«التسوويون» ومنطقهم


خالد فضل

مجدداً وفي كل حين نترحم على أرواح شبابنا من الأولاد والبنات؛ أولئك الأخيار الذين صعدوا إلى عليائهم زكاة يؤدونها نيابة عنّا (كما في قول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام)، ومجدداً تفتح المناسبات الجراح، فقد كان من ضمن الطلاب الذين ظهرت نتائج شهاداتهم الثانوية لهذا العام، طالبين اثنين أحرزا النجاح، ومسبقا كانا قد إرتقيا عاليا عاليا في سلم المجد والخلود فداء لوطنهم وشعبهم، وإذا كان السيد وزير التربية والتعليم المكلّف أستاذنا المحترم الحوري؛ قد أشاد ضمن من أشاد بهم وراء نجاح الإمتحانات، وجميعهم من مستحقي تلك الإشادة بيد أنّ اثنين منهما، قائد الإنقلاب ونائبه يسألان قبل الإشادة المجانية، عمّن أزهق أرواح الطالبين الشهيدين محمد ماكس وعمر زهير، ورفاقهم رفيقاتهم من الأبرار؟ فهل توفيا قضاء وقدر إثر حادث سير أثناء استفادتهما من برنامج (وصلني) الذي اقترحته ورعته حتى التنفيذ في كل الولايات الأستاذة سهير عبدالرحيم التي حظيت بإشادة مستحقة من جانب الوزير المكلّف، أم أنّ من قتل الطالبين وأضرابهما من الشهداء هي عناصر القوة الثالثة غير المرئية؛ تلك القوة السحرية التي تتخفى فلا تفكّ طلاسمها كل القوات المشتركة المدججة بكافة الخبرات والعتاد والجند والمدرعات تسعدها الحاويات في مداخل الجسور عدا جسري سوبا والحلفاية -كما تقول بيانات اللجنة الأمنية لولاية الخرطوم- قبيل كل مليونية مبرمجة وفق جداول التصعيد الثوري!!

كل تلك التعبئة العسكرية والأمنية باهظة التكاليف لا تستطيع حتى آخر مليونية في ظهيرة يوم إعلان النتائج (الخميس 29 سبتمبر2022م) من معرفة من يقتل أولادنا وبناتنا في شوارع الخرطوم بوضح النهار، بمن فيهم الطالبين اللذين أرسلت نتائجهما دون شك ضمن كشوفات المدارس التي جلسا فيها للإمتحانات ثم خرجا مع رفاقهم فداء للشعب والوطن نشداناً لمستقبل مضئ بعد عقود من الظلام الدامس وعتمة الديكتاتورية والعسكرية البغيضة، ليقرأ زملاؤهم الاسمين وأمام كل واحد منهما درجة نجاحه التي أحر، وهما في واقع الأمر أحرزا أعلى درجات الكمال الإنساني؛ الإستشهاد من أجل المثل العليا والقيم الرفيعة، وكأني بصلاح أحمد ابراهيم يعنيهم :

 نترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا لنا ذكر وذكرى

 من فعال وخُلق

 ولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الكادحين

 وولاءٌ حينما يكذب أهليه الأمين

 ولنا في خدمة الشعب عرق

نعم، ما أقسى تلك المناسبة على أسرهم الكليمة ورفاقتهم المقربين وزملائهم الواعدين، يا للحسرة، يقتل القاتل طلابنا ثم يتلقى التهنئة والإشادة من الوزير المختص بشؤون التعليم!! فهلا ترحم أستاذنا الحوري في مفتتح خطابه على أرواح الشهداء ومن ضمنهم طالبين يعلن في نتائج جهدهما الأكاديمي؟ أم أنّ الترحم على أرواح الشهداء عمل لا يليق بمن جاء به الإنقلابيون وزيرا!!

فقد رأينا سلطة الإنقلاب تنزع عن منظمة أسر الشهداء مقرّها الكائن في شارع البلدية وتعيده لمنظمة الدعوة الإسلامية ما صادرته لجنة تفكيك نظام 30 يونيو1989م تلك اللجنة المغضوب عليها لأنها كشفت مواطن الفساد وآباط الشيطان -والتعبير للروائي بركة ساكن في رماد الماء- نعم تعيد سلطة الإنقلاب كل منظمات وواجهات العهد المباد وتنزع أرواح وليداتنا وبنياتنا بوساطة القوة الثالثة الخفية!! ويعدم الشهداء من يترحم عليهم من وزراء كلفهم الإنقلابيون باعادة تمكين الفلول.

ثم ماذا يرجو من يرومون التسوية؟ ما حجتهم أمام الشهداء والمكلومين؟ التسوية بدون عدالة تسمى خيانة، من الأفضل أن يتسربل الأذيال التابعين للمؤتمر الوطني بثياب الوطنية ولو بـ(السيسي) ويشكلوا مع الإنقلابيين ما يشاؤون من حكومات الأراجيز، وتجتمع جميع النفايات الأخلاقية في سلة واحدة، وأربأ بثائر أن يساق إلى مكب الزبالة.

المجد للشهداء، الشفاء للجرحى، والفجر آتٍ لا محالة، فجر الحرية السلام والعدالة .

تاريخ الخبر: 2022-10-01 15:23:14
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

تويزي لابن كيران: رجالات الدولة لا يسربون ما دار بينهم وبين الملوك

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 21:09:44
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

مقاطعة مرس السلطان تبحث عن رئيس جديد خلفا لبودريقة المعزول

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 21:08:44
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 73%

ارتفاع حصيلة وفيات التسمم الغذائي بمراكش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 21:08:41
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 78%

تفكيك عصابة الصيد غير المشروع بالناظور

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 21:08:46
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 78%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية