موسيقية الألحان القبطية (٤٠)


عزيزي القارئ، تحدثت معك في الثلاثة مقالات السابقة عن ما فعلته الكنيسة القبطية لكي يتنوع ربيرتوار الألحان القبطية في كل طقس من طقوسها الليتورجية. واليوم سوف أتحدث معك عن موضوع أثار لغطاً وجدلاً في الأوساط الموسيقية. فهل تخضع الألحان القبطية للضبط الآلي، أم أنها تغنى فقط بالحنجرة ولا تستطيع الآلات الموسيقية أن تضبط نغماتها ومقاماتها؟

أن التقليد ألزم باستخدام الناقوس والمثلث فقط في الليتورجيا ولكن ليس هذايعنى أن الألحان لا تخضع للضبط الآلي. فبالرغم من أن الموسيقار العالمي نيولاند سمث كتب: ” أن مصدر التأليف ليس موسيقى آلي وأن الملحن في تأليفه للحن القبطي كان لا يرتبط بأصول وأوزان وقواعد موسيقية بل كان مرتبطاً بمعنى، وأن الألحان القبطية تتميز عن جميع ألحان الكنائس الأخرى في العالم بعدم خضوعها للضبط الموسيقى الآلي”.[1] إلا أن أحد الباحثين فسر مقولة “سميث” بأنه أجنبي ولا يعرف المقامات القبطية، وأنه لايستطيع أن يعزف على البيانو مقاماً مثل الصبا أو الهزام أو البياتى أو الجهاركاه أو الراست، أو غيرها من هذه المقامات المصرية، بينما آلاف من العازفين يجيدون عزف هذه المقامات وهذه الألحان القبطية على آلات العود والناي والكمان والشيلو والقانون كل يوم مطابقة لما يتم إنشاده في الليتورجيا. فالألحان القبطية وضعت من المقامات المصرية الأصلية والتي استخدمتها فيما بعد الموسيقى العربية وأعطتها أسماء تركية وفارسية وعربية مثل الجهاركاه والسيكاه والنهاوند والعجم والهزام والحجاز … ألخ، وجميع هذه المقامات الموسيقية تم توقيعها على الآلات الموسيقية إذ صاغ منها معظم الملحنين من خارج الكنيسة، مؤلفاتهم الغنائية والآلية. وتوجد تسجيلات للعديد من الفرق أمثال “فرقة دافيد” لبعض هذه الألحان بمصاحبة هذه الآلات الموسيقية منتشرة في المواقع الألكترونية الخاصة بها.

خاتمة لسلسلة مقالات “موسيقية الألحان القبطية”:

الألحان القبطية بالرغم من أنها موسيقى عبادية هدفها روحاني بحت، إلا أنها متقنة بحرفية موسيقية تعبر عن براعة مؤلفيها الذين بالرغم من أنهم أنكروا ذواتهم فلم يُعرف بعد من صاغ معظم هذا التراث، إلا أنهم تركوا للموسيقيين العالميين ذخيرة موسيقية علمية تحرك خيالهم البحثي في كل مجالات الموسيقى، حتى ياتي وقت حين تحذوا جامعات العالم حذو جامعة حلوان في تدريس هذا التراث الموسيقي العظيم ضمن المناهج الدراسية لكليات التربية الموسيقية ومعاهد الكونسيرفتورا وأكاديميات الفنون والجامعات المهتمة بعلوم المصريات والقبطيات والموسيقات الليتورجية.

عزيزي القاريء، على مدى 40 مقال حاولت أن اقد لك الألأحان القبطية في ثوبها العلمي الموسيقي، فجميعنا نعرفها في ثوبها الروحاني، أما ثوبها العلمي الذي وضعه عليها أباؤنا الأولين الملهمين بالروح القدس والممتلئين من كل العلوم الموسيقية واللاهوتية والطقسية، فقد تم إهماله على مدى القرون السابقة، وقد آن الأوان لأن نكسوها بهذا الثوب القشيب. فإلى أن نلتقي في سلسلة جديدة من المقالات، أتركك وسلام الله الذي يفوق كل عقل يملا قلبك. آمين

[1] الأب متى المسكين- مرجع سابق – ص 136

تاريخ الخبر: 2022-09-21 15:22:00
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية