دول الساحل الأفريقي مركزًا للقواعد الإرهابية .. فريسة حاضنة تهدد الأمن العالمي


الساحل الأفريقي .. يدعي بمنطقة سافانا وهي منطقة شبه قاحلة استوائية، لكنها تحظى بحزام ذا طابع بيئي متجانس تحده الصحراء الكبرى من الجنوب في أفريقيا. ويعتبر في الكثير من الخواص المرحلة الانتقالية من الصحراء الكبرى شمالا إلى المنطقة الأكثر خصوبة جنوبا، تقع بينها دول بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. لكن ذلك الطابع الخاص يتسم ايضا بالفقر وانعدام الأمن والإرهاب والنزوح وتغيّر المناخ، وجميعها تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد والمتشابكة أمام تنمية منطقة الساحل الأفريقي وازدهارها الاقتصادي، هذه المنطقة التي تعد من أكثر الدول الغنية بالثروات الطبيعية، التي يمكنها إثراء العالم، لذلك جاء الاهتمام بها ضمن المناقشة العامة للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة، حيث ناقش اجتماع رفيع المستوى كيفية تنمية هذه الدول، وشارك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في الاجتماع إلى جانب قادة دول الساحل في أفريقيا.

وقال جويتريش:” إن الوضع ملّح، حيث تزداد الحالة الإنسانية سوءا بسبب انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي في منطقة الساحل. “في بعض المناطق، فقدت الدول إمكانية الوصول إلى سكانها بالكامل” إذ تعمل الجماعات المسلحة غير الحكومية على إحكام قبضتها على المنطقة.، وأشار جوتيريش إلى استمرار العنف العشوائي في قتل وإصابة آلاف المدنيين الأبرياء، بينما يجبر ملايين آخرون على الفرار من ديارهم.

وقال: “تتحمل النساء والأطفال على وجه الخصوص وطأة انعدام الأمن والعنف وتزايد عدم المساواة.، كما أن التقارير عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الجماعات المسلحة غير الحكومية – وكذلك الأمن في بعض الأحيان – تشكل مصدر قلق بالغ”. ودعا جوتيريش إلى تجديد الجهود الجماعية لتعزيز الحكم الديمقراطي واستعادة النظام الدستوري في جميع أنحاء المنطقة.، قائلاً: “إن سيادة القانون والاحترام الكامل لحقوق الإنسان أمران لا غنى عنهما لضمان الأمن والتنمية المستدامة.، أوضح أن الأزمة الأمنية في منطقة الساحل تشكل تهديدا عالميا. وإذا لم يتم فعل شيء، فإن “آثار الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة سوف تكون محسوسة خارج المنطقة والقارة الأفريقية.”

هذا وقد حذرت تقارير الأجهزة الأمنية الاستخبارية في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، من تحول دول الساحل الأفريقي، إلى “قوس الأزمات” بعدما أصبحت «بيئة حاضنة» للتنظيمات الإرهابية، التي تستغل عوامل الضعف التي تتسم بها دول الساحل، جنوب الصحراء، وأن الخناق الذي بدأ يضيق على الإرهاب الدولي في كل من سوريا وليبيا وحتى في حوض بحيرة تشاد، دفع الجماعات الإرهابية نحو البحث عن متنفس جديد لها في البلدان التي تعاني هشاشة أمنية من شأنها أن تمكّنها من منفذ للتموقع، فالإرهاب يبحث عن موطئ قدم له في بلدان لا تمتلك الخبرة اللازمة لمواجهته.

وأوضح تقرير مركز الدراسات الأمنية الفرنسي، المقرب من دائرة الاستخبارات الفرنسية، أن منطقة دول الساحل أصبحت تمثل تهديدا أمنيا للسلام والأمن الدوليين، مع تمدد خلايا وقواعد الجماعات الإرهابية والتكفيرية، من دول الشمال الأفريقي العربي، ووجدت منفذا إلى دول الساحل، خاصة تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي تعود أصوله إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، إضافة إلى الدور المتزايد لجماعة بوكو حرام في تهديد دول المنطقة مثل نيجيريا، ومالي والكاميرون وتشاد، وبوركينا فاسو.

