خمسة آلاف سنة!!
منذ مائة عام, عثر علي حجر من الجرانيت في جنوب داكوتا بالولايات المتحدة, وقد طبعت عليه عدة أياد بشرية ولم يهتم به إنسان في ذلك الوقت حتي تنبه إليه خيرا علماء الآثار وهم يبحثون الآن في سره, وهل يمثل حضارة من الحضارات الإنسانية التي اندثرت من قديم الزمان؟
**
احتدم نقاش العلماء طويلا حول حجر بني اللون من الجرانيت, عثر عليه في جبال البراري فوق قمة جبلية تعرف باسم قمة الريح. ويزن الحجر حوالي 1870 رطلا, ولكن أحدا لا يعرف شيئا عن النقوش المرسومة عليه وتمثل أيادي بشرية. وأطلق عليه حجر الصلاة, وحددت معالمه علي أنه قديم, كان الهنود الحمر يحتفظون به لسبب من الأسباب.
.. والغريب أن رسم الأيادي البشرية عليه يوحي لمن يشاهده أن راحة الإنسان وضعت عليه وقد انبسط أصبع الإبهام عليه بعناية بطريقة تدعو إلي أن أصحابها كانوا يتوسلون ويتضرعون إلي قوة خفية أن تمنحهم شيئا أو تمنع عنهم كوارث وأخطارا.
وعلي يسار الحجر تري قرص الشمس, يرسل أشعته الحارقة فتقع علي ساق شيء يشبه الطائر الكبير وعلي جانبي قرص الشمس توجد علامتان صغيرتان يصعب قراءتهما. والقرص يبدو مثل قرص الشمس, ويجعل ظل الشمس عند الغروب يمثل المنقلب الصيفي (21 يونية) والمنقلب الشتائي (22 ديسمبر), أما زمن الاعتدال الشمسي وثلاثة تواريخ أخري فلم يعرف العلماء أي معني لها..
وعلي يسار قرص الشمس يوجد صليب مع أعمدة رأسية متشابكة في قاعدة علي هيئة شوكة. وهذه الخطوط المتشابكة تشبه إلي حد بعيد الرقم 9, عند الصينيين, وظلت هذه النقوش مصدر اختلاف بين العلماء, حتي استطاع أحد الطلبة المتخصصين في دراسة صخور الهنود أن يعلن أنها من أصل صيني وعمرها لا يقل عن 4500 سنة, وقد وافقه علي ذلك عدد من علماء الآثار الذين عثروا علي آثار حضارية ترابية عبر القارة الأمريكية من الساحل الغربي. وعلي الأخص الآثار الترابية القديمة التي عثر عليها في مدينة بآلاسكا.
فقد كشفت هذه المدينة عن آثار حضارية آسيوية قديمة, وكان مضيق بارنج الطريق المنطقي الصحيح الذي سلكه المهاجرون الآسيويون وقبائلهم. ثم ظهر عالم آخر عرض نظرية جديدة عن هذه الصخور الكبيرة, فقد قال إنها تمثل صورة حية لرجال ما قبل التاريخ الهنود ولكنه لم يعط رأيا فيما يختص بالصليب أو الخطوط المتشابكة الواضحة أو المنقوشة بوضوح علي الصخرة..
وبالبحث والاستقصاء, اتضح للعلماء أن صخرة الصلاة وقمة العواصف أو الرياح قد تكشفان عن حضارة قديمة ازدهرت في عصر من العصور. فالرابية الترابية التي عثر عندها علي الصخرة الضخمة لابد أنها كانت مركزا لحكومة دينية. وكانت بعض المجتمعات القديمة تختار أعلي الأماكن لممارسة الطقوس الدينية, وكانت الرابية الترابية مركزا لهذا النشاط, كما كان الحجر يؤكد وجود مركز ديني مهم.
ويقبي سؤال: هل كان سكان هذه البقاع من الصينيين أو الهنود؟ إن الزمن كفيل بالرد علي هذا السؤال, ومن الممكن القول بأن سكان جنوب شرقي شمال داكوتا وشمال شرقي جنوب داكوتا, ربما كانوا جالسين فوق حضارة قديمة ذات شأن عظيم, وبفحص الحضارات القديمة التي ازدهرت في المرتفعات اتضح أن سكانها كانت لهم لغة مكتوبة, وأنهم بنوا مدنهم بطرق معقدة, وفهموا قواعد الرياضة والحساب والهندسة. وحفظوا سجلات احتوت علي أرقام وإحصائيات دقيقة. وقد لفت هذا الحجر أنظار علماء الآثار منذ عهد طويل فبدأوا ينقبون عن الحضارات القديمة, وفي عام 1926 عثروا علي بعض أحجار مهمة. ويقال إن رجال (السيوكس) جابوا هذه القفار قبل أن يطأها الرجل الأبيض, ولكن توجد هناك هوة سحيقة بين الرجلين مدتها 4500سنة, وأن الفولكلور الشعبي لهذه الشعوب لا تشرح بإسهاب سر هذا الحجر الرمزي. وكل ما تقوله هذه الأساطير أو القصص الشعبية أن الرابية الترابية كانت رمزا أو مكانا مقدسا في سالف الزمان, وقد استطاع العلماء أن يترجموا وثيقة تركها رجال (السيوكس) في عام 1719 وتمت الترجمة في مدينة باريس ووصفت الوثيقة أرض ثاندربيرد, التي تبعد بنحو ثلاثين ميلا شمال غربي بحيرة الصخرة الكبيرة في متيسونا علي حدود جنوب داكوتا وظلت أظورة أرض ثاندربيرد أو طائر الرعد تحتل مكانة مرموقة في الأساطير القديمة, ويقال إنها انبثقت من مكان الرابية الترابية التي ازدهرت فيها حضارة, توازي حضارة وادي النيل. ويقال إن رؤساء قبائل السيوكس كانوا يحجون إلي هذه الصخرة التي كان يعيش عليها طائر الرعد الذي كان يرمز إلي قوة آلهتهم علي الأرض.
وكان زعيم القبيلة يركع أمام الصخرة الكبيرة ويصلي من الفجر حتي حلول المساء ويضغط بيديه علي الصخرة. فانطبعت راحة كفه عليها ومن المحتمل أن الزعيم كان يصلي من أجل هطول المطر, أو من أجل نصرة الجيش في معركة من المعارك مع الأعداء. أو لكي يشفي الإله رجال قبيلته من وباء أو مرض ألم بهم وعند حلول المساء أو غروب الشمس يكون الزعيم قد خارت قواه فينهض بعد أن تكون راحة يده قد انطبعت علي الحجر.. وجاء بعد ذلك زعماء القبائل الأخري إلي الصخرة وأقاموا شعائر الصلاة وقد وضع كل منهم يده عليها وعلي الرموز التي تركها غيرهم من قبلهم.
وقد نقلت صخرة الصلاة إلي متحف أثري مهم في المنطقة التي وجدت فيها لحفظها هناك ولإجراء دراسات عليها.