ثمّن المهندس على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الحكومة والخبراء لإقامة مؤتمر اقتصادى نهاية الشهر الحالى، لحصر المشكلات وحلها بما يحفز الاستثمار ويتوافق مع سياسات الدولة الرامية لجذب رءوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة.

وقال، فى حواره لـ«الدستور»، إن دعوة الرئيس لانعقاد مؤتمر اقتصادى للاستماع لكل الأطراف تخدم الوطن والمواطن وترسى مبدأ الحوار مع جميع القوى، وتعكس مدى قوة الدولة واتزانها وعزمها على تحقيق التنمية الشاملة ومواجهة التحديات الاقتصادية، وتخدم وضع خريطة طريق واضحة لتعزيز الاقتصاد.

وطالب «عيسى» بوضع خطة لدعم الصناعة الوطنية وتطوير شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام لتحقيق حلم الوصول إلى ١٠٠ مليار دولار صادرات سنويًا، مع تحفيز الاستثمار فى السياحة، وقيد المزيد من الشركات فى البورصة، ومواجهة الغلاء بالتوسع فى المبادرات المجتمعية وتشديد الرقابة على الأسواق.

■ ما تقييمك لوضع الاقتصاد المصرى حاليًا، على ضوء تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية؟

- نجح الاقتصاد المصرى فى المرور بأمان من الأزمات الاقتصادية العالمية، عقب جائحة فيروس «كورونا»، وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، التى عصفت باقتصاديات دول عظمى وأدخلت بعض الاقتصاديات فى دائرة الجمود والشلل والركود.

دعم عجلة الإنتاج وخلق بيئة جاذبة للمستثمرين والقطاع الخاص أفضل وسيلة لتعزيز قوة الاقتصاد، حاليًا وخلال الفترة المقبلة، وسط حالة من الغموض تغلف مستقبل العالم اقتصاديًا.

تسببت الحرب الروسية الأوكرانية فى خسارة الاقتصاد العالمى نحو تريليون دولار هذا العام، ورفعت أسعار كل شىء كالنفط والغاز والفحم، والمعادن كالذهب والفضة والنحاس، والحبوب كالقمح والذرة.

أحدثت الحرب اضطرابًا فى أسواق المال والتجارة الدولية، وسارعت البنوك المركزية لرفع الفائدة على نهج الفيدرالى الأمريكى، ما تسبب فى رفع أسعار الدولار أمام العملات الوطنية.

يتوجب علينا حماية الفقراء من خلال دعم السلع الغذائية وتوسيع إجراءات الحماية الاجتماعية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ونشر ثقافة ريادة الأعمال.

أيضًا علينا ضبط الاستيراد ودعم السياحة وتحفيز الاستثمار السياحى لتوفير فرص عمل، ودعم الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الغذائية.

■ كيف تستطيع الحكومة التخفيف من الأعباء الاقتصادية ونيل رضا المواطنين؟

- وجه الرئيس الحكومة بإعداد حزمة من الإجراءات لتعزيز الحماية الاجتماعية لتخفيف آثار التداعيات الاقتصادية العالمية على المواطن المصرى.

يتوجب على الحكومة أن تعمل على مد شبكة الحماية للمواطنين المستحقين ومنهم العمالة غير المنتظمة، وأن تسعى لخفض معدلات الفقر وحماية الطبقات الفقيرة وتمكينها اقتصاديًا ومساعدتها على الاندماج فى العملية الإنتاجية وصرف دعم مالى مباشر للعائلات الأكثر احتياجًا.

كذلك تعزيز خدمات الرعاية الصحية، وتصميم برامج تعليمية محددة للمتسربين من التعليم، مرتبطة ببرامج تدريب مهنى، وإكسابهم مهارات جديدة، تساعدهم على الاندماج فى سوق العمل. 

أيضًا يوجد أهمية لإجراء ربط حقيقى لقواعد بيانات مختلف برامج الدعم التى تشرف عليها وزارات عدة لضمان وصول الدعم لمستحقيه.

■ هل نجح برنامج الإصلاح الاقتصادى فى تحقيق أهدافه؟

- نجح البرنامج بالفعل فى تحقيق العديد من المكتسبات، على رأسها رفع كفاءة مؤشرات الاقتصاد الكلى لمصر، وهو ما يمهد الطريق لمواجهة أى تحديات واضطرابات اقتصادية قد تطرأ نتيجة لعوامل خارجية بالأساس، حيث كان لمكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادى بالغ الأثر فى حماية الاقتصاد من التقلبات المفرطة والأزمات الدولية.

ساعدت الإصلاحات الهيكلية التى تبناها كل من البنك المركزى والحكومة فى اتخاذ إجراءات اقتصادية وتنفيذ حزم تحفيز استثنائية على مدار العامين الماضيين بهدف توفير الدعم للمواطنين وتخفيف العبء عنهم خلال أزمة فيروس «كورونا» وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

خلال الفترة الأخيرة، بدأت الضغوط التضخمية العالمية فى الظهور من جديد بعد بوادر تعافٍ للاقتصاد العالمى من الاضطرابات الناجمة عن جائحة فيروس «كورونا»، لكن هناك انتكاسة حدثت نتيجة تطورات الصراع الروسى الأوكرانى، حيث ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمى نتيجة هذا الصراع.

يأتى على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ فى الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، إضافة إلى تقلبات الأسواق المالية فى الدول الناشئة ما أدى إلى ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجى.