ويؤكد الخبير الأمني البريطاني، الكولونيل جورج سوليني، أن المساحات الواسعة لمنطقة الصحراء الكبرى وساحل غربي أفريقيا، أصبحت الآن المناطق المفضلة لنشاط الجماعات الإرهابية، حيث تفتقر هذه المنطقة الشاسعة للمشاريع التنموية، إضافة إلى أنها تعيش في ظل فراغ أمني، وهناك نحو 100 مليون قطعة سلاح منتشرة في القارة خصوصا في منطقة الحدود، مع وجود عناصر من المتمردين “المحليين” والذين يبحثون عن الأسلحة لتحقيق مطالبهم .، والعامل المساعد على توطين الجماعات الإرهابية في دول الساحل الأفريقي، وهو ضعف نموذج بناء الدولة في أفريقيا عموماً وفي دول الساحل الأفريقي خصوصا، التي تم اختراقها بشكل كبير من قبل الجماعات الإرهابية مثل “جماعة بوكو حرام” التي انطلقت من نيجيريا واستطاعت أن تخترق الدول المجاورة، وكذلك “فروع وخلايا” تنتمي فكريا لتنظيم القاعدة، ومع تحركات من خلايا تنظيم داعش تنافس على إثبات وجودها في المنطقة، وفي ظل مناخ ملائم حيث إن نظم الحكم في المنطقة عبارة عن أنظمة يصعب فهمها، بين نظم الحكم العسكرية والمدنية. فهناك نحو 29 دولة إفريقية شهدت بين عامي 1984 – 2004، إقصاء للعديد من الرؤساء عبر الانقلابات العسكرية.

هذا وقد تعهد الاتحاد الأفريقي في كانون ديسمبر 2021، مع الأمم المتحدة بالعمل سويا، جنبا إلى جنب مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، من أجل تحسين العمل العالمي بشأن الأمن والحوكمة والتنمية عبر منطقة الساحل.، تمت دعوة رئيس جمهورية النيجر السابق، محمدو إيسوفو، لقيادة فريق رفيع المستوى حول الأمن والتنمية في الساحل. سيقوم الفريق بإجراء تقييم مستقل وتقديم توصيات محددة لمعالجة الأزمة متعددة الأوجه وتعبئة الموارد اللازمة للاستجابة المستدامة لها.

وقال يسوفو في الاجتماع رفيع المستوى إن الأمر لا يتعلق فقط بدول الساحل، بل أيضا ببعض دول جنوب الصحراء الكبرى وحوض بحيرة تشاد وخليج غينيا وتابع: “سيقوم الفريق بفحص مجال التقييم الاستراتيجي كإطار سياسي مع تقييم الحدود والمراكز والطرق والحركة – كل ذلك على المحك بالنسبة للجهات الفاعلة سواء الحليفة أو المتخاصمة، والمكان حيث يتعيّن على الدول الضعيفة أو المستضعفة التي لم تكن قادرة على إتمام تحوّلها الديمقراطي أو أنها في وسط تحوّل ديمقراطي، أو في خضم حرب أو في حرب ضد الإرهاب أو الجريمة المنظمة – جميعها عليها أن تتصارع مع النزاعات القبلية– كل ذلك سيتم فحصه.”، مشيراً إلى أن التقييم سيمكن من تحديد الأسباب العميقة التي تقف وراء انعدام الاستقرار في الساحل والنتائج من أجل بلورة اقتراحات محددة وملموسة قابلة للتطبيق على الفور، لإدارة الحياة العامة.، ومضى قائلا: “يمكننا الآن رؤية أن مرحلة الإعداد انتهت، والآن سيبدأ التقييم. أعتقد أن هذا الاجتماع هو منصة الإطلاق لهذه المرحلة الجديدة.” والآن يعتمد الأمر على الدول وشركائها للعمل معا حتى تبدأ المشاورات السياسية والفنية.

وأكد أن المشاورات بدأت بالفعل على هامش أعمال الجمعية العامة.وقال: “جميع الدول والمؤسسات التي تمت استشارتها وعدتنا بالدعم عبر المشاركة النشطة في التقييم وخاصة في تنفيذ التوصيات التي ستنتج عن التقييم.”، وأشار إلى أن الهدف هو اقتراح حلول واقعية قريبة أكثر ما يمكن من شواغل الناس. وأشار إلى وجود مخاطر انفجار داخلي، ودعا السيد إيسوفو المجتمع الدولي إلى وضع الساحل كأولوية، وعدم التخلي عنه لأن ذلك سيكون خطأ.

جدير بالذكر أن فريقي ايسوفو يتألف من د. دونالد كابروكا، وزير المالية السابق في رواندا، والرئيس السابق لبنك التنمية الأفريقي. والسفيرة ليلى زروقي، ممثلة الأمين العام السابقة والرئيسة السابقة لبعثة مونوسكو، كما يضم الفريق سوياتا مايغا، المحامية والرئيسة السابقة للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والدكتور محمد بن شمباس، ممثل الأمين العام السابق لغرب أفريقيا والساحل.

تاريخ الخبر: 2022-09-23 18:21:55
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:11
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:17
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

سعيد بنكراد.. يكتب "تَـمَغْربيتْ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:25:52
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

سعيد بنكراد.. يكتب "تَـمَغْربيتْ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:00
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية