ارتفعت أسعار النفط الخام أكثر من 2 في المائة خلال تعاملات أمس، وذلك بدعم من تراجع المخزونات في احتياطيات الطوارئ الأمريكية لأدنى مستوى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1984، وعلى الرغم من تزايد احتمالات التشديد النقدي الأمريكي بعد بيانات عن التضخم مخيبة للآمال.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزون النفط الخام في الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة هبط بمقدار 8.4 مليون برميل على مدار الأسبوع الماضي إلى 434.06 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 1984.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون إن أسعار النفط مستمرة في صعودها الذي سجلته عقب تقرير "أوبك" الشهري الإثنين، الذي توقع نموا قويا في الطلب يبلغ 3.1 مليون برميل يوميا في العام الجاري و2.7 مليون برميل يوميا أخرى في 2023 مدعوما بالأداء الاقتصادي الثابت في عديد من الدول وتبديل المواد الأولية في توليد الطاقة.
وفى هذا الإطار، قال الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إنه يتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة في إعادة تعبئة احتياطيها النفطي الطارئ عندما تنخفض أسعار النفط الخام، وسط حالة من التركيز على حماية نمو إنتاج النفط الأمريكي، مشيرا إلى أن واشنطن قررت في مارس الماضي الإفراج عن 180 مليون برميل من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي مع الاتجاه حاليا إلى إبطاء الإصدارات لإبقاء السوق تحت السيطرة قبل حلول فصل الشتاء.
من جانبه، يرى جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، أن تكلفة الغاز الطبيعي الباهظة تمهد الطريق نحو مزيد من التحول العالمي من الغاز إلى النفط في صناعة توليد الطاقة، مشيرا إلى أن المصافي والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تضيف بالفعل نحو 350 ألف برميل يوميا من الطلب المتزايد على النفط.
ونقل عن بيانات صادرة عن "بلاتس اناليتكس" تأكيدها أنه يمكن أن يؤدي مزيد من تبديل الوقود إلى زيادة الطلب على النفط بمقدار 300 ألف برميل أخرى يوميا في الربع الأول من 2023، حيث من المتوقع أن تصل أسعار الغاز إلى ذروتها وسط تقلص الإمدادات الروسية.
من ناحيته، أكد أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، أن معظم شركات توليد الطاقة تتجنب في الفترة الحالية استخدام الغاز كلما أمكن ذلك وهو ما يعني مزيدا من الخطوات المتسارعة في إحلال النفط الخام كبديل عن الغاز الطبيعي في توليد الطاقة.
ونوه إلى أن ارتفاع أسعار النفط جاء رغم تزايد مخاطر التضخم، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة 0.1 في المائة على أساس شهري في أغسطس وهو ما يدفع في اتجاه رفع الفائدة الأمريكية مجددا خلال الاجتماع المرتقب للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع المقبل.
بدوره، أوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، أن تقلبات الأسعار مستمرة، لكن لا يزال من المفترض أن تظل المعنويات الصاعدة في السوق قائمة.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت العقود الآجلة للنفط أكثر من 2 في المائة، لتصل أسعار برنت إلى 95.19 دولار للبرميل والخام الأمريكي إلى 89.45 دولار.
واستهلت الجلسة على فجوة سعرية صاعدة محدودة، حيث جاء الإغلاق السابق عند 93.17 دولار للبرميل، ومن المتوقع أن يصل سعر خام برنت إلى أعلى مستوى له عند 95.53 دولار للبرميل، فيما يصل إلى أدنى مستوى له عند 91.05 دولار للبرميل.
كما تلقت الأسعار بعض الدعم من تأكيد "أوبك" استمرار توقعاتها بشأن نمو الطلب العالمي على النفط في 2022 و2023، مستشهدة بإشارات على أن الاقتصادات الرئيسة تؤدي بصورة أفضل من المتوقع على الرغم من الظروف المعاكسة مثل ارتفاع التضخم.
وقالت "أوبك" في تقرير شهري إن الطلب على النفط سيزيد 3.1 مليون برميل يوميا في 2022 و2.7 مليون برميل يوميا في 2023 دون تغيير في توقعاتها عن الشهر الماضي.
وبالعودة إلى المخزونات في احتياطيات الطوارئ الأمريكية، فمن المنتظر أن ينتهي برنامج إطلاق الخام من احتياطيات الطوارئ إلى المخزونات التجارية في أكتوبر المقبل.
في السياق ذاته، أظهرت بيانات من الوكالة الحكومية أن صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام ارتفعت 40 في المائة على مدار الأسابيع الأربعة الماضية مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي.
وبلغ متوسط صادرات المنتجات البترولية الأمريكية على مدار الأسابيع الأربعة 6.4 مليون برميل يوميا، بزيادة قدرها 26 في المائة عن الفترة نفسها قبل عام.
وأشارت البيانات إلى أن المعروض من المنتجات النفطية من شركات التكرير، وهو مؤشر للطلب، بلغ 19.7 مليون برميل يوميا على مدار الأسابيع الأربعة الماضية بانخفاض قدره 7 في المائة عن الفترة نفسها العام الماضي.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولو مجلس الفيدرالي الثلاثاء والأربعاء المقبلين في ظل بقاء التضخم بعيدا عن معدله المستهدف والبالغ 2 في المائة.