غيبوبة

الغيبوبة (بالإنجليزية: Coma، وتعني باليونانية النوم العميق)‏، هي حالة فقدان وعي عميقة، لا يمكن للفرد خلالها حتى يتفاعل مع البيئة المحيطة به، ولا يمكنه أيضا الاستجابة للمؤثرات الخارجية. تتميز الغيبوبة بفشل عمل نظام التنشيط الشبكي النازلد. الشخص الواقع تحت تأثير الغيبوبة هوإنسان على قيد الحياة، لكنه ليس نائما. موجة نشاط الدماغ لشخص في غيبوبة تختلف كثيرا عن تلك لدى إنسان نائم، تقدر إيقاظ إنسان من النوم، لكن لا تقدر إيقاظ إنسان من حالة غيبوبة.

يمكن للغيبوبة حتى تنجم بسبب السقم، أوبسبب حدوث صدمات للدماغ. عادة لا تستغرق الغيبوبة أكثر من بضعة أسابيع. الكثير من الافراد يستعيدون أدائهم البدني والعقلي بشكل تام عندما يخرجون من الغيبوبة. لكن البعض يحتاج إلى أشكال مختلفة من العلاج لاستعادة القدرة على أداء وظائف معينة بصورة مقبولة. بعض السقمى لا يستعيدون أي شيء بخلاف وظائف الجسم الأساسية والبسيطة.....

في بعض الأحيان، وبعد الغيبوبة، يمكن حتى ينزلق المصاب إلى حالة يطلق عليها حالة إنباتية مستديمة (بالإنجليزية: persistent vegetative state)‏ ؛ المصابون ضمن هذه الحالة هم سقمى فقدوا جميع الوظائف العصبية الإدراكية ولكن أجسامهم بقيت قادرة على التنفس، ويمكن لها (الاجسام) حتى تقوم بحركات عفوية مختلفة. يمكن للجسم حتى يبدوا مستيقظا وطبيعيا، ولكن بسبب فقدان جزء الوظيفة المعهدية من الدماغ، فالجسم يفقد القدرة على الاستجابة للبيئة. هذه الحالة الانباتية قد تستمر لسنوات.

وهناك حالات أخرى، بالإضافة إلى حالة الغيبوبة والإنباتية، تصف مستويات متفاوتة من فقدان الوعي وقدرة الشخص على الاستجابة للمحفزات. تضم هذه حالة الذهول (بالإنجليزية: stupor)‏، وهي حالة الشخص فاقد الوعي ولكنه يستجب للمحفزات المتكررة المنشطة. هنالك أيضا حالة تلبد الاحساس (بالإنجليزية: obtundation)‏ وحالة النوام (بالإنجليزية: lethargy)‏، التي تصف إنسان لم يفقد وعيه تماما ولكنه لا يستجيب للمحفزات. والغيبوبة، وغيرها من حالات عدم الوعي تعتبر حالات طوارئ، ويتوجب اتخاذ إجراءات طبية على وجه السرعة لتجنب اضرارها الدائمة.

العقل البشري

العقل البشري يتكون من ثلاثة أجزاء : المخ، المخيخ وجذع الدماغ.والمخ هوأكبر جزء من الدماغ ويشكل حوالي 85% من إجمالي وزن الدماغ. وهومقسم إلى نصفين، واحد على جميع جانب من الرأس. ضمن المخ تنتج أكثر العمليات العقلية والحسية تعقيدا، مثل الذكاء، والمنطق، والذاكرة، والعواطف، والرؤية، والقدرة على الشعور، الخ. والمخيخ هوجزء صغير ضمن الدماغ ويقع خلف المخ. يلعب دورا أساسيا في التنسيق، والوقوف والتوازن. وجذع الدماغ هوجزء يربط نصفي الكرة الدماغية مع الحبل الشوكي، وهومسؤول عن السيطرة على الكثير من الوظائف البدنية الأساسية، مثل التنفس وضغط الدم والبقاء مستيقظين وفي حالة تأهب.

فقدان الوعي

كما هوالحال في معظم العمليات الذهنية التي تحدث في الدماغ، بيولوجيا الوعي معقدة للغاية وغير مفهومة طبيا بصورة كافية. هناك الكثير من الأنسجة التي تقع في عمق الدماغ التي تلعب دورا في وعي ويقظة الشخص.

يعتقد حتى أحد أبرز العمليات الفيزيولوجية التي تحافظ على الشخص واعيا هوانتنطق عصبي لإشارات كيميائية من جذع الدماغ ال نصفي الكرة الدماغية من المخ. لضمان إدراك الشخص بالبيئة المحيطة، لا بد لهذا الانتنطق العصبي من اعمل بصورة متواصلة. الاصابات الشاذة التي تؤدي إلى بتر الانتنطق يمكن حتى تؤدي بدورها إلى الغيبوبة أوغيرها من حالات فقدان الوعي.

هذه الاصابات التي يمكن حتى تتسبب في حالة غيبوبة تضم إصابة أوتلف خلايا المخ الذي يؤدي إلى تورم (الوذمة) في الدماغ، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة. تزايد الضغط، سواء كان محليا في بقعة معينة أومنتشر ضمن الدماغ كله، سيقلل من تدفق الدم إلى الدماغ ويمكن حتى يؤدي إلى فقدان الوعي.

إصابة أوتلف بعض الخلايا في الدماغ يمكن ن تتسبب في نقل وإزاحة بعض المناطق في الدماغ داخل الجمجمة، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الأنسجة المحيطة الأجهزة الواقع خلف خلايا الدماغ التي تحركت، بما في الأوعية الدموية. يطلق على حالات تحرك أجزاء من الدماغ ضمن الجمجمة اسم انفتاق الدماغ (بالإنجليزية: brain herniation)‏. يمكن لانفتاق الدماغ حتى يؤدي إلى الغيبوبة والوفاة إذا لم يعالج على الفور.

الفيزيولوجيا السقمية

المسلك الظهري والمسلك البطني

التنبه أوالتيقظ هي وظيفة نظام التنشيط الشبكي الصاعد. التيقظ إلى درجة السهاد (بالإنجليزية: wakefulness)‏ هوشرط أساسي للوعي. يتم تمثيل نظام التيقظ هذا تشريحيا ضمن عدد من الأجهزة في سقيقة جذع الدماغ المنقارية (بالإنجليزية: rostral brainstem tegmentum)‏، والدماغ البيني (بالإنجليزية: diencephalon)‏ وقشرة المخ (بالإنجليزية: cerebral cortex)‏. من أبرز هذه الأجهزة هي العصبونات المنتجة للأسيتيل والكولين, ضمن الأنوية المحيطة بالقصبة (بالإنجليزية: peribrachial nuclei)‏، والمتكونة من pedunculopontine tegmental والنوى السقيفية الظهرانية الجانبية (بالإنجليزية: lateral dorsal tegmental nuclei)‏. تقوم هذه بإسقاطات منقارية ضمن ممرين رئيسيين:

مسلك ظهري يتشابك مع النوى المهادية غير المحددة ضمن الخط الناصف، والتي بدورها ترسل أسقاطا غلوتامينيلي (بالإنجليزية: glutaminergic)‏ لمناطق واسعة من قشرة المخ
مسلك بطني الطريق من سقيقة جذع الدماغ المنقارية التي تصل إلى الدماغ المُقَدَّم القاعدي (بالإنجليزية: basal forebrain)‏، وخاصة الوطاء الخلفي (بالإنجليزية: posterior hypothalamus)‏، حيث تقوم محطات محورية بالتأثير على العصبوات التي تنتج مركبات أمينية مثل الهيستامين وغيرها لتنتج في النهاية هرمون الأوركسين (بالإنجليزية: orexin)‏. هذه بدورها تساهم في التيقظ القشري.

وعليه فنظام التنشيط الشبكي الصاعد هونظام معقد ذومسارات مكررة تشارك في التيقظ وإدامة السهاد. يمكن مما تجاوز فهم سبب الانتعاش في نظام التنشيط بعد الغيبوبة الأولية بعد ثلاثة أسابيع (تقريبا) من بداية غيبوبة في معظم السقمى.

