بعد أسابيع من إعلان أن "يو بي إس"، أكبر مدير للثروة في العالم، سيدخل في السوق الأمريكية المزدحمة في أواخر العام الماضي، تلقى الرئيس التنفيذي رالف هامرز عرضا مثيرا للاهتمام.
اقترح مستشارو "ويلث فرونت"، وهي شركة ناشئة في كاليفورنيا تستخدم الذكاء الاصطناعي لبيع منتجات استثمارية، أن على "يو بي إس" شراء الشركة.
ستسمح الصفقة لهامرز، الذي صنع اسمه كبطل رقمي يدير بنك آي إن جي الهولندي، بوضع بصمة على البنك بأول عملية استحواذ كبيرة له منذ الأزمة المالية.
مع ذلك، بعد الموافقة على دفع 1.4 مليار دولار نقدا لـ"ويلث فرونت"، تخلى "يو بي إس" عن الصفقة هذا الشهر دون تفسير. بعد أيام، أعلن البنك أنه سيعيد مزيدا من الأموال إلى المساهمين، على الرغم من أن كبار المسؤولين التنفيذيين قالوا إن القرارين غير مرتبطين.
هامرز، الذي تم اختياره بعناية قبل عامين من قبل رئيس "يو بي إس" آنذاك أكسل ويبر لخلافة سيرجيو إرموتي، جعل من وجود البنك المتزايد في الولايات المتحدة وتطوير مدير ثروة رقمية لما يسمى بتكتل العملاء الأثرياء ركيزة أساسية لاستراتيجيته.
لكن عملية الاستحواذ المحبطة أعاقت تلك الخطط، والآن يتعرض الهولندي البالغ من العمر 56 عاما إلى ضغوط لتحقيق ذلك، إلى جانب ثلاثة مسؤولين تنفيذيين مؤثرين في البنك.
كولم كيلير، رئيس البنك الذي يحظى باحترام دولي، ونورين حسن، التي تم تعيينها أخيرا رئيسة خبيرة في مجال التكنولوجيا لأعمال البنك في الولايات المتحدة، وإقبال خان الطموح بشدة، الذي تم تمديد دوره كرئيس لإدارة الثروات، وينظر إليه على أنه الرئيس التنفيذي المستقبلي، جميعهم مهتمون بشدة باستراتيجية السوق الأمريكية.
قال مسؤول تنفيذي مصرفي قريب من التسلسل الهرمي لبنك يو بي إس: "هناك كثير من السياسات الداخلية الجارية. تراقب السوق عن كثب كيف سينفذ البنك الديناميكية".
من خلال عديد من المقاييس، تمتع هامرز بعامين ناجحين من الرئاسة. خرج البنك السويسري من جائحة فيروس كورونا بسلسلة من النتائج القياسية، حيث استفاد عملاؤه الأثرياء من ضخ البنوك المركزية للسيولة في النظام المالي.
كانت الاضطرابات في منافسه الشرس "كريدي سويس" مفيدة أيضا، حيث سمحت لهامرز بالاستقرار في هذا الدور دون تدقيق شديد. على الرغم من أنه يبدو ظاهريا أنه يعمل كالنحو المعتاد، إلا أنه أمضى الوقت في إعادة تنظيم فريقه التنفيذي وإجراء تغييرات هيكلية داخلية.
قال مصرفي مقيم في زيورخ: "ركز الجميع في سويسرا على بنك كريدي سويس خلال العامين الماضيين. لم يكن أي شخص قلقا جدا من بنك يو بي إس، لأنه كان يواجه التقلبات الدورية".
عندما أعلن بنك يو بي إس عن خسارة تداول قدرها 861 مليون دولار مرتبطة بانهيار مكتب العائلة أرشيجوس في نيسان (أبريل) الماضي، مثلا، طغت على الأخبار خسارة بقيمة 5.5 مليار دولار في بنك كريدي سويس.
بدأ هامرز الكشف عن استراتيجيته الكبرى للبنك في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. عندما عين كيلير رئيسا بعد بضعة أشهر، كانت تجربته كرئيس سابق لمورجان ستانلي بمثابة بشارة على أنها مناسبة للاستراتيجية، بالنظر إلى المكانة الرائدة للبنك الأمريكي في سوق الثروة في البلاد.
وفقا لأشخاص مطلعين على علاقتهم، كيلير أخذ هامرز تحت مسؤوليته. قام الأيرلندي البالغ من العمر 65 عاما بتدريب هامرز على كيفية التواصل مع المستثمرين الدوليين، الذين هم أقل اهتماما بثقافة العمل المرنة للبنك وأكثر تركيزا على أهداف الربح لمدة ثلاثة أعوام.
في المحادثات الأسبوعية التي استمرت لمدة ساعة، كيلير المتحدث الصريح، منع هامرز من استخدام الكلمات الطنانة للإدارة مثل "النظم البيئية" و"الغاية"، على حد قول الناس.
شرع كيلير وهامرز في حملة ترويجية في الولايات المتحدة لإقناع مزيد من مديري الأصول الأمريكيين بأن يصبحوا كبار المساهمين في محاولة لتقريب تقييم البنك من نظرائه في وول ستريت. ردود الفعل، وفقا لأشخاص على دراية بالمحادثات، هي أن المستثمرين كانوا متقبلين، لكنهم ينتظرون رؤية هامرز يفي باستراتيجيته.
رفض "يو بي إس" تقديم تعليق على هذا المقال.
في حين أن "يو بي إس" هو واحد من أكثر البنوك قيمة في أوروبا، حيث تبلغ نسبة السعر إلى الدفتر 1 - التي تقارن قيمته السوقية بإجمالي أصوله - فإنه يتداول بأقل من سعر السوق لمقرضي وول ستريت حيث تبلغ نسبة جي بي مورجان 1.3 ومورجان ستانلي 1.56.
قال أحد أكبر عشرة مساهمين في "يو بي إس": "تزداد أهمية كولم كيلير ويتزايد تأثيره في الاستراتيجية طويلة المدى. لديه حضور قوي وكثير من التفاعلات مع العملاء والأفراد ذوي الملاءة المالية العالية والمستثمرين".
جاء التخلي عن صفقة "ويلث فرونت" في الوقت نفسه الذي تمت فيه تعديلات على المناصب العليا في "يو بي إس"، حيث أصبح خان الرئيس الوحيد لأعمال إدارة الثروات في البنك، وتولى مسؤولية الأمريكيتين مع تقاعد رئيسه السابق توم ناراتيل.
عين البنك أيضا نورين حسن كرئيسة عامة لأعمال الأمريكيتين من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، حيث كانت نائبة أولى للرئيس ومديرة التشغيل الرئيسة.
نورين، التي كانت سابقا كبيرة المسؤولين الرقميين في أعمال الثروة في مورجان ستانلي، تم تكليفها بقيادة النمو الاستراتيجي والخطط الرقمية لبنك يو بي إس في الأمريكتين، وهو موجز تضمن في البداية دمج "ويلث فرونت".
يقول مصرفي يعرفها جيدا: "إنها ذكية جدا وكانت ستنظر في صفقة ويلث فرونت تلك بدقة". قال مسؤول تنفيذي كبير في "يو بي إس": إنه بينما ظلت الاستراتيجية العامة للولايات المتحدة كما هي، كانت لدى نورين أفكارها الخاصة حول كيفية تنفيذها.
نظر المحللون إلى عملية الاستحواذ على "ويلث فرونت" باعتبارها رمزية أكثر من كونها تحويلية، نظرا لغياب الوضوح بشأن البيانات المالية للتكنولوجيا المالية التابعة للشركة والأصول الخاضعة للإدارة البالغة 27 مليار دولار مقارنة بـ3.9 تريليون دولار في "يو بي إس".
أوضح البنك للمستثمرين أن "ويلث فرونت" ستوفر خدمات الاستثمار لمنصة ورك بليس ويلث سولوشنز التابعة ليو بي إس، وأيضا جلب موظفين تقنيين في الشواغر الوظيفية الصعبة، وفقا للأشخاص الذين تم إطلاعهم على تلك المناقشات.
لكن التقييمات المتدهورة لشركات التكنولوجيا المالية هذا العام - التي انخفضت في المتوسط بأكثر من 50 في المائة، مقارنة بانخفاض 29 في المائة في مؤشر ناسداك المركب - جعلت سعر ويلث فرونت البالغ 1.4 مليار دولار يبدو باهظ الثمن.
كما تعرض سجل هامرز في الصفقات التقنية السابقة إلى لتدقيق في الآونة الأخيرة. أكمل بنك آي إن جي هذا العام تصفية شركة المدفوعات الفرعية المثيرة للجدل "باي فيجين". في 2018، تحت إدارة هامرز، اشترى آي إن جي حصة أغلبية في "باي فيجين". التي تقدر قيمتها بـ360 مليون يورو. أغلقت "آي إن جي" أيضا يولت، وهو تطبيق للتمويل الشخصي تم إطلاقه في 2016.
مع انتهاء الاتجاه الصعودي الطويل في أسواق الأسهم وتباطؤ الاقتصاد العالمي، يجب على هامرز الآن تنفيذ استراتيجيته على خلفية أقل تسامحا بكثير.