أعتقد أن هناك حاجة للمزيد من الإجراءات الاقتصادية التى تتخذها الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة.

■ وكيف يضمن الاقتصاد الوطنى النجاة من العاصفة الاقتصادية العالمية؟

- عليه التوسع فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لأن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمثل ٩٨٪ من إجمالى عدد المشروعات فى مصر، أما من حيث الناتج والمساهمة فى الاقتصاد فلا تزيد مساهمته على ٥٠٪ ويوظف ٧٠٪ من إجمالى العمالة. 

تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر العمود الفقرى للاقتصاد المصرى، بعدد ٢.٥ مليون مشروع.

وفق تقرير للأمم المتحدة، فإن المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تكتسب أهمية حيوية فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة فى تعزيز الابتكار والإبداع وتوفير العمل اللائق للجميع.

هناك أهمية لتعزيز فرص حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم على التمويل عبر القطاعات الرئيسية للاقتصادات الوطنية بما يساعد فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. 

تستطيع المشروعات الصغيرة تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير فرص العمل وتشغيل ملايين الشباب، وهى كلمة السر فى قوة أى اقتصاد، ومن شأنها الحد من الفقر والبطالة، وإنعاش الجنيه مقابل سلة العملات الأجنبية خاصة الدولار، من خلال زيادة التصدير.

تلك المشروعات تعمل على تحقيق طموحات الشباب، وتمكينهم فى مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، خاصة أنها لا تحتاج لرأسمال كبير. 

سبق للرئيس السيسى أن وجه الحكومة فى أكثر من مناسبة بدعم المشروعات الصغيرة.

فى الولايات المتحدة، تشكل المشروعات الصغيرة نحو ٩٧٪ من إجمالى المشروعات الأمريكية، وتسهم فى حوالى ٣٤٪ من الناتج القومى الإجمالى الأمريكى، وتخلق ٥٨٪ من إجمالى فرص العمل المتاحة، وفى كندا تسهم فى توفير ٣٣٪، وفى اليابان ٥٥.٧٪، وفى الفلبين ٧٤٪، وفى إندونسيا ٨٨٪، وفى كوريا الجنوبية ٣٥٪.

تعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة عصب الاقتصاد الوطنى كونها المشغل الأكبر للأيدى العاملة، وتسهم فى زيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم المتحققة من المنتجات التى تصنعها.

ويجب تيسير تأسيس هذه المشاريع وتوفير الدعم المادى حتى تتمكن من توسيع نطاق عملها، وأن أهم العقبات أمام هذه المشروعات هو صعوبة التمويل وإجراءاته، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والطاقة، وقلة وجود الدعم المجتمعى لها.

■ لو طلبنا منك كتابة روشتة علاج لبعض جوانب القصور فى الاقتصاد، فما أبرز النصائح التى توجهها للحكومة فى هذا الشأن؟

- يتوجب على الحكومة القيام بعدة إجراءات لتوفير السيولة من النقد الأجنبى، وذلك بزيادة الاعتماد على المكون المحلى فى الصناعة، بدلًا من الاستيراد، وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير التمويلية، وتسهيل إجراءاتها وتراخيصها، وإزالة معوقات الضرائب والجمارك، ودفع مستويات التصدير للأمام. 

علينا تنشيط عمليات التجارة البينية مع الدول العربية، خاصة دول الخليج، لدعم نشاط الصناعات المحلية ورواجها فى الدول العربية، وإطلاق حوافز تيسيرية لقطاع الصناعة وتقليل العوائق التى تواجهه، وتشجيع الشباب والمستثمرين. 

أطالب بالتمكين الاقتصادى للمرأة، خاصة المرأة المعيلة، وصاحبات المشروعات الصغيرة، خاصة فى قرى الدلتا والصعيد، من خلال توعيتهن وتقديم الدعم المالى والمعنوى لهن.

يجب تغيير وتعديل بعض القوانين واللوائح التنفيذية لتصبح عصرية وأكثر مرونة لكى تتوافق مع الممارسات الدولية فى قطاع التعدين وتسهيل الحصول على التراخيص، وللتغلب على المشكلات السابقة أمام استثمار الثروة المعدنية بشكل مناسب.

هناك أهمية قصوى لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، والروتين الحكومى، وإقامة نظام اقتصادى يشترك فيه الجميع، وإشراك المجتمع فى التخطيط والتنمية المستدامة وكتابة عقد اجتماعى جديد، يشمل جميع فئات المواطنين.

أيضًا يتوجب تحديث مئات القوانين الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، لأن معظم التشريعات مر عليها أكثر من ٥٠ عامًا ولم تتغير، فهى قوانين قديمة جدًا. 

تمثل السياحة رقمًا مهمًا فى أى معادلة اقتصادية، فما السبيل لتحقيق أقصى استفادة منه؟ 

- يتوجب علينا تطوير قطاع السياحة لأنه واحد من أهم القطاعات التى توفر العملة الصعبة، وتدعم الدخل القومى.

لدينا مقومات مهمة مثل الشواطئ والمنتجعات السياحية، ولا بد أن نهتم بالسياحة أكثر، وأن نتوسع فى عقد تدريبات وندوات للعاملين بها لتحسين السلوكيات، بما يساعد على جذب أعداد أكبر من السياح من مختلف البلدان.