إن عملية فقدان الإدراك أثناء النوم، والقابلة للعكس، ترتبط بالتثبيط الديناميكي لأنظمة النواقل العصبية المتعلقة بالتيقظ والمذكورة أعلاه

تقع مراكز النوم بصورة رئيسية في منطقة أَمام التصالبة البصرِية (بالإنجليزية: preoptic)‏ ضمن الوطاء وتستخدم حمض جاما أمينوبوتيريك (بالإنجليزية: gamma-amino butyric acid (GABA))‏، ناقل عصبوني مثبط. الأدينوزين (بالإنجليزية: Adenosine)‏ الأدينوساين (بالإنجليزية: Adenosine)‏،هومعدل عصبي (بالإنجليزية: neuromodulator)‏، وهوأيضا يقوم بتغذية مرتدة لتثبيط نظام التيقظ. من ناحية نظرية يمكن حتى تحدث الغيبوبة عند حصول خلل في التوازن الفيزيولوجِي لصالح مراكز النوم لقاء التيقظ.

مسببات الغيبوبة

الاضطرابات التالية قد تؤدي إلى إحداث غيبوبة (بحد أدنى غيبوبة عابرة):

إصابات الدماغ الهيكلية
اضطرابات التمثيل الغذائي أوالتغذية
ذيفان خارجي (بالإنجليزية: Exogenous toxins)‏
أمراض الجهاز العصبي المركزي (بالإنجليزية: CNS infections)‏ أوإصاباته الإنتانية (بالإنجليزية: septic illness)‏
النوبات (بالإنجليزية: Seizures)‏
مشاكل درجة حرارة الجسم : خفض حرارة الجسم (بالإنجليزية: hypothermia)‏ وفرط الحرارة (بالإنجليزية: hyperthermia)‏
الرضوح (بالإنجليزية: Trauma)‏

من البديهي حتى تتداخل هذه الاصابات مع نظام التنشيط الشبكي الصاعد، إما بالتأثير عليه بشكل مباشر، أوعلى أنظمة مرتبطة إستراتيجيا.

إصابات الدماغ الهيكلية

هي الإصابات التي تدمر أوتضغط مباشرة على أنسجة المخ. لإحداث حالة غيبوبة، يجب حتى تضم هذه الاصابات نظام التنشيط الشبكي الصاعد أوتنتج خلل وظيفي ضمن قشرة المخ. يمكن لإصابة مدمرة واحدة، على سبيل المثال السكتة الإقفارية (بالإنجليزية: ischaemic stroke)‏ والنزف (بالإنجليزية: haemorrhagia)‏ والاصابات التهابية (بالإنجليزية: inflammatry lesions)‏ أوالأورام، عند إصابة نظام التنشيط الشبكي الصاعد، الدماغ البيني، قشرة المخ، أوأي من الأجهزة الموصلة بينهم، يمكن حتى تنتج غيبوبة.

عند حدوث الإصابة، سيقوم نظام التنشيط بإعادة تفعيل ذاته لتنشئ دورة النوم والاستيقاظ في غضون 2-3 أسابيع

رضح دماغي

الرضوح

الغيبوبة يمكن حتى تحدث مباشرة بعد رضح رئيسي الارتجاج، وإصابة المحاور العصبية المنتشر والموت الدماغي

إصابات الدماغ الثانوية يمكن حتى تتسبب في إحداث غيبوبة بعد فترة صحوأوارتجاج معقج. الحالة الصرعية أيضا قد تكون مسؤلة عن غيبوبة متأخرة.

تشخيص تفريقي

الغيبوبة يمكن حتى تتشابه مع متلازمة المنحبس (بالإنجليزية: locked-in syndrome)‏ وعدم الاستجابة النفسي (بالإنجليزية: psychogenic unresponsiveness)‏.

العلاج

يعتمد علاج الأشخاص في حالة غيبوبة على شدة حالة الغيبوبة وسببها. عند الدخول إلى قسم الطوارئ، عادة ما يتم وضع سقمى الغيبوبة في وحدة العناية المركزة (ICU) على الفور، حيث تصبح المحافظة على التنفس والدورة الدموية للمريض أولوية قصوى. يتم الحفاظ على استقرار التنفس والدورة الدموية من خلال استخدام إدخال الأنابيب والتنفس وإدارة السوائل في الوريد أوالدم وغيرها من الرعاية الداعمة حسب الحاجة.

الرعاية المستمرة

بمجرد استقرار المريض وعدم تعرضه لخطر فوري، قد يحدث هناك تحول في الأولوية من تثبيت المريض إلى الحفاظ على حالة صحته الجسدية. يعد نقل السقمى جميع ساعتين إلى ثلاثة ساعات عن طريق ادارتهم من جانب إلى الاخر أمرًا ضروريًا لتجنب تقرحات الفراش نتيجة حصرهم في السرير. يساعد تحريك السقمى من خلال استخدام العلاج الطبيعي أيضًا في منع انخماص العضلات أوالتقلصات أوغيرها من التشوهات العظمية التي قد تتعارض مع تعافي مريض الغيبوبة.

الالتهاب الرئوي رائج أيضًا في سقمى الغيبوبة نظرًا لعدم قدرتهم على البلع مما قد يؤدي إلى الاختناق. نقص التنفس لدى مريض الغيبوبة، واستخدام أنبوب التغذية يمكن حتى يؤدي إلى الطعام أوالشراب أوالمواد العضوية الصلبة الأخرى التي يتم وضعها داخل الجهاز التنفسي السفلي (من القصبة الهوائية إلى الرئتين). هذا الاصطياد للمادة في الجهاز التنفسي السفلي يمكن حتى يؤدي في النهاية إلى الإصابة بالالتهاب الرئوي.

قد يتعامل سقمى الغيبوبة أيضًا مع قلة الراحة أوالنوبات. على هذا النحو، يمكن استعمال مساند القماش الناعمة لمنعها من سحب الأنابيب أوالضمادات، ويجب الحفاظ على القضبان الجانبية على السرير لمنع السقمى من السقوط.

مقدمي الرعاية

الغيبوبة لديها مجموعة واسعة من ردود العمل العاطفية من أفراد اسرة السقمى المتضررين، وكذلك مقدمي الرعاية الصحية الأولية وهم يرعون السقمى. أظهرت الأبحاث حتى شدة الإصابة التي تسبب الغيبوبة لم يكن لها تأثيراً كبيراً مقارنةً بمرور الوقت منذ وقوع الإصابة. ردود العمل الشائعة، مثل اليأس والغضب والإحباط والإنكار ممكنة. يجب حتى ينصب هجريز رعاية السقمى على خلق علاقة ودية مع أفراد الأسرة أومن يعولهم من مريض مصاب بغيبوبة وكذلك إنشاء علاقة مع الطاقم الطبي. على الرغم من حتى هناك أهمية كبيرة لمتلقي الرعاية الأولية، إلا حتى المتقدمين للرعاية الثانوية يمكن حتى يلعبوا دورًا مساندًا لتخفيف عبء المهام التي يتحملها مقدم الرعاية الأولية بشكل مؤقت.

انظر أيضًا

موت دماغي
غيبوبة سكرية
غيبوبة فرط الأسمولية اللاكيتوني

مراجع

^ The Neural Control of Sleep and Waking], The Discovery of the Ascending Reticular Activating System. 1. Springer New York. 2002. ISBN 978-0-387-95536-0.
^ Vincent, S.R. (2000) The ascending reticular activating system - from aminergic neurons to nitric oxide. J Chem Neuroanat 18:23–30 نسخة محفوظةعشرة يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
^ Evans، B.M. (2003) Sleep, consciousness and the spontaneous and evoked electrical activity of the brain. Is there a cortical integrating mechanism? Clin Neurophysiol 33 : 1 – 10. نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
^ Plum، F. and Posner، J.B. (1980) The Diagnosis of Stupor and Coma، 3rd Edition. Philadelphia, PA : F.A. Davis. نسخة محفوظة 06 يوليو2013 على مسقط واي باك مشين.
↑ https://web.archive.org/web/20100627165642/http://medicalcenter.osu.edu/PatientEd/Materials/PDFDocs/dis-cond/general/coma.pdf http://medicalcenter.osu.edu/PatientEd/Materials/PDFDocs/dis-cond/general/coma.pdf
^ https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5650257 https://doi.org/10.7759%2Fcureus.1590 https://www.worldcat.org/issn/2168-8184 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5650257 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/29062622
^ http://www.comacare.com/cgi-bin/giga.cgi?