نعى الناعي صباح اليوم الأحد، السيدة بثينة محمد نصر، رفيقة درب الفنان السوداني مصطفى سيد أحمد التي وافتها المنية بدولة كندا.
التغيير: عبدالله برير
توفيت “بثينة” أثناء عملية جراحية لإزالة حصوة بمشفى “جورافنيسكي” بمقر إقامتها بمدينة هاميلتون.
وتزوجت “بثينة” من مصطفى سيد أحمد، وانجبت منه كلا من سامر وسيد أحمد، وتنقلت بعدة بلدان قبل أن يستقر بها المقام في كندا في محطتها الأخيرة.
تواصل عابر
بدأت علاقة “بثينة ومصطفى” في شكل تواصل عابر بين معجبة وفنان، إذ كانت حريصة على سماع كل جديد من مطرب جديد وقتذاك شغل الناس بغنائه المختلف ومشروعه المغاير.
جسر التواصل بين الفنان والمعجبة كان جهاز التلفون الأرضي، لتمتد العلاقة شيئا فشيئا وتتطور لقصة غرامية.
وفي هذا الخصوص قالت الراحلة في لقاء صحفي معها: “شقيقاتي وصديقاتي استغربن من استماعي الدائم لأشرطة مصطفى التي أسمينها (المقرر) لشدة تعلقي بها”.
وتضيف: “لم اكن استمع إلى أي فنان خلافه على الإطلاق، فصوته القوي كان يأسرني وكذلك إنسانيته”.
مكانة خاصة
واختص “مصطفى” معجبته بمكانة مختلفة، حيث كان يهديها أولاً بأول أعماله الجديدة، على شاكلة” الحزن النبيل” و” ياسر مكتوم” اللتين وهبها نسخة منهما قبل سفرها إلى العاصمة القطرية الدوحة، لتتم الخطبة بعد 3 سنوات من التعارف.
تقول “بثينة” في هذا الصدد: “بعد اتمام مراسم خطوبتنا أصر مصطفى على أن أزور مسقط رأسه قرية ود سلفاب بولاية الجزيرة وسط السودان للتعرف على اهله”.
وقال” مصطفى” على لسان “بثينة”: “لازم تمشي معاي عشان تعرفي المنطقة الاتولدت فيها”.
وبالفعل زارت “بثينة” قرية “ود سلفاب” تلبية لدعوة زواج قدمتها لها الراحلة مريم شقيقة مصطفى وأعجبت بثينة بالقرية وإنسانها الطيب الودود والعلائق المتينة بين أهليها.
عقدت “بثينة” قرانها على مصطفى في العام 1985، لتكمل مراسم الزواج بعد عام واحد.
ويومها قالت “بثينة”: “كتب على بطاقات زواجنا إحدى أغنيات مصطفى (جلبت ليك الغيم رحط/ طرزت ليك النيل زفاف/ حرقت ليك الشوق بخور وفرشت ليك الريد لحاف).
تحكي” بثينة” عن علاقتها بأعمال زوجها الفنية، مشيرة إلى أن الراحل كان يستشيرها في كل لحن جديد ويأخذ برأيها في التعديل بالحذف أو الإضافة على مستوى الكلمات والموسيقى، وأنه كان حرصا على أن تكون بجانبه لحظات التلحين.
غربة وترحال
غادرت بثينة محمد نصر، إلى العاصمة الروسية موسكو في العام 1989 لمتابعة علاج زوجها، ومكثت هناك 6 أشهر وعادت لمصر واستقرت في مدينة الإسكندرية رفقة نجليها بعد أن اطمأنت على الحالة الصحية لمصطفى الذي أجريت له عملية زراعة كلية وقتذاك.
من محطة القاهرة سافرت بثينة للدوحة للقاء “مصطفى” لتقيم بقطر لمدة نصف عام في 1993، لتعود لمدينة الاسكندرية هذه المرة.
أكثر ما كانت تذكره بثينة نصر، أن الراحل مصطفى قال لها: “يا بثينة أنا عارف أنك تعبت معاي والأولاد كمان أتعبوك لكن اصبري الحمد لله المسائل والأمور كلها هانت وإن شاء الله عما قريب نتلم”.
وتضيف على لسانه: “يا بثينة بعدنا من بعض أقسى من أي وضع صحي أنا بمر بيه”.
متقدة البصيرة
السيدة “بثينة” كفيفة البصر لكنها كما وصفها محبوها (متقدة البصر)، كانت لا تمل من إكرام ضيوفها، وضيوف زوجها الفنان، لا سيما في القاهرة حيث كانت تقف طوال اليوم في المطبخ على رجليها لتلبية طلبات السودانيين من الوجبات المحلية.
وفي هذا الخصوص يقول عازف الأورغ في فرقة مصطفى سيد أحمد بالدوحة، ياسر قصاص، في حوار مع (التغيير) يُنشر لاحقاً على حلقات: “حينما كنت أساعدها في المطبخ كنت أجد يديها وقد بدا عليهما أثر الحروق والتسلخات، ذلك لأنها كانت كفيفة ومع ذلك تصر على إعداد أشهى الأطباق للضيوف مع التعرض للسعات النار وحرارة الفرن.
مطر الحزن عاود هطل
واحتشدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بتعداد مأثر الراحلة حيث كتب عازف الإيقاع بفرقة مصطفى بقطر، عبدالمنعم الفكي: “ربنا يصبر سامر وسيد أحمد وجميع أسرة ود سلفاب على هذا الفقد الجلل وجميع محبي مصطفى سيد أحمد”.
(مطر الحزن عاود هطل جدد عذاب الأرصفة)، على محبي (أبو السيد) برحيل “بثينة” بعد 26 عاما على وفاة زوجها.
انتقلت (السمحة قالوا مرحلة) لتلحق بمصطفى في الضفة الأخرى تاركة لعشاقها ومحبي زوجها (غناوي الحسرة والاسف الطويل).
